ماذا تعرف عن شرحبيل بن حسنة " الجزء الأول "
إعداد - محمـــد الدكـــرورى
ومازال الحديث موصولا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن كتبة الوحى، وإن من جوانب العظمة في شخصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو أنه أعظم من أن يحاط بها، أو أن يتوقف إدراكها على عقل واحد، أو قلب واحد، ولذلك فإنك ترى أن كل من تشرف بالكتابة عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في أي جانب من جوانب الروعة في سيرته الفريدة، ونهجه القويم، قد وُفق لوجه جديد لم يُكشف من قبل لآخر، وما ذلك إلا لغنى هذه الشخصية العظيمة بكل عظيم من جليل الصفات، ولا ريب أن مهمة كل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هي تعليم أمته ودلالتهم على الخير، وإن من يقم بهذه المهمة من بعدهم إنما يتشرف بتقمص رداء الرسل الكرام، وخلافتهم في أجلّ مهنة وأشرفها، وهي إرشاد الناس وتعليمهم باليسر والسماحة، وليس بالعسف والقهر والإذلال، فقد قال صلى الله عليه وسلم.
"إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما وميسرا" رواه مسلم، وإنه شرف عظيم لكل من أدرج اسمه في قائمة المصلحين، وهو أن يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم في مهمته الجليلة، ولكنه في الوقت ذاته تكليف عظيم أن يتأسى المسلم به صلى الله عليه وسلم، في خُلقه ومنهجه، فهو القدوة الذي كمّله الله سبحانه وتعالى ليكون أسوة حسنة لأمته، فيقول معاوية بن الحكم " ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه" ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعظم معلم عرفته البشرية على الإطلاق، فلقد غيّر أمة بأكملها، وانتشلها من وهدة الحضيض إلى أن أصبح كل فرد منهم سيدا من سادات الدنيا، وسوف نتحدث فى هذا المقال عن الصحابى الجليل شرحبيل بن حسنة، وهو يعتقد أنه نسب إلى أمه حسنة العدوية ولا يعرف شيء عن أبيه، وهو صحابي من صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية وكان من قادة جيش أبي عبيدة بن الجراح وفاتح غور الأردن، فإن اسم شرحبيل قد ذكره بعض أهل اللغة أنه أعجمي، وقد ذكر ابن دريد أنه مأخوذ من السريانية، ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما وعلي زين العابدين أن كل اسم فيه إيل فهو معبد لله مثل جبريل وإسرافيل، ومثل له ابن دريد في الجمهرة والاشتقاق بشرحبيل، وكانت الصحابية حسنة العدوية، وهي أم الصحابى الجليل شرحبيل بن حسنة الذي ينسب إليها، وهى أيضا من مهاجرة الحبشة، ولها صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تزوجت عبد الله بن المطاع بن عمرو الكندي الحليف الغوثي النسب نسبة إلى الغوث بن مر أخي تميم بن مر، وأنجبت منه شرحبيل وعبدالرحمن، وقيل أنه تزوجها معمر بن حبيب، أو يقال سفيان بن معمر، وهذا هو نسبة سفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جُمح.
بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان،أنجب منها جابر بن سفيان، وجنادة بن سفيان، والحارث بن سفيان، وأما عن الصحابي جابر بن سفيان الأنصاري الزرقي، من بني زريق بن عامر بن زريق عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج، وهو ينسب أبو سفيان إلى معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، لأنه حالفه وتبناه بمكة، وقد هاجر إلى الحبشة مع أبيه سفيان بن معمر، وأخيه جنادة بن سفيان، وأمهم حسنة العدوية، وأخيه لأمه هو الصحابى الجليل شرحبيل بن حسنة، ثم هاجروا إلى المدينة في السفينتين اللتين أرسلهما النجاشي فى السنة السابعه من الهجرة، وماتوا جميعا سفيان وابناه جابر وجُنادة في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأما عن الصحابي جنادة.
بن سفيان الخزرجي الأنصارى الجُمحي، وهو من بني زريق بن عامر بن زريق عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج، وقد هاجر إلى الحبشة مع أبيه سفيان بن معمر، وأخيه جابر بن سفيان، وأمهم حسنة العدوية، وأخيه لأمه أيضا الصحابى الجليل شرحبيل بن حسنة، والسيدة حسنة العدوية، قد أسلمت بمكة قديما بمكة وبايعت، وهاجرت إلى أرض الحبشة مع أبيها الصحابي معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عريج بن عدى بن كعب القرشي العدوي، وكان شيخ من شيوخ بني عدى وقال له معمر بن ابي معمر ما قاله فيه علي بن المديني، قال علي بن المديني، هو معمر بن عبد الله ابن نافع بن نضلة، وينسبونه معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف ابن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب القرشي العدوي، وأسلم قديما وتأخرت هجرته إلى المدينة.
لأنه كان هاجر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة وعاش عمرا طويلا فهو معدود في أهل المدينة، وقد روى عنه سعيد بن المسيب، وبسر بن سعيد، وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يحتكر إلا خاطئ " وكان معمر وسعيد يحتكران الزيت، فدل على أنه أراد بالحكرة الحنطة وما يكون قوتا في الأغلب، وحديث بسر عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الطعام بالطعام مثلا بمثل " وكان الصحابى الجليل من كتاب الوحى، وكتاب الوحي هم مجموعة من الصحابة كانوا يكتبون ما يُمليه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، من القرآن الكريم من غير زيادة ولا نقصان، ولا بد من اتصافهم بالأمانة والعقل الراجح والدين الكامل والتثبت، ومما يدل على كتابة القرآن الكريم في زمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو قوله "لا تكتبوا عني شيئًا إلا القرآن، فمن كتب عني غير القرآن فلْيمحه" .
وقد اشتهر عدد من الصحابة الكرام رضى الله عنهم أجمعين، بكتابة القرآن الكريم ومن هؤلاء الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة، وشرحبيل بن حسنة هو أبو عبد الله شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن عمرو، وحسنة هي أمه وهو من حلفاء بني زهرة، وقد أسلم في مكة وهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة، وقد تميز شرحبيل بن حسنة بشجاعته وإقدامه ودليل ذلك جهاده في أرض الشام وقام بنشر الإسلام فيها وهزيمة الروم واحدارهم وقيل أنه فتح الأردن، كما أنه كان لا يخاف في الحقِ لومة لائم ومما يشهد له في ذلك موقفه مع عمرو بن العاص عندما حل الطاعون فأمر عمرو بن العاص المسلمين أن يتفرقوا فقال شرحبيل إنى قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو أضل من بعير أهله، واستشهد شرحبيل في معركة اليرموك طعنا وكان قد أصابه طاعون عمواس، وتوفي وهو ابن سبع وستين سنة.