الجنائية الدولية تواجه جرائم اللوبي الصهيوني.. بقلم: الدكتور عادل عامر
إن المحكمة الجنائية الدولية مثل باقي المحاكم الجنائية الوطنية الأخرى لابد لها من هيكل يتكون من قضاة ومدعين وموظفين لكي تمارس عملها الذي أنشئت من أجله، لابد من توافر شروط معينة ومحددة لكل من يشغل وظيفة قضائية بها،
حيث سعت الدول المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية إلى التميز بصفتها العضوية والإدارية عن نموذج محكمتي يوغسلافية السابقة ورواندا، وبهذا تعد المحكمة الجنائية الدولية منظمة دولية مستقل بوصفها هيئة اتحاد دائم بين الدول الأعضاء ذات هيكل تنظيمي وصلاحيات قانونية تمارسها على المستوى الدولي، بهدف تحقيق العدالة، وإذا كان تصنيف المنظمات الدولية يجري وفقا لأهدافها،
فإن المحكمة الجنائية الدولية تعد منظمة سلام دولي. على أساس المنظمات يفرق بين ثلاثة أنواع من الأجهزة: أجهزة تشريعية تمثل الدول الأعضاء، وأجهزة تنفيذية تمثل مصلحة المنظمة العامة وأجهزة قضائية، وبالرجوع إلى نظام روما الأساسي نجد أن غالبية مواد الباب الرابع من النظام مبينة لآلية تنظيم أجهزة المحكمة وصلاحياتها وهذا ما حددته المادة 34 منه،
فنجد أنّ التوزيع الرباعي لأجهزة المحكمة قضائيا وإداريا جاء متماشياً مع طبيعة كل منها لتمكينها من أداء مهامها بشكل تكاملي من خلال التعاون والتنسيق فيما بينها وصولاً الي تطبيق نظام روما.
يثبت الاسرائيليون يوماً بعد يوم أنهم يتوارثون إشكالية فكرية منغلقة، فحتى اللحظة لم تخرج العقلية اليهودية من خرافات التفكير الديني المحرّف بأنَ لهم عند الله خصوصية دون البشر، وأنَه سيكافؤهم على قتلهم الانبياء،
وأنَ الجنة خلقت لهم والنار لغيرهم، وأنَ اتهامهم للمسيح حق. ولهذا لا يمكن لمن تسكن عقله هذه الخرافات التي تمده بالقوة الروحية واللا أخلاقية لتبرير كل جرائمه إلا أن يصاب بهستيريا ولا يستوعب اتهامه وملاحقته بتهم جرائم حرب،
فعلى الفور وكرد فعل سيستحضر تاريخه المشوه في الوعي الداخلي بأنًه دائما مظلوم ومهمش والمسألة بالنسبة اليه أكون وحدي أو لا أكون ! إن السياسة الإسرائيلية الرافضة لجميع مبادرات السلام، وإلى قرارات الشرعية الدولية، لا تريد التوصل لحل للقضية الفلسطينية، ولا تريد دولة فلسطينية إلى جانبها، بل أنها تريد كل الأراضي الفلسطينية من البحر إلى النهر، فالرفض الإسرائيلي الأحمق متواصل و"نتنياهو" يحرك عش الدبابير من بين وزرائه، وقادة إسرائيل، ومعظم وسائل إعلامها، ومن اللوبي الصهيوني الأميركي، متمسكاً بأيديولوجية اليمين المتطرف، ممزوجة بالعجرفة الصهيونية، ويضع العقبات والذرائع حتى الآتية من قبل المجموعة الأوروبية كفرنسا، فتقرير مجلس حقوق الإنسان للعدوان الإسرائيلي على غزة، اعتبر أن الجيش الإسرائيلي، استخدم القوة المفرطة، وارتكب جرائم حرب، ورئيس لجنة التحقيق القاضية ماري ديفيس تؤيد إحالة التقرير للمحكمة الجنائية الدولية، وكانت ردود الفعل الإسرائيلية غاضبة على التقرير، و"نتنياهو" يزعم بأن التقرير متحيز، وأن لجنة التحقيق تفعل كل شيء سوى حقوق الإنسان، حسب "نتنياهو"، الذي يتذرع بأن إسرائيل لا ترتكب جرائم حرب، واصفاً التقرير بالنفاق، والمتساهل مع الفلسطينيين. توصف جريمة الإبادة الجماعية بأنها جريمة الجرائم، وهى من أكثر الجرائم انتشاراً وشيوعاً في تاريخ الصراعات المسلحة والحروب،
لذلك نالت اهتمام وعناية كبيرة في المجال الدولي، ولهذا جاءت الدعوات بضرورة الحد من هذه الجريمة ومعاقبة الجهة التي تقف خلفها، وعُرفت جريمة الإبادة الجماعية بأنها “جريمة الإبادة الجماعية أو جريمة إبادة الجنس البشرى أو جرائم إبادة الأجناس،
كلها تعبيرات عن معنى واحد، وهى مجموعة سلوك إجرامية واحدة هدفها القضاء على الجنس البشرى واستئصاله من بقعة معينة، أو القضاء على صنف معين من البشر أو على شعب من الشعوب”، أما بالنسبة لتعريف الإبادة الجماعية بحسب نظام المحكمة الجنائية الدولية فتعرفها بأنها ” أي فعل من الأفعال التالية ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكاً كلياً أو جزئياً:
تعتبر جريمة العدوان جريمة دولية تدخل في نطاق القانون الدولي الجنائي، وتعد من أقصى وأخطر الجرائم الدولية المرتكبة، وعلى الرغم من الاختلاف الفقهي حول التعريفات التي أثيرت حولها، إلا أن الجهود الدولية أثمرت في النهاية لوضع تعريف موحد، وذلك لشعور المجتمع الدولي بخطورة هذه الجريمة وضرورة تقنينها في نظام روما الأساسي، وذلك بإدراجها ووضع تعريف وبيان الأركان الخاصة بها، وتحديد آلية لممارسة الاختصاص بشأن جريمة العدوان، حيث صدر قرار سنة 2010 وقد اعتمد بتوافق الآراء في الجلسة العامة الثالثة عشر بتاريخ 11 حزيران 2010 وبموجبه جرى إلغاء الفقرة الثانية من المادة (5) من نظام روما الأساسي.
تورط الاحتلال الإسرائيلي في صور مختلفة من الجرائم التي تندرج ضمن البنود التي شملها التعريف الخاص بجريمة العدوان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال الأراضي الفلسطينية، وفرضت حصاراً على القطاع طال الجو والبحر والحدود، واستخدمت القذائف والقنابل في القصف.
وهذا بدوره يحقق الركن المادي في الجرائم الإسرائيلية لتندرج ضمن تصنيف جريمة العدوان، إضافة إلى الركن المعنوي للجريمة والذي تحقق من خلال العلم والمعرفة بطبيعة الأعمال الحربية التي يقومون بها، وأنها من شأنها أن تعرض المواطنين للخطر وتمس سلامة أراضي دولة أخرى، وتؤثر على سيادتها، واستقلالها السياسي، والعلم أيضاً بأن هذا السلوك مجرم ومعاقب عليه، أي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة،
وتوفر القصد الجنائي لارتكاب هذه الجريمة، وقد ظهر ذلك مترجماً من خلال السلوك المادي، وفى ركنها الثالث فقد تحقق الركن الدولي كون هذه الجريمة تمس السلام والأمن العالمي، ولهذا تم تجريمها وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ولاشك أن السلطة الفلسطينية ادعت بأن هناك ضغوطات سياسية مورست عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية بقطع التمويل في حال ذهبت لمحكمة الجنائيات الدولية، ولكن في الواقع هذا ليس السبب الحقيقي لعدم ذهاب السلطة للمحكمة الدولية، لأن الواقع السياسي يؤكد بأن انضمام فلسطين للمحكمة الدولية ليس له علاقة في الابتزاز السياسي الذي ادعته السلطة الفلسطينية،
لأنه واقعياً لا يوجد مفاوضات إضافة إلى وقف المساعدات من قبل الولايات المتحدة التي أوقفت تمويلها، باستثناء التمويل الأمني، وهذا يؤكد بأن الانضمام كان بسبب ضغط المؤسسات الحقوقية والنقابية والفعاليات الشعبية، وأهداف الانضمام ليس لها علاقة في السعي لتحقيق إنجازات سياسية حتى قضية الاستيطان غير الشرعي، والذي يعتبر تجاوز لقرارات الشرعية الدولية والذي ابتلع أجزاءً كبيرة من أراضي الضفة الغربية، والذي أنهى حل الدولتين فلم تفكر السلطة في استخدام ورقة المحكمة بهدف إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي
علماً أن المحاكم الإسرائيلية تصدر أحكامها ضد السلطة الفلسطينية على خلفية قتل عملاء ومستوطنين، وتصدر أحكام بخصم مبالغ من أموال المقاصة تعويض لهذه العائلات، وهذا يجب أن يكون دافعاً للسلطة الفلسطينية بأن تقوم بمحاكمة إسرائيل إن لم يكن بسبب جرائم الحرب فبسبب الاستيطان والممارسات التي تنتهك حقوق الاسري في الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وافقت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، على التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في حق الفلسطينيين. وأصدرت المحكمة قرارها الذي نشرته وكالة رويترز ونقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية مساء اليوم، الجمعة،
حيث أقرت المحكمة بأن السلطة الفلسطينية في نظام روما الأساسي، والذي يملي المواقع التي تخضع لولاية المحكمة القضائية، مؤكدة في الوقت نفسه أن إسرائيل، خاصة الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية مناطق تدخل ضمن هذه الفئة.