انتحار سباك شنقا داخل شقته لفقده عمله بالقاهرة
على بعد أمتار من قسم شرطة المعصرة، جنوب محافظة القاهرة، سمع الجيران صوت أحد الأشخاص يبكي بشدة، "الحقوني أخويا شنق نفسه.. حرام عليك ليه عملت كدا"، تجمع المارة وأصحاب المحلات وتجار الفاكهة مشدوهين من هول الفاجعة التي وقعت أمامهم في غضون دقائق، لمعرفة سبب استغاثات الشاب، التي امتدت لأحد الشوارع الجانبية، ليشاهدوا "محمد عبد الفتاح" صاحب الـ36 عامًا، يعمل في مهنة السباكة، معلقًا في حبل داخل غرفته، في مشهد مأساوي.
بعد مرور 60 دقيقة، كانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساءًا أمس الاثنين، وصلت سيارتا شرطة تابعتين لدورية أمنية استجابة لإشارة النجدة، إذ كان يستعد طاقم النوبتجية الصباحية بقسم الشرطة للمغادرة ، تزامنا مع بدء توافد أفراد النوبتجية المسائية، إلا أن إشارة من شرطة النجدة حولت سير الكواليس 180 درجة، ببلاغا من الأهالي بالعثور على جثة جارهم "محمد.ع" يبلغ من العمر 30عاما، داخل شقته بشارع العزيز بالله بمنطقة حدائق حلوان.
إن علمت توجهت لشارع العبور، التابع لمنطقة حدائق حلوان، لكشف تفاصيل اللحظات المرعبة التي شاهدها شهود العيان والجيران، والوقوف على أسبابه البشعة، صمت يقطع أصوات الأطفال، والباعة داخل المحال التجارية.
أمام منزل مكون من 5 طوابق بواجهته ورشة نجارة (محل الواقعة)، وقفا شقيقي الضحية برفقة الأسرة، لتلقي العزاء، يقول "أحمد ع" صاحب الـ27 عامًا (نقاش)، أن شقيقه كان يعانى كثيرا في أواخر أيامه، وسط خلافات أسرية بينه وبين زوجته إذ طالبته مراراً وتكرارًا، بضرورة توفير مسكن زوجية بمساحة أكبر من المسكن الحالي، في حين أنه لديه 4 أطفال، بالاضافة أنه فقد عمله داخل أحدى الشركات الموجودة بمحافظة أسيوط، فكان قبلها يتحصل على مبالغ كبيرة، جراء الأعمال التي يقوم بها، وكان لا يحرم نفسه وأسرته من ملذات الدنيا شيئا.
ويضيف شقيق المتوفي، وعيناه تفيض من الدمع حزنًا:" كتر الضغوط اللي كانت عليه من زوجته التي لم تقف بجواره في هذه المحنة، لم تراع نكسته ولم تصبر على محنته، فبدئت تدخل معه في مشاجرات يوم تلو الآخر، بمطالبته بأشياء لم يكن في مقدرتها بتغير الشقة في الوقت اللي كل الناس بتعاني من أجواء كورونا، وليس لديه أي أعمال، فطلب منها الصبر فلم تجب، وغادرت المنزل وأخذت أطفالها إلى بيت أهلها، وتركته وحيدا يعاني الوحدة والفقر وقلة الحيلة، حتى فكر في التخلص من نفسه أكثر من مرة، لكثر الضغوطات الحياتية اللي كانت تحيطه، دفعته للتخلص من حياته بهذه الطريقة المأساوية".
قبل أيام من إقدام الضحية على الانتحار شنقًا داخل شقته، كان لعمه مقابلة للذهاب إلى العاصمة الإدارية، للبحث عن عمل له، بعدما فقد عمله بسبب أجواء فيروس كورونا،: حسيت نفسيته مش مظبوطة بقاله كام يوم، ومن كثرة قربي له لشهامته وحسن أخلاقه وسيرته التي كنا نتغنى بها بين الناس، كنت بعرف أيه اللي بيعاني منه، وفاجأة اكتشفت أنه حاول شراء توك توك بالقسط للعمل عليه ليعول به أسرته التي تتكون من 6 أفراد، وبدأ يبحث عن أي فرصة للعمل ولكنه دون جدوى: بحسب ماقاله "أحمد .ج" عم المتوفي
ويضيف:"حاولت بكل الطرق مساعدته، وأوجدت له العمل في طائفة المعمار داخل مجال جديد غير مهنته، واتفقت معه عليها، ووعدني بالذهاب والعمل، وفوجئت باتصال شقيقه بأنه أقدم على الانتحار شنقا داخل شقته".
بعد أن أنهى عم الضحية سرد اللحظات الأخيرة في حياته، أكد والده أن المتوفي كان كثير الخلافات برفقة زوجته، مافيش حد كان متوقع أنه يعمل في نفسه كدا، بس دا قدره، أنه يبموت متعذب، والسبب مراته، كان مخنوق نفسيا، وكنت أنا هخرجه من الشقة اللي هو يسكن فيها وأسرته، لشقة تانية أكبر منعًا من المشاكل بينه وبين زوجته، ولكن كان القدر سبق أوانه وانتقل إلى رحمة ربه".
الضحيةالضحية
وفى وقت سابق أمرت نيابة حلوان، بتشريح الجثة، وإعداد تقرير بالصفة التشريحية للجثمان للوقوف على أسباب الوفاة والتأكد من وجود شبهة جنائية حول الحادث من عدمه، كما طلبت تحريات المباحث حول الواقعة وصرحت بدفن الجثة عقب الانتهاء من إعداد تقرير الصفة التشريحية.
ترجع تفاصيل الواقعة عندما تلقى قسم شرطة المعصرة بلاغا من الأهالي بالعثور على جثة جارهم داخل شقته بشارع العزيز بالله بمنطقة حدائق حلوان، وعلى الفور انتقلت قوة أمنية على الفور لمكان الحادث، حيث تبين إقدام المتوفى على"محمد.ع" يبلغ من العمر 30عاما، شنق نفسه وعدم وجود كسر في أي من نوافذ الشقة أو بابها.وتبين من التحريات وجمع المعلومات مرور المتوفى بحالة نفسية سيئة مؤخرا إثر ضائقة مالية.
حرر المحضر اللازم عن الواقعة، وإحالته للنيابة للتحقيق.
