كيف اجتازت مصر سنوات الخطر
بقلم: الدكتور عادل عامر
استغاث المصريون بجيشهم وشرطتهم فلبى الشرفاء نداء الواجب والوطن.. عقيدة تسكن الوجدان.. لا صوت يعلو فوق صوت حماية إرادة المصريين.. الشعب في حماية جيشه وشرطته عزل الإخوان الخونة وطردهم من حكم مصر. هل توقفت التحديات؟! أبداً.. فالجماعة الإرهابية لا تعرف إلا الشر..
فإما الحكم وإما قتل المصريين.. وتدمير وطنهم.. تصاعد إرهابهم.. وعملياتهم الإجرامية.. أيادي الإخوان المجرمين تلوثت أكثر بالدماء.. سخروا كل الأشرار وفى رعاية الشيطان القطري والتركي.. نشروا الإرهاب في سيناء.. واختطفوا الأمن في الوادي والدلتا والعاصمة والإسكندرية والصعيد.. هل تسكت مصر؟ وتقف مكتوفة الأيدي؟.. أبداً.. شمر الرجال عن ساعدهم.. ووضعوا أرواحهم على أكفهم.. جاهزين لتقديمها.. خاضوا المعركة بشرف وفداء.. توالت التضحيات لكن في النهاية تحقق النصر.
المعركة الأخرى لم تنته بعد.. معركة البناء والتنمية.. معالجة معاناة الماضي وآلام العقود السابقة.. المصريون يتطلعون إلى الحياة الأفضل. شمرت مصر عن ساعديها.. وتوالت الإنجازات والمؤشرات.. مصر تصعد إلى المقدمة.. تلك حقيقة لا مجال لذكر تفاصيل الملحمة.. الاقتصاد يقوي.. الإصلاح ينجح.. الخدمات تتحسن.. المنظمات الدولية الاقتصادية تشهد وتشيد.. الثقة تتزايد.. الاستثمارات تتدفق.. السياحة تنتعش.. كل شيء يعود للحياة من جديد.. نحن بصدد دولة حقيقية عادت لها ريادتها.. قوتها.. هيبتها.. إرادتها شعبها.. لكن ورغم كل ذلك.. المؤامرة مستمرة.. الاستهداف مازال قائماً.. محاولات الإسقاط والاستنزاف والابتزاز لم تيأس.. التعنت أمام مطالبنا فى الحفاظ على حقوقنا التاريخية يزداد بجاحة ومماطلة. المتآمرون يحاولون أن يلتفوا حولنا مثل الطوق..
تراهم فى الغرب والجنوب والشرق والشمال.. أقزام تتحرك.. جماعات إرهاب.. نيل يتهدد.. ثروات وحقوق يحاولون التحرش والمساس بها.. لصالح من كل ذلك؟! ولماذا مصر بالذات؟! الإجابة قالها التاريخ منذ قرون طويلة ومديدة.. لأنها مصر قلب العالم.. وجدار الأمة.. ودرعها.. وقلب الخرشوفة والجائزة الكبري.. هى الهدف من المخططات والمؤامرات.. إذا سقطت لا قدر الله.. فالباقى تفاصيله بسيطة.. ضربوا مشروعات كثيرة لتقدم وبناء مصر ونهضتها. محاولات حصار مصر المنصوب من الكبار باستخدام العملاء والخونة.. موجود.. تلمسه من كل الاتجاهات فى البر والبحر..
لكن مصر استفادت من دروس الماضي.. لن يتم استدراجها أو جرها.. ستختار الوقت والمكاسب المناسبة لحماية أمنها القومى ومصالحها وثرواتها ومقدرات شعبها. «مصر- السيسي» أكبر من أن تقع فى المصيدة.. لقد عبرت آلاف المطبات واجتازت ملايين التحديات.. وقهرت الكثير من التهديدات.. مصر أصبحت أقوى بكثير.. لن تتهاون ولن تفرط.. ولن تترك حقاً ولن تتنازل عن أرض.. ولن تفرط فى قطرة ماء أو متر غاز.. ولن تركع إلا لله. مصر التي تمتلك الإرادة والقوة والصلابة والوحدة والتماسك والاصطفاف الشعبي.. والقيادة الوطنية الشريفة الحكيمة.. والجيش الوطني الأسطورة.. الصخرة التي تنكسر عليها مؤامرات الشر.. والشرطة التي تحمى وتؤمن وعند الحاجة تقف بالمرصاد كعادتها على مر التاريخ جنباً إلى جنب قواتنا المسلحة الباسلة ترد الأعداء وترفع راية العلم خفاقة. يا مصر..
إنه تحالف المصير المشترك، والمستقبل المعقود بعضه ببعض، إنها علاقة لا تفصم عراها.
هذا هو وصف الحال بين السعودية ومصر الآن، بعد أن عبرت مصر أمواجا من الفتن والاضطراب، واجتازت من خلال الأعاصير والرياح العاتية لتصل إلى ضفة الأمان.
ما جرى في مصر ليس مجرد قدوم رئيس جديد عوض رئيس قديم، بل إنقاذ لهوية مصر ودورها وموقعها، إنقاذ حققته القوات المسلحة المصرية، ونادى به عموم الشعب المصري الذي ترجم رغبته هذه من خلال تصويت كثيف لصالح خارطة الطريق السياسية المصرية، التي تمثلت بخطوة التعديلات الدستورية، وقد وافق عليها المصريون بحماسة وشفافية، ثم انتخاب المُعبِّر عن طبيعة المرحلة وهو الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي، الذي حملته أصوات أكثر من 23 مليون مواطن ومواطنة.
ما كان لهذا العبور أن يخترق الحصون المنيعة والعوائق الشديدة، لولا عزيمة المصريين أولا، وشجاعة الجيش والشرطة والقضاء ثانيا. وبموازاة هذا ما كان لهذا العبور أن يتم لولا الوقفة الصارمة الحاسمة للسعودية، والعزيمة التي لا تشوبها شائبة من هون في رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. لقد كانت وقفة الملك عبد الله بن عبد العزيز فاصلة في التاريخ، موقفه الذي انحاز ببلاده إلى مصر، رغم جسامة التحديات وتشكيك العالم، ونوايا الخاسرين في التخريب، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، بكل أذرعها وقدراتها الدعائية وعلاقاتها فوق الأرض وتحت الأرض.
لتمضي مصر نحو صفحة أخرى في تاريخ المنطقة.. صفحة كتبت على غير هوى من يقامرون ويغامرون في بلادنا على طريقة «الفوضى الخلاقة» التي كانت فوضى لم تخلق إلا الخراب وتفتيت النسيج الوطني.
كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي وجهها للرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي حافلة بالمعاني والرسائل، والمواقف، والعواطف أيضا.. هي وثيقة ستتلى في منابر التاريخ.
حين قال الملك للرئيس إن شعب مصر عانى في الفترة الماضية من فوضى، سماها البعض ممن قصر بصره على استشراف المستقبل «الفوضى الخلاقة» التي لا تعدو في حقيقة أمرها إلا أن تكون فوضى الضياع. ورسم الملك خطة الخروج من الفوضى لجميع العرب، بمن فيهم السعودية ومصر، من خلال «كبح الخارجين عن وحدة الصف» لأن هذه الفوضى المدمرة حان وقت اجتثاثها «دون هوادة، وخلاف ذلك لا كرامة ولا عزة لأي دولة وأمة».
وترجمت الكلمة الملكية هذه الرؤى، وعبرت عن هذه العواطف من خلال موقف عملي وهو عقد مؤتمر يشارك فيه من يرغب في حجز مكان له في مستقبل المنطقة لإعانة مصر والوقوف إلى جانبها، فمصر هي قلب المشرق العربي ومركز ثقله، وعزها عز للعرب والمسلمين أجمعين. وقد بدأت الحكومة بأعمال الحصر الدقيق والدراسة التفصيلية للتحديات التى واجهت مختلف جهات الدولة فى التعامل مع تلك الظروف، لا سيما ما يتعلق بتصريف المياه، مع بلورة مقترح لخطة متكاملة تتضمن مختلف الإجراءات المتعلقة بسبل مواجهتها والتغلب عليها،خاصةً فى ظل المعايير والمحددات الجديدة التى تفرضها المتغيرات المناخية المستحدثة. وهنا لا يغيب عن مخيلتى سلسلة المقالات التى كتبتها وكتبها غيرى منذ سنوات عن أضرار التغييرات المناخية على مصر.
وهنا أيضا لا يفوتنى أن أنبه الحكومة إلى ضرر بالغ يجب التعامل معه برحمة وانسانية ووفق مبادرة الرئيس السيسى «حياة وكرامة « ، فقد تأثرت فئة من العمالة الموسمية واليومية من جراء الكوارث الاخيرة سواء الطقس السيىء أو فيروس كورونا ، وما تبع ذلك من اجراءات مهمة كغلق الكثير من اماكن العمل التى يعملون بها ، حيث اتخذ اصحاب الاعمال قرارات بالاستغناء عنهم فور قرارات الغلق
من واقع التجربة الحالية، يبدو أن الدول التي تعرضت لأزمة تفشي الأوبئة، أكثر قدرة على اتخاذ خطوات سريعة تجاه الأزمة وفق خبرتها السابقة، ويبدو أن ثمة سياسات وإجراءات ضرورية، بعضها طبق بالفعل في بعض الدول، وبعضها تم تطبيقه، وإن بصورة متأخرة، ومن أهمها:
1- سرعة إعلان حالة الطوارئ التي تتيح للدولة تخصيص موارد إضافية لمواجهة الأزمة: تُمكن حالة الطوارئ الحكومات من اتخاذ إجراءات وتدابير استثنائية لمواجهة الأزمة، وسرعة تقدير الموقف وعدم التردد في اتخاذ إجراءات وقائية صارمة، مع قيام المؤسسات الحكومية بالتوازي بتقييم الأوضاع بصورة مستمرة، وإنشاء فرق للاستجابة للطوارئ، والتواصل مع مؤسسات دولية أو حكومات الدول الأخرى التي أثبتت أنظمتها نجاحاً أكبر في التعامل مع أزمات مشابهة، وذلك بهدف التعرف على خبرتها.
2- تطبيق عمليات الإغلاق المشددة للقطاعات غير الأساسية: يتم إغلاق المدارس وأماكن العبادة، وإتاحة العمل من المنزل لأكبر عدد ممكن من الأفراد. وعلاوة على ذلك، يتم إغلاق مراكز التسوق والمطاعم قسرياً، ولفترة قصيرة على الأقل. وسيساعد ذلك على منع الانتشار الأولي للفيروس. فالعزل وتعليق كافة الأنشطة لمدة 14 يوماً (وهي فترة حضانة المرض) على الأقل يعزز قدرات الدولة في تنظيم الأمور بكفاءة أكبر.
3- استخدام أدوات الرقابة الأمنية في فرض إجراءات "تتبع التواصل"، وتطبيق الحجر الصحي المشددين: تتمثل أحد الأساليب الفعالة في إلزام أفراد المجتمع بالانصياع للتدابير الحكومية في تحديد عقوبات قاسية قابلة للتنفيذ بحق المخالفين، منها الغرامات والحبس، وقد تصل إلى الترحيل. وحتى لو لم تُنفذ تلك العقوبات فعلياً، فإن التهديد بها في حد ذاته سيحفز المواطنين على الالتزام بها درءاً للمخاطر.
4- حماية مخزون السلع الأساسية، والأدوية الاستراتيجية: ينبغي أن تقوم الدول في مثل هذه الأزمات بتوفير المواد الغذائية، والأدوات الطبية الأساسية، من خلال وضع قيود على تداول مواد مثل الأرز والحبوب والبيض والأدوية وغيرها. وبالتوازي مع ذلك، منع احتمالات ظهور "سوق سوداء" ممن يحاولون التربح من وراء الذعر المنتشر لدى الأفراد في تلك المواقف، وذلك من خلال فرض عقوبات قاسية بحق من يحاول مخالفة هذه القواعد.
5- التواصل المستمر مع مواطني الدولة: يتمثل التواصل مع السكان من أهم الخطوات التي يجب على الدول تبنيها في إدارة هذه النوعية من الأزمات، خاصة وأنها تتطلب من الأفراد إلالتزام بسلوكيات معينة من أجل الحد من تفاقم الأزمة.
6- دعم الفئات الأكثر تضرراً: تتطلب مواجهة هذه النوعية من الأزمات تعويض المواطنين الذين تضرروا مالياً جراء البقاء في المنزل، وأصحاب الأعمال التجارية الذين خسروا مبالغ طائلة جراء تفشي الوباء.
7- وضع خطط "ما بعد الأزمة" الآن: من الجدير بالذكر أن الأزمة لا تنتهي بانتهاء الفيروس، فمن المهم أيضا أن تضع الحكومات خططاً للتعافي في مرحلة ما بعد الأزمة، فالصين مثلا أعلنت بالفعل عن خطط تقدر بقيمة ترليون دولار لإنعاش اقتصادها. وتعادل أهمية هذا الإجراء أهمية التعامل الفعلي مع الوباء نفسه، حيث يتعين على الحكومات تبني سياسات واضحة لتحفيز النمو الاقتصادي فور توقف تفشي الوباء.