ماذا تعرف عن صلاة التطوع
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
إن من رحمة الله بعباده المسلمين سبحانه وتعالى، أن جعل لكل نوع من أنواع الفريضة تطوعا يشبهه، فالصلاة لها تطوع يشبهها من الصلوات، وكذلك الزكاة أيضا فلها تطوع يشبهها من الصدقات، وكذلك الصيام أيضا فله تطوع يشبهه من الصيام، وكذلك الحج، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى، بعباده ليزدادوا ثوابا وقربا من الله عز وجل، وليرقعوا الخلل الحاصل في الفرائض، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة، فمن التطوع في الصلوات، هى الرواتب التابعة للصلوات المفروضة وهي أربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وتكون بعد دخول وقت صلاة الظهر، ولا تكون قبل دخول وقت الصلاة، وركعتان بعدها، فهذه ست ركعات كلها راتبة للظهر، وأما العصر فليس لها راتبة، وأما المغرب فلها راتبة، ركعتان بعدها، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
وهى تختص الركعتان قبل الفجر بأن الأفضل أن يصليهما الإنسان خفيفتين، وأما عن صلاة التطوع فهي كل ما زاد على الصلوات الخمسِ المفروضة، من صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقد روى الشيخان البخارى ومسلم فى صحيحيهما، عن طلحة بن عبيدالله: أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلوات؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " خمس صلوات في اليوم والليلة " فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوّع " رواه البخاري ومسلم، وقد، روى أبو داود عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها " وهو حديث حسن.
وقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضى الله عنهما قال، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا عز وجل لملائكته، وهو أعلم بكل شئ " انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " وهو حديث صحيح، ولقد فرض الله سبحانه وتعالى، علينا خمس صلوات باليوم والليلة وهذه الصلوات هي بمثابة المطر الذي ينقي الروح والبدن من الأدران التي تعلق بها، فهي تزكية وهي تطهير وراحة وسكينة، ومن رحمة الله تعالى، بنا أن جعل بجانب الصلاة المفروضة صلاة التطوع، فهي ضرورية ومهمة لتكون صلاتنا كاملة تامة دون نقص.
وفي نفس الوقت سبب القرب والرفعة من الله يوم القيامة، فقد روى ابن ماجه عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " وهو حديث صحيح، وكذلك فإن صلاة التطوع ترفع درجاتِ العبد في الجنة يوم القيامه، فقد روى الإمام مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنت أبِيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: " سل " فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم : " أو غير ذلك " قلت: هو ذاك، قال: " فأعنى على نفسك بكثرة السجود " رواه مسلم، وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سألت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن عمل أعمله يدخلني الله به الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة " رواه مسلم، وأيضا صلاة التطوع هي كل صلاة سوى الصلاة المفروضة وهي سبب للقرب من الله ومحبته ورضاه كما في الحديث القدسي غن رب العزة سبحانه وتعالى" وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " ويكون التطوع في الصلاة على وجهين: فهو تطوع مقيد وهو ما حدده الشرع بحد، ثم التطوع المطلق، وهو الذي لم يضع له الشرع حد، ولذلك شرع الله لنا الكثير من النوافل مثل ركعتي الفجر والظهر وركعتي ما بعد المغرب وما بعد العشاء، والوتر، والضحى، وتحية المسجد، وصلاة التهجد، والتراويح وسواها الكثير وذلك لفتح أبواب الخير والحسنات من أوسع الأبواب، وإن صلاة التطوع في البيوت أفضل من صلاتها فى المساجد، فيستحب أن تكون صلاة التطوع في البيوت.
وقد روى الشيخان البخارى ومسلم فى صحيحيهما، عن زيد بن ثابت، أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، اتخذ حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلة، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا الصلاةَ المكتوبة " رواه البخاري وسلم، وقد روى أبو داود عن زيد بن ثابت، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة " وهو حديث صحيح، وأما عن حكم صلاة التطوع فهي سنة مؤكدة مستحبة غير واجبة.
أما صلاة الفريضة فهي واجبة ولذلك فتركها حرام ويعاقب تاركها ويجب على كل ذكر بالغ عاقل أن يصليها بالمسجد، بينما صلاة التطوع فلا يعاقب تاركها ولكن يثاب ويؤجر فاعلها وهي سبب في القرب من الله ورضوانه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يحرص أن يصلي شيئا من صلاته النافلة في منزله كما ذكر صلى الله عليه وسلم، حتى لا تصبح البيوت كالمقابر، وأفضلها ما كان في جماعة كالتراويح والاستسقاء فيكون الأجر مضاعفا مما لو كان وحده، كذلك المرأة تصلي صلاة النافلة في بيتها ولها أجر الرجال في جماعة ويسن لها أن تخرج للمسجد تصلي لكن يبقى أفضل مسجد للمرأة بيتها ومصلاها، وأيضا فإن صلاة التطوع تبدو أهميتها بارزة واضحة في أحاديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حين كان يوصي أصحابه بكثرة السجود لما فيه من قرب ورفعة يوم القيامة.
وكانت صلاة التطوع أيضا السبب في القرب من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهميتها أيضا أنها تسد مسد النقص في صلاة الفريضة، وذلك كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته: وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمّها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع، فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم" ولذلك كان حري بنا أن ندرك ذلك فنتزود من كل خير وذلك ليوم سنبحث فيه عن الحسنة الواحدة ولا يشفع لنا إلأ كل عمل صالح إدخرناه ليوم لا نفع فيه مال ولا بنون إلأ من أتى الله بقلب سليم، وأما الفرق بين صلاة الفرض وصلاة النافلة، فإن من أوضحها هو أن صلاة النافله
وهى صلاة التطوع هى تصح في السفر على الراحلة ولو بدون ضرورة، فإذا كان الإنسان في سفر وأحب أن يتنفل وهو على راحلته سواء كانت الراحلة سيارة، أم طيارة، أم بعيراً، أم غير ذلك فإنه يصلي النافلة على راحلته متجهاً حيث يكون وجهه، يومئ بالركوع والسجود، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يفعل ذلك، ومن الفروق بينهما أيضا أن الإنسان إذا شرع في فريضة حرم أن يخرج منها إلا لضرورة قصوى، وأما النافلة فيجوز أن يخرج منها لغرض صحيح، وإن كان لغير غرض فإنه لا تشرع الجماعة فيها إلا في صلوات معينة كالاستسقاء وصلاة الكسوف على القول بأنها سنة، ولا بأس بأن يصلي الإنسان النافلة أحيانا جماعة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي بأصحابه جماعة في بعض الليالي، فقد صلى معه مرة ابن عباس، ومرة حذيفة، ومرة ابن مسعود.