recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

إرضاء الله عز وجل " الجزء الثامن"





إرضاء الله عز وجل " الجزء الثامن"








كتب- محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع إرضا الله عز وجل، والله لطيف بعباده، لطفه واسع، ورحمته واسعة، فإنه ينقذ العباد من الضيق، ولو كان في أعتى صوره، ولا يتخلى سبحانه عن المخلوقين، وإن هذه الشدائد التي تصيب المسلم في حياته بشتى الصور، لا بد لها من فوائد، فإن للشدائد فوائد بالرغم من أنها مكروهة للنفس، فمنها أن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، ويدفع الكرب المكروب إلى التوبة، ويلجأ إلى الله، وينكسر بين يديه، وهذا الانكسار أحب إلى الله من كثير من العبادات، أن ينكسر المخلوق لله سبحانه، وأن يشعر بذله أمام الله، وأن يشعر بحاجته إلى ربه، وافتقاره إلى خالقه، فينقطع إلى الخالق ويترك المخلوق، وهنا يتحقق التوحيد، ويتنقى من أدران الشرك بأنواعها، ويخلص الإنسان لربه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمنا أدعية إذا نزل بنا الكرب، واشتدت الأمور، وضاقت علينا الأرض بما رحبت، علمنا ماذا نقول، في الصحيحين عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم، وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، وقال صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب " الله الله ربي لا أشرك به شيئا" وقال صلى الله عليه وسلم من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال" الله ربي لا شريك له كشف ذلك عنه" وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" دعوة المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له، ودائما اسأل الله تعالى اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.

اهدنى لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، لا يزال هذا ديدنك وأنت تدعو ربك، حتى يكشف الله لك الحق، ويضيء لك الطريق الذي تسير فيه، وكان شيخ الإسلام إذا استعصت عليه المسألة يكثر من ذكره لربه جدا، ويقول "يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني" حتى ينبلج له فجر الصواب في تلك المسألة، فلا تضق يا طالب العلم، لا تضق إذا ضاقت بك الأحوال في بداية طلبك، فتشعر أنك تقرأ بلا فائدة ولا مردود، وتشعر بالسآمة والملل يدفعانك لترك القراءة، وإغلاق الكتاب، اصبر، فلا تلبث المعلومات أن تأخذ مكانها في ذاكرتك، وتتلاقى أطراف المسائل في ذهنك، فيبدأ عطاؤك بإذن الله كالغيث نافعا مباركا، ينفع الله به نفسك والعباد، ويا أيها الداعية إلى الله قد توصد بعض قلوب المدعوين أبوابها في وجهك، وقد تحاول وتحاول دونما فائدة، فتصاب بضيق شديد، وإحباط كبير، لا تحزن، إن الله معك ما دمت تدعو إلى سبيله، وذلك ما استقمت على الجادة، وتذكر صبر نبى الله نوح عليه السلام. 

على قومه، ينوع عليهم وسائل الدعوة ليلا ونهارا، تسعمائة وخمسون عاما وهو يدعوهم إلى الله، ويا من تحاول أن تكون ربانيا تربي الناس بصغار العلم قبل كباره قد تستغلق عليك بعض الأذهان، ولا تفهم المراد، ولا تعي المطلوب، أو يذهب ما تريد أن ترسخه سريعا، وقد تقع الأخطاء المخالفة لبعض أساسيات المنهج، والتصور الصحيح في نفوس من تعاشرهم، وقد تواجه حالات من الاستعصاء في الانقياد، وتتكرر الأخطاء في مسائل طال عليها التنبيه وتكرر، فتحس باليأس، وأن لا جدوى، لا يركبنك الهم، واعلم أن مع العسر يسراً، وأن فرج الفهم والتطبيق قريب، وتذكر موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قصة حاطب وكعب، ويا أيها التاجر قد تحل بك خسارة في تجارتك، أو كساد في بضاعتك، وتتراكم عليك الديون، ويطالبك التجار الآخرون، وينزل بك من الهموم والأحزان الخطوب الجسام، والخسارة تلو الخسارة، ولا تدري أين تذهب بوجهك من الديّانة، لا تحزن إن صبرت واتقيت سيفرج الله همك. 

ويذهب حزنك وغمك، ويجعل لك من الضيق مخرجا، ويبدل حالتك بعد العسر يسرا، إننا نعيش في عصر كل منا فيه يتهم غيره ويظن في نفسه أنه كامل لا عيوب فيه، سبحان الله، كان المسلم يقابل المسلم، فيقول له يا أخي دلني على عيوبي غفر الله لك، أما مسلم اليوم، فإنه يمتلئ كبرا وتيها وإعجابا بنفسه، ولا يريد أن يسمع كلمة نصح أو وعظ، ويعتقد أنه لا ينبغي أن ينصح أو يوعظ لأنه أفضل من كل الناس، فهل هذه تصرفات الصادقين حقيقة؟ لذلك نجد كثيرا من المسلمين اليوم منحرفون عن الحق، والغون في الضلال، خاضعون للشيطان، متبعون للهوى والشهوات، وأن زعموا بأنهم خلاف ذلك، وإن حياة الرياء والنفاق والضلال والانحراف، وعدم الصدق مع الله، والتي يعيشها بعض المسلمين اليوم، لهي حياة لا تجلب لهم نصرا، ولا ترفع لهم رأسا، ولا تعطيهم من الله عزا، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين الصادقين، وليست للكاذبين المنافقين، فهل يغيرون من أحوالهم ونتغير نحن معهم إلى الصدق مع الله قولا وعملا.




google-playkhamsatmostaqltradent