أرزاق مشروعة
فتجد منهم من يبيع الشاي ورغم المكسب الضئيل إلا أنه يصر على الكفاح والكد والتعب والتنقل من قطار إلى آخر دون كلل، ومنهم من يبيع الحلوى والتسالي، وآخرون يبيعون أدوات وملابس وغيرها، ووراء كل هذا الشقاء حياة أخرى بين عربات القطارات ليل نهار، فيتحملوا الازدحام وبرد الشتاء وحر الصيف الذي لا يطاق، في سبيل السعي وراء ( لقمة العيش).
فمن هنا لا أجد مبررا للسارق أو المتسول والشحاذين في الشوارع، لماذا لا يعمل هؤلاء؟! أو على الأقل يبحثوا عن رزقهم في مكان مناسب؟! لماذا يستكبر ويمتنع هؤلاء عن رزقهم الحلال؟!
فهى حكمة الله في خلق الكون، أن يظل الإنسان في كبد وتعب ومشقة إلى يوم الدين بحثًا عن رزقه وآماله وسعادته، فلن يجد راحة أبدا في تلك الحياة، ومن منظور إنساني حين تراقب هؤلاء البائعين تجدهم سعداء وفرحين بما أعطاهم الله، ويسير هنا وهناك مناديا ومروجا لبضاعته، وكأنه مندوب مبيعات محترف يدرك جيدا كيفية جذب الزبائن، وتسويق ما يعرضه على المشتري.
ورغم معارضة البعض لانتشار ظاهرة الباعة المتجولين (السريحة داخل القطار) إلا أنها المتاح لهم، وتجد الرد جاهزا:أليس أفضل من السرقة والحرام؟!
وقد رأيت تلك المشاهد في رحلتي داخل إحدى القطارات وقد تأملت قليلا نوعية وطبيعة هذه الفئة من المجتمع، فلاحظت حالة الفرحة التي تمنحهم طاقة ونشاط للعمل على مدار اليوم دون يأس أو إحباط.
فهؤلاء من يستحقون التقدير والاحترام فلا أعجزتهم صعاب الحياة، ولا وقفوا مكتوفي الأيدي، بل سعى أغلبهم إلى الرزق الحلال .