recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

الصدقة شفاء وداوء " الجزء الأول"

الصفحة الرئيسية



 الصدقة شفاء وداوء " الجزء الأول"

إعداد محمـــد الدكـــرورى

إن الصدقة شفاء ودواء للأمراض الحالة، ويقول المناوى وقد جرب ذلك الموفقون يعنى التداوى بالصدقة فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه، وإن من تجارب من قد عافاهم الله بسبب صدقة هو أبو بكر الخبّازى، حيث يقول مرضت مرضا خطرا، فرآني جار لي صالح، فقال استعمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " داووا مرضاكم بالصدقة" وكان الوقت ضيفا، فاشتريت بطيخا كثيرا، واجتمع جماعة من الفقراء والصبيان، فأكلوا، ورفعوا أيديهم إلى الله عز وجل، ودعوا لي بالشفاء، فوالله ما أصبحت إلا وأنا في كل عافية من الله تبارك وتعالى، وروى البيهقي بسنده عن ابن المبارك أن رجلا سأله يا أبا عبد الرحمن قرحة خرجت في ركبتي منذ سبع سنين، وقد عالجت بأنواع العلاج، وسألت الأطباء فلم أنتفع به، فقال اذهب فانظر موضعا يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئرا، فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل، فبرأ.


ثم قال البيهقي عقب هذا الأثر وفي هذا المعنى حكاية قرحة شيخنا الحاكم أبي عبد الله رحمه الله، فإنه قرح وجهه، وعالجه بأنواع المعالجة فلم يذهب، وبقي فيه قريبا من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبو عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له، وأكثر الناس التأمين، فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة رقعة في المجلس بأنها عادت إلى بيتها، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم أبي عبد الله، فأمر بسقاية الماء فيها، وطرح الجمد أي الثلج في الماء، وأخذ الناس في الماء، فما مرت عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء، وزالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان، وعاش بعد ذلك سنين، وإن الزكاة الواجبة هي من الشعائر العظيمة، لكنها ليست السبيل الوحيد للتقرب إلى الله عز وجل ببذل المال، فهناك بعد الزكاة الواجبة صدقة التطوع بالمال والطعام. 


واللباس والفراش والآلات وجميع المنافع، وإنها سبب من أسباب القرب من الله تعالى ودخول الجنة، وهي لا تنقص مال المنفق، بل تزيده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه "ما نقصـت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" وإنه لمكسب عظيم، وتجارة رابحة أن ينال المسلم الأجر العظيم بصدقة لا تنقص ماله بل تزيده، وتنزل البركة فيه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم"ما من يوم إلا وينزل ملكان فيقول أحدهما اللهم أعطي منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعطي ممسكا تلفا " وفي شأن الصدقة والإنفاق وردت أحاديث كثيرة تبين أن الصدقة بأى لون من ألوان المال والمنافع هي باب من أعظم أبواب دخول الجنة، فعن أبي كبشة الأنمارى رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوها. 


وأحدثكم حديثا فاحفظوه إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل رحمه، ويعمل لله فيه بحقه، فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية، يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعمل فيه بحق، فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيته ووزرهما سواء" وفي هذا الحديث العظيم دلالة على أن نية المؤمن النية الصادقة أن ينفق في سبيل الله أو يعمل أي عمل من الأعمال الصالحة تبلغه منازل العاملين إذا كانت نيته صادقة، وليست مجرد أمنية كاذبة، كما هو حال بعض الأشقياء الذين يتمنون أن يرزقهم الله، ولو رزقهم لكفروا وبخلوا، ومما يبين فضل الصدقة وثمارها الطيبة في الدنيا أن يجد المتصدق صدقته زكاء لماله، وطهارة له، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اَسقى حديقة فلان، فتنحّى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له يا عبد الله، ما اسمك؟ قال فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له يا عبد الله لِما تسألني عن اسمي؟ فقال إني سمعت صوتا في السحاب الذى هذا ماؤه يقول اسقى حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها؟ قال أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه، وهكذا بارك الله لهذا الرجل، ووسع عليه رزقه، وكفاه مؤنة زرعه، حتى وكّل ملكا بالسحابة يقول لها اسقى حديقة فلان ويخصها دون غيرها لذلك لا عجب أن نرى كثيرا من الناس الأغنياء والأثرياء الذين يصابون بالكوارث والمصائب والنكبات المالية والأزمات النفسية بسبب عدم إخراجهم للصدقات الواجبة عليهم، وشحهم وبخلهم من جهة، وعدم إنفاقهم وتطوعهم في سبيل الله عز وجل.


الصدقة شفاء وداوء " الجزء الأول"


google-playkhamsatmostaqltradent