ماذا تعرف عن مسلمه بن عبد الملك ( الجزء الأول )
إعداد/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الحديث ومع الخلافه الأمويه ومع والى من الولاه فى الدوله الأمويه وهو مسلمه بن عبد الملك، وهو أبو سعيد مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأُموي القرشي وقد ولد فى عام سته وستين من الهجره، فى شهر المحرم، وهو أمير أُموي، وقائد عسكري، ووالي، ومعنى أموي وهى الدوله الأمويه وهى أكبر دولة وثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وهى واحدة من أكبر الدول الحاكِمة في التاريخ، وقد كان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاكمة، وكانت عاصمة الدولة في ذلك الوقت هى مدينة دمشق، وقد بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك، إذ امتدت حدودها من أطراف الصين شرقا حتى جنوب فرنسا غربا، وتمكنت من فتح أفريقية والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسند وما وراء النهر.
وكان مسلمه بن عبد الملك سياسي ورجل دولة، ومعنى رجل دولة فهى عادة ما يكون سياسي، أو دبلوماسي أو غيره من الشخصيات العامة البارزة وهم أصحاب حياة مهنية طويلة ومحترمة على الصعيد الوطني أو الدولي، وقد برز مسلمه بن عبد الملك ما بين عام سته وثمانين من الهجره، حتى عام مائه وواحد وعشرين من الهجره، ةكان ذلك بخوضه الكثير من المعارك والغزوات والحملات العسكرية على كل من الإمبراطورية الرومية البيزنطية وإمبراطورية الخزر والخوارج والجراجمة، وأما عن الإمبراطوريه البيزنطية فهم كانوا يعتبرون أنفسهم الروم وسمتهم كذلك أيضا الشعوب المحيطة، وقد كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية امتدادا من العصور القديمة المتأخرة وحتى العصور الوسطى وتمركزت في العاصمة القسطنطينية.
وأما عن إمبراطورية الخزر، فكانت دولة حكمت الأراضي الواسعة من القرن السابع إلى القرن الحادي عشر جوار بحر قزوين من بحيرة وان ومن البحر الأسود إلى كييف، ومن بحر آرال إلى المجر، وهي دولة تركية في أوروبا الشرقية، وأما عن إمبراطورية الجراجمة أو يطلق عليهم المردة فهم مجموعة سكانية موطنهم الأصلي المناطق المحيطة بجبال الأمانوس، وقد ظهروا في التاريخ كشعب قاوم الأمويين في مناطق الثغور، ولا يعرف الكثير عن أصلهم غير أنه من المرجح اعتناقهم المسيحية الميافيزية أو المونوثيليتية، ويرجح مؤرخون كونهم مجموعة أرمنية أو إيرانية، كما تلمح تسميتهم بالجراجم بالمصادر السريانية والعربية انحدارهم من مدينة جرجم بقيليقيا، وأما عن مسلمه بن عبد الملك فكانت جل حروبه وأغلبها على الدولة الرومية البيزنطية.
وكان مسلمه بن عبد الملك خلال فترات متفرقة من حياته تولى العديد من المناطق والمدن، مثل مكة، وحلب، والعراق، وخراسان، وتولى إمارة أرمينية وأذربيجان وهى منطقة جنوب القوقاز، ثلاث مرات بأوقات مختلفة، والقوقاز الجنوبي وهو منطقة جغرافية سياسية يقع على حدود أوروبا الشرقية وجنوب غرب آسيا، وكان مسلمه والده هو الخليفة عبد الملك بن مروان الذي يُعد من أعظم الخلفاء، ويعد مؤسس الدولة الأموية الثاني، وجده هو الخليفة مروان بن الحكم، وهو أخ غير شقيق لكل من، الخليفة الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وهو عم لثلاثة من الخلفاء هم، الوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد، وابن عم لخليفتين هما، الخليفه الراشد عمر بن عبد العزيز، والخليفه مروان بن محمد.
وقد بدأت حروبه في عهد والده الخليفة عبد الملك بن مروان واستمر بشكل سنوي بغزو الروم والخزر خلال عهد أخيه الخليفة الوليد بن عبد الملك وأخيه الخليفة سليمان بن عبد الملك حتى استطاع غزوهم عام ثمانيه وتسعين من الهجره، وكان بعد هذا فقد توقف في عهد ابن عمه عمر بن عبد العزيز سنتين وعاد مجددا لميدان القتال بعهد أخيه الخليفة يزيد بن عبد الملك حيث قاتل جماعات من الخوارج في العراق واستطاع القضاء على ثورة يزيد بن المهلب في معركة العقر، وأما عن ثورة يزيد بن المهلب، فهي ثورة قام بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة في البصرة، ضد الأمويين وحكم يزيد بن عبد الملك، واستطاع الاستيلاء على البصرة ونواحي من العراق والأهواز وخرسان، وقد بدأت الثورة في عام مائه وواحد من الهجره، وقد استمرت حتى مدة عام حتى عام مائه واثنين من الهجره.
وكان ذلك عندما التقى جيش يزيد بن المهلب بجيش مسلمة بن عبد الملك، وانتهت المعركة بالقضاء على ثورة يزيد بن المهلب ومقتله، ومقتل آل المهلب جميعا، وأما عن معركة العقر وقعت سنة مائه واثنين من الهجره، بين جيوش يزيد بن المهلب وجيوش الامويين بقيادة مسلمة بن عبد الملك وانتهت بمقتل يزيد وحبيب أبناء المهلب بن أبي صفرة وفرار بقيتهم إلى خراسان قبل ان يلحق بهم القائد الاموي مدرك بن ضب الكلبي، ويقتل من بقي من الأسرة المهلبية بعد أن أمروا عليهم المفضل بن المهلب، وكان من أسبابها هو أنه كان يزيد بن المهلب واليا على العراق ثم خراسان ثم البصرة في خلافة سليمان بن عبد الملك وكان يزيد مقربا من سليمان ، ولما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة عزل يزيد بن المهلب وسجنه، فلما مات عمر ذهب غلمان يزيد بن المهلب .
وأخرجوه من السجن خوفا من الخليفة الجديد يزيد بن عبد الملك، الذي توعد وأقسم بقتل ال المهلب بسبب تعذيب يزيد بن المهلب أهل الحجاج بن يوسف الثقفي وجماعتة أهل ابي عقيل الثقفيين عندما كان يزيد واليا للعراق زمن سليمان بن عبد الملك، فقام بالقبض على اسرة الحجاج وجماعتة أهل ابي عقيل وقام بتعذيبهم ، وكان أهل ابي عقيل اصهارا ليزيد بن عبد الملك لان زوجتة هي أم الحجاج بنت محمد بن يوسف الثقفي وهو شقيق الحجاج بن يوسف وهي أم الوليد بن يزيد بن عبد الملك وهو أكبر أبناء يزيد، وأما عن مسلمه بن عبد الملك وفي عهد أخيه هشام بن عبد الملك عاد للجهاد فظل يحارب الروم والخزر حتى عام مائه وأربعة عشر من الهجره، ثم توقف لمدة ست سنين حتى عام مائه وواحد وعشرين من الهجره، وقد عاد لمحاربة الروم مره أخرى وهي السنة التي مات فيها.
وقد بدأ مسلمة حياته الحربية والعسكرية وهو فتى صغير كجندي في جيش عمه محمد بن مروان الذي فتح أرمينيا ومنطقة جنوب القوقاز، وأعطى مسلمة الفرصة الأولى ليبدأ عمله قائدا عسكريا إذ ولَّاه خلال فتوحاته في القوقاز على جيش وأمره بالذهاب لغزو الخزر في روسيا فهزمهم بعد حصار دام طويلا، وقد استولى على أقوى مدنهم، وكانت أولى غزواته على الروم بعدها مباشرة حيث استدعاه والده عبد الملك بن مروان مع عمه من القوقاز بسبب محاولة الروم غزو الشام فجهز جيشا ضخما واستعمل عليه مسلمة ووجه إلى الأناضول لغزو الروم، ومن حينها استمر يغزو بشكل سنوي حتى استطاع الوصول إلى عاصمة الدولة البيزنطية القسطنطينية وهى إسطنبول اليوم، وكان ذلك فى عام ثمانيه وتسعين من الهجره، وكاد أن يفتحها لولا الظروف المناخية والثلوج.
وكذلك الأمطار ومساعدة البلغار للروم واستخدام الروم لسلاح النار الإغريقية ووفاة الخليفة سليمان بن عبد الملك حيث أجبره الخليفة الجديد عمر بن عبد العزيز على العودة والانسحاب من الحصار، وأما عن النار الإغريقية التى استخدمتها جيوش الروم ضد مسلمه بن عبد الملك، فهو سائل حارق استعمله البيزنطيون كسلاح في حروبهم البحرية، حيث كانت تستخدم لإشعال النار على سفن العدو، وتتكون النار الإغريقية من مركّب قابل للاحتراق ينبعث من سلاح يرمي باللهب، وقد استخدم اليونانيون النار الاغريقية لأول مرة في معركة سيلايوم البحرية عندما حاصر الأمويون المسلمون القسطنطينية في حملة أرسلها معاوية بن أبي سفيان في عام ثلاثه وخمسين من الهجره، بقيادة ابنه يزيد بن معاويه، لمحاولة فتح القسطنطينية.