إعلان

recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

طفل أزهل العالم أصغر جاسوس عرفه التاريخ

 طفل أزهل العالم أصغر جاسوس عرفه التاريخ 



بقلم- السعيد رمضان ياسين 


أصابة نكسة يونيو 1967 الشعب المصري بصدمة قوية لو حدثت فى اى دولة أخرى لإنهارت وباتت تلك الدولة أسيرة للمحتل الغاصب الذى لم يكن يتلقى الدعم إلا ممن يدعون أنهم دعاة السلام والحضارة فى العالم، لكنهم هذه المرة اصطدمت طموحاتهم وأحلامهم بشعب يملك إرادة فولازيه، شعب يولد الطفل فيه من رحم أمه يعشق تراب وطنه ويؤدى حق الوطن حتى وإن كان طفلا.


خاضت المخابرات المصرية معارك شرسه فى فترة حرب الاستنزاف التى كانت بين نكسة سنوية 1967 وإنتصار أكتوبر العظيم 1973، لم تهتز الإداره والثقة لدى رجال المخابرات المصرية ولو لوهلة من الزمن في قدرتهم على استرداد أرض سيناء الحبيبة، وقد كانت لهم صولات وجولات وإنتصارات كبيره على العدو فى هذة الحقبة الزمنية، والتى مكنت الجيش المصرى من الانتصار واسترداد الأرض المغتصبة، وما لفت نظرى وأنا اتحول بين صفحات التاريخ العسكرى قصة أصغر جاسوس عرفه التاريخ ( صالح عطية) الذى يعتبر من أهم انتصارات هذه الفترة، كما أنه يعتبر من أعظم الدروس للعدو الصهيوني أن هذه الأرض لن تسقط أبدا ما دمت تنبت دائما أبطال مثل هذا البطل.


كان على المخابرات المصرية تحديد مواقع العدو فى سيناء وتسليح هذه هذه المواقع وحساب عدد الجنود بها لوضع خطة مناسبة للتعامل معها أثناء العبور.


وكانت هذه هى البداية: فلقد وقع الإختيار على أحد الضباط الأكفاء في هذا الجهاز العريق وكان هذا الضابط يدعى (كيلانى)، تحرك كيلانى ملبيا نداء الواجب متوجها لسيناء الحبيبة وهى يتخفى فى زى أعرابى، حتى وصل إلى أحد الأبار وكان قد بلغ به الظمأ مبلغا عظيما، فجثى يروى ظمأه من مياة هذه الأرض المباركه، فرأه أحد الأعراب الذين يعيشون بالقرب من البئر وكان يدعى الشيخ عطية، وكما اشتهر البدو بالكرم وحسن الضيافة (الضيافة لدى البدو ثلاثة أيام وتزيد) فأقسم عليه واستضاف الشيخ عطية الضابط (كيلانى) فى بيته الصغير البسيط، وخلال فترة الضيافة تقرب الضابط من الشيخ حتى ينشئ معه علاقته صداقه تمكنه من استخدام الرجل فى هذه المهمة الشاقة، لكنه وجد عند هذا الرجل كنز ثمين وهو إبنة (صالح) ومن هنا كانت البداية.


حاز هذا الشبل الصغير الذى يقضى حياته يرعى الغنم على إعجاب الضابط لما لمسة فيه من وطنية وشجاعة وذكاء، ما دفع الضابط للفكيرفي تغير خطته والتفكير فى تجنيد هذا الطفل بدلا عن أبيه، لأنه لن يشك أو يصدق أكثر ضباط المخابرات فى العالم أن هذا الشبل رجل من رجال العمليات المصرية. 


وبعد تفكير عميق استقر الضابط على يقدم على خطة محفوفة بالمخاطر والصعوبات أولها تجنيد الطفل وتدريبه وثانيها نقل المعلومات وحماية الطفل، لكن كان للطفل رأى آخر . 


من هنا بدأ تجنيده وأخذ يتلقى دروسًا على يد رجال المخابرات المصرية لجمع المعلومات، وظل صالح يقوم بجمع البيض وبيعه في معسكرات الإسرائيليين في سيناء وأثناء عملية البيع يقوم بجمع المعلومات عن أعداد الجنود وأماكن نومهم والمعدات الموجودة بالمعسكرات وعندما اطمأن الضابط من قدرته على الاستيعاب، بعد فترة تدريب قصيرة وسريعه كان استيعاب صالح فيها مثير للدهشة، وقبل الرحيل أكد عليه ان اللقاء سيكون عند أحد الصخور بالقرب من الشاطئ.


السر في الدجاجة: بينما كان الضابط عند الصخر ينتظر "صالح" على أحر من الجمر، كان صالح ينتظر حلول الوقت المناسب الذي يراه خادعًا للعدو، دون ان يثير حوله الشكوك والأسئلة.


فهو بطبيعة الأمر كان يدرك مدى خطورة المرحلة التي هو مقبل عليها، لم تكن خطيرة وحسب بل كانت في غاية الأهمية والتي تعلق على حبالها آمال المخابرات المصرية للحصول على ما تريده من المعلومات من داخل حصون العدو.


تلقى الطفل من الضابط عدة معلومات وارشادات تجعله في مأمن عن أعين العدو، ولكن ظل الضابط حائرًا بعد ذهاب "صالح" في الوسيلة التي يمكن من خلالها التجول في مواقع الاسرائيلين بحرية كاملة.


حتى أتى موعد اللقاء التالي وحضر الطفل ومعه بعض بيض الدجاج الذي يقوم بتربيته، عندها خطرت الفكرة في ذهن ضابط المخابرات بأن تكون الدجاجة هي الحل والوسيلة التي تمكنه من دخول مواقع العدو دون صعوبة أو شك في سلوكه لملامحه الطفوليه البريئة بالرغم من الذكاء الذى فاق سنه.


نجحت فكرة الضابط في تجنيد الطفل ونجح معها خطة بيع البيض للجنود بالمعسكرات، وبالفعل لم يشك أحد به فخلف هذه الملامح البريئة كانت تتوارى ملامح الروح الوطنية التي تحول الطفل إلى بطل وطني.

وبعد ما يقرب من الشهر باتت مهمة الطفل تسلك مسارًا جديًا في جمع المعلومات بالمشاهدة والملاحظة، وكون "صالح" العديد من الصداقات داخل مواقع العدو حتى اصبح الجميع يتهلل لحضوره.


وكانت المخابرات تمده بكل ما يحتاجه من البيض ليكون دائم التواجد معهم، حتى أصبح أمر وجوده طبيعيًا بالمعسكرات، وكان يبيع البيض للجنود مقابل معلبات المربى او اللحم كمان كان يفعل في بادئ الأمر.


بعد مرور ما يقرب من 4 أشهر بدأ "صالح" يجني ثمار ما قد بدأه، واستطاع وبجدارة أن يقدم للمخابرات ما تحتاجه من معلومات لم تكن لتحصل عليها بأحدث الاجهزة والتكنولوجيا، فلقد نجح في التعرف على مواقع الثغرات في حقول الألغام المحيطة لأربعة مواقع هامة للمدفعيه الثقيلة ومولدات الكهرباء.


فضلًا عن وضعه بيانات تفصيلية عن غرف الضباط وأماكن نومهم، والحراسات الليلية مع رسم كل ما يدلي به من معلومات، وبالتدريب من قِبل ضابط المخابرات استطاع التمييز بين أنواع الأسلحة.


على الرغم من الحب الذي حظي به الطفل داخل مواقع العدو، إلا أن هناك بعض الجنود والضباط الذين كانوا يوجهون له الإهانات والضرب وكان يهون عليه هذه المتاعب أصدقائه من الإسرائيلين الذين من بينهم ضابط من مواليد منطقة جيحانه باليمن ويدعى (جعفر درويش) الذى كان يتولى قيادة النقطه 158 وكان يطلقون عليها اسم الجباسات، والضابط المصري الذي كان ينمي فيه روح الوطنية.


وفي سبتمبر 1973 وقبل الحرب بشهر واحد استطاع "صالح" أن يزرع أجهزة التجسس في غرف قادة المواقع التي يتردد عليها، بعدما تدرب على طريقة لصقها على الجزء الممغنط في الأجزاء الحديدية الموجودة بالغرف.


وتمكن الطفل من إنجاز أصعب مهمة كان من الممكن أن يتعرض لها في حياته، وعاد ظافرًا بالنصر ومكنت هذه الأجهزة المخابرات المصرية من معرفة كل ما يدور فى غرف قادة هذه المواقع، مما أدى لسهولة التعامل معها أثناء القتال في حرب أكتوبر المجيدة.


وقبل الحرب بـ20 يومًا صدرت أوامر بنقل الطفل وأسرته إلى القاهرة، وكان الرئيس الراحل أنور السادات في استقباله بميت أبو الكوم.


ودخل "صالح" مبنى المخابرات واعتنى به وبتعليمه الضابط المتنكر في زي الأعرابي "الضابط كيلاني" ليدور الزمان ويصبح هذا الطفل ضابطا بالمخابرات ويجلس على نفس المقعد الذي جلس عليه من تجند على يده وبنفس الغرفة، في المخابرات المصرية العريقة وظل يعمل بهذا الجهاز العريق حتى تم إغتياله فى ظروف غامضة عام 1999 ليسدل الستار على قصة بطل لن يتكرر كثيرا.

طفل أزهل العالم أصغر جاسوس عرفه التاريخ


google-playkhamsatmostaqltradent