المنزازو
كتبت-داليا السبع
في ركن من الحجرة ذات الحوائط البيضاء؛ تكومت"ذات"الجميلة صاحبة الملامح الملائكية العذبة التي انعكست عليها رقة أكسبتها طابعا خاصا؛ وكأنها زهرة ندية تفتحت بربوة بستان، كانت الرعشة تعيقها عن الإتيان بأي حركة؛ بالكاد ركنت رأسها للحائط.
:ترى ماذا أفعل ؟! أين المفر ؟! ليتني لم أذهب إليها في هذه الليلة المشؤمة.
هدأت واقترب الجفن من الجفن؛ لون عينيها الرمادي ظهر كأنه الضباب الذي يمتلئ بالندى.
تذكرت "ذات" حين ذهبت لزيارة صديقتها حسناء بعد عودتها من بلاد النبلاء؛ وساعة "بج بن" التي يدور العالم مع عقاربها في التزام صامت؛ خمسة أعوام لم ترها هى ووالدتها.
حسناء : (وهى تفتح الباب وتحضنها)
غاليتي آه كم اشتقت لك؛ غبت عنك كثيرا ولكنها سوف تكون الأخيرة
اومأت "ذات"مرحى مرحي
ابتسمت حسناء وهى تكمل حديثها سوف ننتقل للعيش بمنزل جدي.
:أحقا ما تقولين؟
: بلى... المنزل ليس ببعيد من هنا،أريدك أن تاتي معنا، فنحن سنذهب ألى هناك بعد قليل.
لم تتردد"ذات" وامتلأ وجهها بالبهجة
فأخرجت (الموبايل) وطلبت والدتها، وبعدت قليلا؛ وبشقاوة بريئة مدعية التمرد: لن أتاخر وأعرف أن والدي....حاضر..حاضر... ساهاتفك بين الحين والآخر.
في السيارة، جلست في المقعد الخلفي ممسكة بيد"حسناء" وعلى وجهها آيات السعادة وعلامات الاندهاش؛ فقد ظهر في الأفق كتلة فنية منفصلة عن كونها الصغير؛ مع صوت "حسناء" : ها هو.
لوحة هرمية ثلاثية الأبعاد؛ استخدم مبدعها الأشجار كمادة لرسمها؛ كيف لشجر الأرز ان ينمو هنا؟! صوت هدير مياة بلا نهر أو اي مبرر له؛ اسواره متراصة كجنود اليونان القديمة في غير تحديد للكتلة.
"أنه ضخم حقا" قالت "ذات" وقد زاد شعورها بالاندهاش والرهبة التي تنتابها شيئا فشيء ،اللوحة لم تعد كتلة مع اقترابها للبيت؛ فالأشجار الكثيفة الملتفة والمتداخلة
وكأنها تمنع شيئا ما من أن يدخل؛ لم يكن أرز لبنان الذي احترق مع قلبها في مشهد اخبار التاسعة.
ربما تمنع شئ ما من أن يخرج .
عادت "ذات" مرة اخرى من شرودها، فقد كانت داخل هذا المنزل الكبير؛ إنه كبير حقا ما هذه الجدران !الملونة المملؤة بالنقوش والزخرفة ،وتلك اللوحات الكثيرة التي تزين جميع أركانه ،تماثيل خشبية واخرى خزفية، وبعض رؤس الحيوانات المحنطة التي تنبت الخوف بنعومة في قلب من ينظر إليها؛ ربما كان جدها يقلد النبيل دراكولا؛ فأسس واقتنى وبنى؛ وأكمل اللوحة هاتان الخادمتان اللاتان استقبلتاهم بانحناءات خفيفة وفي هدوء لم تعهده، هندام منسق ومشية ثابتة كالأموات؛ ملامح شاحبة وتلك الرائحة التي انبعثت من ملابسهما
وكأنهما ورد معتق ذابل جميل بلا روح.
وهنا عادت مرة أخرى من حديثها نفسها الشارد عن الخادمتين
: أهلا سيدتي أهلا يا فتيات هل نقدم لكما شيئا ما ؟
أجابت والدة "حسناء" تلك السيدة المعتدة بنفسها صاحبة الهدوء الأرستقراطي وبتلك النظرة العملية والاتزان الملحوظ، أربعينية ذات بشرة مائلة للسمرة يميزها هذا الشعر الأسود الطويل وعيناها الواسعتان
تحدثت احضرا الشاي وبعض الكعگ .
هنا تحدثت حسناء بعجلة هيا هيا يا ذات الى غرفتي سأريكي إياها،
صعدتا السلم الخشبي ..
انه ضخم وطويل، وبطول هذا السلم المهيب تصتف على الجدران مجموعة كبيرة من اللوحات، من هقولاء الاشخاص انهم كثيرون حقا لما يبدوا شكلهم كما الاموات وكأن هذه اللوحات اخذت لهم وهم فاقدين الحياة؛ وهذه الصور الشخصية الكئيبة
بدل سوداء قبعات سوداء
حتى صور النساء الأسود فيها اللون الغالب في كل شئ لا اخفيكم سرا ارها....
ما هذا الجنون ؟! ما هذا الشتات بتُ اهذي ارها ...
تحدق بي نعم انها تتبعني بنظراتها هنا بدأت ذات تتصبب عرقا بدا على ملامحها الرقيقة الاختناق .
بدات تشعر بثقل في حركة قدميها، باتت تتحرك بصعوبة، يا الاهي
اكاد اسقط من على الدرج .
واذا بحسناء ها نحن امام غرفتي اخيرااا !!
ما رأيك؟ ثم وجتني عدت من شرودي وحيرتي المخيفة وتوقف كل شئ
كأن شيئا لم يكن .انا داخل الغرفة يا لها من غرفة كبيرة إنها كبيرة حقا ما اجملها أستانمين هنا بمفردك حسناء؟! بكل فرح تجيبها بلى ا وليست جميلة :نعم.. نعم
إنها كذلك" ذات" تتحدث ويتملكها الخوف، وقلبها يحدثها بأن خلف هذا الجمال الهادئ شئ، ما نعم هنالك شئ ما خلف هذا السكون
وقلبي يحدثني بأن خلف هذا الصمت بركان سيتفجر ،
ولكن اين ومتي حتما لا اعلم ولكنه سيكون هنا من داخل هذا المنزل الضخم الذي لم أرى مثله من قبل ..
هنا عادت مرة اخرى من شرودها على صوت صديقتها هلمي ذات نخرج هذه الصناديق العتيقة من غرفتي لا اريدها انا لا اعلم ما يوجد داخلها وما تحتوي عليه لكنها من المؤكد ثقيلة ثقيلة جدا
هنا قلت لها لما لا نفتحها ونرى ما بداخلها قد يكون بها ماتزينين به غرفتك
هنا صرخت حسناء بعنفوان الفتيات المعهود
اه حقا فكرة جميلة هيا هيا انظري الى هذه اللوحات ما جملها الوانها
خلابة، وهذه القطع الفضية نقوشها اسلامية
و حروف عربية حقا جميلة ،وما هذا اهذا كتاب؟! نعم!! اعتقد.. هكذا جاوبت حسناء سؤال ذات ؛
يغطيه نوع من الجلود السميكة الذي نقش عليه
بعض النقوش الغريبة اهى طلاسم لطقوس ما ارى نقوش لموتى وكهنة مثل كهنة امون الموجودة بالمسلات والمتاحف
صدقتي يا ذات هذه حروف اعتقد هذا حروف للغة قديمة قد تكون واحده من اقدم اللغات المعروفة يتوسطه قفل صغير يتدلى من الوسط
اعادته الى الصندوق واكملت انظري قطع خزفية ما اجمل الوانها هيا نزين بها الغرفة
وبينما حسناء تعلق اللوحات امسكت ذات بقطعة خزفية واذا بها تنكسر فجأة فتجرحها جرح عميق حقا الى حد كبير صرخت من الالم يدي تؤلمني حسناء يا الاهي انه عميق انتظري هنا ساحضر امي وشئ ما يوقف هذا النزف بدأت ذات تشرد قليلا وتنتابها التساؤلات !!
وتتعجب كيف انكسرت تلك القطعة الخزفية وكأن هناك ما كسرها، ليست هى بالطبع من كسرها ولكن هناك من فعل هذا ولكن كيف وسط هذه التساؤلات !!
الدماء مستمرة في السقوط تخالط محتوياته واذا بالغرفة
ترتج..ويرتج.. قلبها فزعا ما هذا الصوت الذيد ينادي "ذااات "
تملكها الرعب الشديد تحجرت عينيها باتت وكأنها عاجزة عن التنفس
حبست انفاسها خوفا واذا بالكتاب يرتفع في الهواء
ويدور عدة مرات ثم يسقط فيفتح .. وتتحرك الصفحات يميناً ويساراً
تقترب برهبة وحذر وقد استقر الكتاب مفتوحا على صفحة كتب داخلها خطوط متعرجة بلون احمر عريض وكأنها دماء كلمة تملئ هذه الصفحة
كلمة تحاول قرائتها مننن.... منزاز... منزاااازو....
واذا بشئ رهيب يتجسد من قلب الفراغ بشع الخلقة مخيف حد الموت
تسمرت المسكينة في مكانها وكأنها قيدت بأصفاد من حديد مثبتة بالأرض ،لم تقوى ع الحراك وسط صوت مفزغ لتلك الكتلة الملتهبة
من نيران متوهجةب قرون مدببة عينان تتسع وتضيق مخيف
مدببة عينان تتسع وتضيق بشكل مخيف ثم يستطرد هذا الكائن الغير
بشري لقد اصبحتي ملكا لي يا "ذات " ثم مايلبث ان تتبدل هذه الخلقة البشعة وتتحول لصورة من الجمال قمة في الكمال البشري ما هذا يحدثها بنفس الصوت البشع ...انت ملكي ملك خاطف الارواح مستعبد الاجساد صرخت في هلع كلا ..كلا ..لا انا اهذي هنا استجمعت شجاعتها وهرعت نحو الباب اصتدمت بحائط صلب وسط الفراغ فتقع على الارض وسط صوت ضحكات مفزع لن يسمعك احد بعد الان
لقد توقف الزمن هناك ادركت ذات أنها لم تعد في عالم البشر لقد اختطفت في زمان ما لا تعلمه حقا لقد استعبدها ذلك الشيطان
ذلك البشع المنزازو ادركت ذات بأنها فقدت ولن تعود مرة اخرى لقد استعبد روحها الشيطان لم يقوى جسدها تحمل ما رأته فوقعت فاقدة للوعي وعندما استفاقت وجدت نفسها بمكان غريب تتسأل والخوف يتراقص بين اضلع انفاسها المختنقة بفزع يكاد أن تتجمد الدماء ب عروقها من هول ما تراه تنبعث من الجدران رائحة دماء
أنفاس ملتهبة وكأن هذه الجدران تنين غاضب سجين ينفث ناره
ظلال ملتسقة بالجدران اجساد كجبابرة متحجرة مخالب وأنياب
تنزل في قلوب من يراها رعبا شديد تسمع اصوات صراخ واهات استغاثة وصوت لقرع طبول ودق اجراس دون توقف ضحكات يتردد صداها بالاركان، ياويلي!! اين انا اتراني بقلب الجحيم ؟! أم ماذا ؟!انا في كابوس مزعج لم افق منه..
لكنني لست بغافية ولا هذا منظر حلم انها الحقيقة المرة
أين انت يا(ذات )؟
أين ؟
اجد النيران تندلع من وسط الفراغ ارها تقترب مني يشتد فزعي وهلع انفاسي وفجأة يتجسد من وسط النيران شكل كائن مشتعل
وانا بخوف ودون تردد
(بسم الله) ماذا تكون ؟؟
وهنا ترتج الجدران غاضبة وهذا المتجسد بالنار!!
الذي تحدث بنبرة خلعت جدران قلبي بفزع
صه لسانك يا (انسية )انت بحضرة ملك ملوك الجن صاحب القوة والبطش ..
(المنزازو) :باتت لا تعرف كيف تبتلع ريقها تحجرت الكلمات وجفت المياه في حلقها وبات يصرخ
وينادي اسماء غريبة
ساروخ ..بلهان ..شماهورش ..
وبدأت ومضات ملتهبة تشتعل ويخرج واحدا منهم تلو الأخر وانا لم تقوى قدمي على حملي من الفزع وقعت على الأرض وأنا انظر واستمع
من سيتجسد بها ويحضر لي من مثلها من عشيرتها ؟ هكذا تحدث (المنزازو )
صرخت دون وعي كلا
كلا لا تأخذ احدا من اهلي ارجوك دعهم ليس لي سواهم ظلت تتكلم وهى تبكي
وهنا توقف للحظات ذلك الصوت وعاد ليتجسد في صورة الجميلة واقترب منها في لمح البصر قائلا ...
او تقدمين روحك وتبيعينها للشيطان ؟!
صمتت!! ولم تجب !!قال سأسألك مرة اخرى استبعين روحك للشيطان ؟!
صرخت باكة نعم .. نعم
نعم ...باكية منهارة
قال احدهم دعها لي وقال الاخر انها لي ..
هنا تحدث ابليس بصوت ارعب من هم حوله هى لي روحا وجسدا
انصرفوا ... وفي لمح البصر اختفوا
واقترب منها ومد يديه التي كانت تظهر منهما تلك المخالف المخيفة
وانا اصرخ مرتجفة ابتعد عني ابتعد عني ..او اقتلني اقتلني قال انا لا اقتل اإن اردتي هذا ف إفعلي أنت ؟؟
وهنا لامس بأنامله خدها وبدأ يتحسس جسدها وشعرها ويعود لوجها وهى تنتفض ثم انصرف في لمح البصر و أنا اصرخ ابتعد عني ابتعد اتركني ..
كل هذا وأنا اسمع صوت الصراخ والإستغاثات كثيرة حقا !!
من يتغيث هنا يا ترى ؟! أصوات من هذه ؟! تراها لبشر مثلي أم خلق اخر لا اعلم عنه شيئاً .