ماذا تعرف عن النعمان بن بشير (الجزء الأول)
إعداد / محمـــد الدكــــرورى
لقد خلق الله عز وجل، الإنسان وأهبطه إلى الأرض، وقد هيّأها له، فجعلها له قرارا، ومهادا، وبساطا، ليستقر فيها ويخلف بعضهم بعضا، وأنزل الله دستورا عظيما ليتحاكم إليه بنو البشر، وكان مما نص فيه قولا وعملا هو محاربة الطبقية والعنصرية والعصبية والكِبر وغمط حقوق الناس، والظلم المستشري في نفوسِ أهل النفوذ والقوة، ولقد جاء الإسلام مُرسيا قواعده على اعتبار أن التقوى هي الميزان الذي عليه توزن الأقوال والأعمال، ومن هنا يقول النبى الكيم محمد صلى الله عليه وسلم "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" فقد جعل معيار التفاضل بين الناس غنيّهم وفقيرهم، قويّهم وضعيفهم، هو تقوى الله عز وجل، ولقد قد جاء الإسلام قلبا وقالبا يدعو شرائح البشرية إلى ملمح عظيم، ومعلم جليل متمثلا في المساوة بين أجناس البشر، فلا فضل لعربي على أعجمي، ولا أعجمي على عربي،
ولا أبيض على أسود، ولا أسود على أبيض، إلا بالتقوى، والعمل الصالح، ولذلك أعلنها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مدوّية عام حجة الوداع، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس، إن ربّكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى " ثم قرأ قول الحق سبحانه وتعالى من سورة الحجرات فقال ﴿ إِن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ثم قال صلى الله عليه وسلم "ألا هل بلغت؟" قالوا، بلى يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم " فليبلغ الشاهد الغائب " وسوف نتحدث فى هذا المقال عن أول مولود ولد بالإسلام، ألا وهو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصاري الخزرجي، وهو يكنى أبو عبد الله.
وكان من أحد صحابة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرا فأتت به أمه وهى أخت عبد الله بن رواحة، تحمله إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فبشرها بأنه سيعيش حميدا ويُقتل شهيدا ويدخل الجنة، وقد اجتهد النعمان في طلب العلم النبوي، ورغم صغر سنه حرص على رواية الأحاديث، وقد أتاحت له ملازمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والقرب منه فرصة سماع الأحاديث وروايتها مباشرة، وقد ولاه معاوية بن أبي سفيان على الكوفة، تسعة أشهر، ثم عينه قاضيا في الشام، وكان كريما سخيا يحسن إلى الفقراء والمساكين، وقد تمتع النعمان بن بشير، بمنزلة كبيرة بين الصحابة الكرام، فكان معاوية بن أبى سفيان يقول يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير وقد رأيتم ما صنعت به، وكان معاوية بن أبى سفيان قد ولاه الكوفة وأكرمه.
وقد ولد النعمان سنة اثنتين من الهجرة النبوية الشريفة، وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وعد النعمان بن بشير، من الصحابة الصبيان باتفاق، وقد حدث عنه ابنه محمد بن النعمان والشعبي، وحميد بن عبد الرحمن الزهري، وأبو سلام ممطور، وسماك بن حرب، وسالم بن أبي الجعد، وأبو قلابة، وأبو إسحاق السبيعي، ومولاه حبيب بن سالم، وعدة، وكان النعمان بن بشير من أمراء معاوية بن أبى سفيان، فولاه الكوفة فى العراق فترة، ثم تولي قضاء دمشق بعد فضالة ثم تولي إمارة حمص، وقد قال البخاري ولد النعمان فى عام الهجرة، وقيل أنه وفد أعشى همدان على النعمان وهو أمير حمص، فصعد المنبر، فقال يا أهل حمص، وهم في الديوان عشرون ألفا هذا ابن عمكم من أهل العراق والشرف جاء يسترفدكم، فما ترون ؟ قالوا أصلح الله الأمير، احتكم له، فأبى عليهم، وقالوا، فإنا قد حكمنا له على أنفسنا بدينارين على كل فرد فينا.
فقال، فعجلها له من بيت المال أربعين ألف دينار، وقال سماك بن حرب، كان النعمان بن بشير، والله، من أخطب من سمعت، وقيل إن النعمان لما دعا أهل حمص إلى بيعة ابن الزبير ذبحوهن وقيل، قتل بقرية بيرين قتله خالد بن خلي بعد وقعة مرج راهط في آخر سنة أربعة وستين من الهجرة، والنعمان بن بشير، قد روى عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعن عمر وعائشة، ولم يدرك النعمان الجاهلية فقد كان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرا، حيث وُلد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار في جمادى الأول سنة إثنين من الهجرة، فأتت به أمّه تحمله إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميدا ويُقتل شهيدا ويدخل الجن، وكانت أمه هى السيده عمرة بنت رواحة وهى أخت عبد الله بن رواحة، وقد ذكر أنه كان أول مولود في الإسلام مع اختلاف المؤرخين في ذلك.
بينه وبين عبد الله بن الزبير, وروي أنه جاء، وهو صغير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه شخص آخر يضاهيه في العمر، ليشهد معه غزوة له، فاستصغرهما النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وردهما، وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وكان النعمان بن بشير الأنصاري منحرفا عن الإمام علي بن أبى طالب، وعدوّاً له, وخاض الدماء مع معاوية بن أبى سفيان خوضا، وكان من أمراء يزيد بن معاوية حتى قتل وهو على حاله، وقد اتخذه معاوية ورقة يلعب بها لصالحه وقد بلغ من وفائه لمعاوية أن حُظي بمنزلة كبيرة عنده, وكان يكرمه ويرفع من شأنه أمام أهل الشام, كما روى ابن سلام الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء حيث يقول، وكان معاوية يقول يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير وقد رأيتم ما صنعت به.
وكان ولاه الكوفة وأكرمه، والنعمان بن بشير كان أبوه هو بشير بن سعد بن ثعلبة وهو صحابي من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية والمشاهد كلها، وقد شارك بشير بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في فتح العراق، وقتل في معركة عين التمر، وقد أسلم بشير بن سعد، وشهد بيعة العقبة الثانية، وكان ممن يكتبون بالعربية في الجاهلية، ولما هاجر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، شهد معه المشاهد كلها، وكما عقد له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لواء سريتين الأولى في شعبان سنة سبعة من الهجره، إلى بني مُرّة في فُدك، أصيب فيها بشير في كعبه إصابة شديدة، فقيل مات، فمكث أياما عند يهودي في فدك، حتى تعافى وعاد إلى المدينة المنورة، والثانية في شهر شوال سنة سبعة من الهجره، إلى بني غطفان، وقد أصاب فيها وغنم ثم عاد بسريته.