ماذا تعرف عن شرحبيل بن حسنة " الجزء الثالث "
إعداد - محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع الصحابى الجليل وكاتب الوحى شرحبيل بن حسنة، وكان شرحبيل شريفا في قومه من عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بدأ جهاده عندما شارك الرسول صلى الله عليه وسلم في غزواته، وكانت هذه الغزوات بداية الجهاد الطويل الذي امتد أكثر من عشرين عاما وهو عمر شرحبيل الإسلامي، وكان إسلام شرحيبل عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شرحبيل في العقد الرابع من العمر، وقد نشأ شرحبيل يتيما في بيت سفيان بن معمر بن حبيب الجمحي الذي تزوج أمه حسنة بعد وفاة والده، وكان بين ولدي سفيان بن معمر وهما جابر بن سفيان وجنادة بن سفيان أخاهما لأمهما، وما إن بعث النبى صلى الله عليه وسلم، حتى سارع شرحبيل للدخول في دين الإسلام ولم يكن وحده بل كانت أسرته بأكملها سفيان وأبناؤه وحسنة وشرحبيل، ولما ازداد ما ينزل بالمسلمين من الأذى وبلغ منهم القتل.
والتعذيب والتمثيل مبلغا كبيرا حينئذ أشار عليهم صلى الله عليه وسلم أن يهاجروا في الأرض، ولما جاء استفسارهم إلى أين؟ قال صلى الله عليه وسلم، إلى بلاد الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه فخرج فريق من المسلمين عند ذلك إلى ارض الحبشة مخافة الفتنة وفروا إلى الله بدينهم، وخرج المسلمون في هجرتين كانوا في الأولى أحد عشر رجلا وأربع نساء تسللوا من مكة خفية وتحت جنح الظلام ثم أقاموا في خير جوار من النجاشي حتى ترامى إليهم أن المسلمين بمكة أصبحوا بمأمن من أذى قريش فعادوا فوجدوا قريشا أشد عنتا واكثر أذى عن ذي قبل، ولما لقوا هذا العنت عادوا إلى الحبشة في ثمانين رجلا غير نساؤهم وأطفالهم، وكان شرحبيل بن حسنة ضمن أسرة سفيان الجمحي التي هاجرت إلى الحبشة الهجرة الثانية وقد أقاموا بالحبشة حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
فعند ذلك هاجروا إلى المدينة حيث استقروا بها بالقرب منه صلى الله عليه وسلم، وفي المدينة نزل شرحبيل بن حسنة وأسرة سفيان الجمحي على بني زريق وهم من قومهم أو من ربعهم، وقد لزم شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن هاجر إلى المدينة وفيما بعد أصبح شرحبيل بن حسنة أحد كتاب الوحي، وكان شرحبيل بعد قيامه بكتابة الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واحدا من خيار صحابته رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستعير منه ثوبه، وكان شرحبيل من قواد أبي بكر الصديق رضي الله عنهن وقد خرج أبو بكر رضي الله عنه إلى ذي العقبة، وذلك لتجهيز الجيوش الإسلامية لمحاربة المرتدين، وجعل يوزع الجند ويجعل على كل لواء أميرا فعقد أحد عشر لواء على رأسهم خالد بن الوليد وعقد لعكرمة بن أبي جهل وأمره بمسيلمة الكذاب باليمامة، فمضى كل أمير مع جيشه.
وبعث أبو بكر في أثر كل منهم مددا يؤازرهم فكان في أثر عكرمة شرحبيل بن حسنة، وقد سار عكرمة إلى اليمامة ولم ير أن ينتظر شرحبيل وتعجل لقاء عدوه مسيلمة الكذاب الذي التف حوله أربعون ألفا من الجنود، وكان عكرمة بطلا مجربا وفارسا مغوارا وقد اجتمع في لوائه أبطال لهم في الحروب بلاء، ولكنه لم يثبت لقوتهم بنو حنيفة أتباع مسيلمة، فكان نصيبه الفشل من جراء تعجله هذا، ولما كتب عكرمة لأبي بكر الصديق بالذي أصابه وأصاب جنده غضب وكتب إليه عاتبا على تعجله وعدم انتظار أخيه شرحبيل ورجاله، وكتب أبو بكر الصديق إلى شرحبيل بن حسنة يأمره بالمقام حتى يأتيه أمره، وقال أبو بكر لشرحبيل أيضا إذا قدم عليك خالد ثم فرغتم إن شاء الله فالحق بقضاعة حتى تكون أنت وعمرو بن العاص على من أبى منهم وخالف، وعندما قدم خالد بن الوليد على شرحبيل الذي انتظره وقد هيأ رجاله للقتال.
وسار خالد بن الوليد نحو شرحبيل وتولى هو بنفسه قيادة المقدمة ومعه شرحبيل، والتقى الناس واقتتلوا قتالا شديدا واصطدم شرحبيل بقوات مسيلمة من بني حنيفة وحلفائهم في عقرباء حيث أبلى في هذه المعركة أعظم البلاء وقد اخترق أبطال المسلمين صفوف مسيلمة الكذاب، حيث دخلوا الحديقة من حيطانها ونظروا فإذا بمسيلمة واقف في ظل جدار كأنه جمل أورق وهو لا يعقل من الغيظ فتقدم إليه وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم فأصابه وسارع أبو دجانة فضربه بالسيف فسقط فنادت امرأة من القصر، وا أمير الوضاء قتله العبد الأسود، فعند ذلك علموا بموته، وانتهت وقعة اليمامة بنصر المسلمين، ووقف شرحبيل يدعو الله الذي منح جنده النصر المبين وشرف سيفه بقتال أهل الكفر والنفاق والكذب، وبعد أن انتهت حروب الردة فقد توجه المسلمون للجهاد في سبيل الله وإعلا كلمته فكان من نصيب الصحابى الجليل شرحيبل بن حسنة.
هو الجهاد ضد الروم في بلاد الشام، وإن من أشهر المعارك التي خاضها شرحبيل بن حسنة هى معركة اليرموك، وكانت هذه المعركة بالذات كان شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه، أحد أفراد القوات الخاصة التي تقوم بالعمليات الصعبة والغارات الشديدة بها، فكان شرحبيل بن حسنة هو أحد مائة من أبطال المسلمين من المهاجرين والأنصار الذين وقع عليهم اختيار أميرهم وقائدهم خالد بن الوليد وجعلهم من فدائيي الإسلام كل فارس منهم يرد جيشا، في دمشق، وقدموا دمشق في المحرم من السنة الرابعة عشرة للهجرة فسيطروا على غوطتها وما بها من كنائس وتحصن أهل الدينة وأغلقوا أبوابها فنزل خالد بن الوليد على بابها الشرقي في زهاء خمسة آلاف ضمهم إليه أبو عبيدة ونزل عمرو بن العاص على باب توما ونزل شرحبيل على باب الفردايس ونزل أبو عبيدة على باب الجابية، ويزيد بن ابي سفيان على الباب الصغير.
وقد أبلى شرحبيل بلاء حسنا، وقد مضى القائد شرحبيل بن حسنة على رأس قوات كبيرة فهاجم بيسان فتحصن أهلها فحاصرهم أياما معدودات ولكن أهلها خرجوا للقتال ودار بينهم وبين شرحبيل ورجاله قتال ضار شهدت له الآفاق، ولكن شرحبيل وجنده دحروهم في النهاية لأنهم جند الله، فلابد أنهم منتصرون، ومع نهاية معارك بطولية صالح أهل بيسان القائد شرحبيل بن حسنة فكتب لهم كتاب صلح على مثل صلح دمشق، وقد بلغت انتصارات القائد شرحبيل بن حسنة أهل طبرية فتهيؤا للصلح وتركوا فكرة القتال أمام شرحبيل، وكان عدد كبير من الصحابة قد أصيب بطاعون عمواس، هذا الطاعون الشديد الذي أصاب أعداد كبيرة من الناس، وقد أصيب فيمن أصيب منهم الصحابى الجليل شرحبيل بن حسنة ومعه معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح وأبو مالك الأشعري ويزيد بن أبي سفيان، وقد كان شرحبيل في قتها أميرا على الأردن.