الدبلوماسية المصرية النشطة.. بقلم: الدكتور عادل عامر
واصلت الدبلوماسية المصرية لعب دور نشط ومؤثر فى مختلف القضايا والأزمات العربية، من خلال التواصل الفعال مع مختلف الأطراف بهدف تحقيق مصالح الشعوب العربية فى العيش بسلام في ضوء الرؤية المصرية الواضحة بالحفاظ على مؤسسات الدولة ومكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة. وسعت مصر لتعزيز تحالفاتها العربية
عبر تقارب سياسي مع كل من العراق والأردن، بدأ بقمة ثلاثية جمعت الملك عبدالله الثانى عاهل الأردن ورئيس الوزراء العراقي ، تم الاتفاق خلالها على تعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث، ومن بينها تعزيز وتطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون فى قطاعات الطاقة والبنية التحتية وإعادة الإعمار وغيرها من قطاعات التعاون التنموى.
بالإضافة لزيادة التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة وتطوير علاقات التعاون الثقافي فيما بينهم، وقرر القادة تشكيل فريق عمل لمتابعة أعمال القمة. كما تستمر مصر في دعمها للجهود الدولية التي تستهدف مكافحة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق،
وذلك من خلال مشاركة وزارة الخارجية الفاعلة في اجتماعات التحالف الدولي ضد "داعش"، على المستوى الوزاري، وآخرها الاجتماع الوزاري لدول التحالف الذي شارك فيه وزير الخارجية في يونيو 2020، وعلى مستوى المدراء السياسيين، وكذلك في إطار مجموعتي العمل المعنيتين بتحقيق الاستقرار واستراتيجية الاتصال التابعتين للتحالف.
كما استمرت وزارة الخارجية في التواصل مع السفراء والدبلوماسيين الأجانب في القاهرة بهدف الرد على كافة استفساراتهم والتنسيق مع السفارات الأجنبية المعنية فيما يتعلق برعاياهم المُطبق عليهم تدابير الحجر الصحي داخل الأراضي المصرية بمستشفيات العزل.
وقامت وزارة الخارجية بتجميع وتحليل المعلومات والطلبات الواردة من الحكومات الأجنبية والإفادة برأي الوزارة سياسيًا ودبلوماسيًا، علاوة على إعداد وتحديث جداول دورية مفصلة بشأن الإجراءات الرسمية إزاء مصر ومواطنينا في الخارج والبيانات الفنية لدى دول العالم بشأن انتشار وباء "كورونا"، وكذلك صياغة خطط تحرك للتعامل مع أزمة المواطنين المصريين العالقين في الخارج وإحصاءات العالقين الأجانب داخل مصر.
كما قامت الوزارة بتقديم التوصيات المختلفة للجهات المعنية وفق مستجدات الأزمة على ضوء التطورات الداخلية والتجارب الدولية.
يُنظر لعودة الروابط المصرية الأفريقية لما كانت عليه في الماضي باعتبارها واحده من التحولات الكبرى التي أحدثتها السياسة الخارجية المصرية خلال السنوات السبع الفائتة، ففي أعقاب ثورة 30 يونيو تم تجميد عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي، وبفضل الدبلوماسية النشطة والتحركات الفاعلة نجحت مصر استعادة دورها في القاره، وقد كانت رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019 دليلًا واضحًا على حدود ومستوى التحول الذي طرأ على العلاقة بين مصر ودول القارة، بعد فترات من الغياب
وتراجع الدور ما منح الفرصة لعدد من القوى الإقليمية والدولية لملء الفراغ نتيجة التراجع غير المبرر لمصر وابتعادها عن القارة الأفريقية.
وقد ساهم تغير القيادة السياسية في إعادة النظر وتقييم العلاقات المصرية الأفريقية بشكل مغاير، انطلاقًا من فرضية أن التواجد الفاعل فيها يضمن لمصر الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية ويُعيد لها الزخم بعد فترات من التراجع، وقد بدى ذلك واضحًا من خلال تحركات الرئيس ” السيسي” الخارجية فخلال العام الأولى لحكمه على سبيل المثال أجرى الرئيس نحو سبع زيارات للدول الأفريقية، وقد تم تكثيف تلك التحركات فيما بعد، بعد انقطاع دام لسنوات، يكفي أن نُشير إلى أن زيارة الرئيس السيسي للعاصمة الكينية ” نيروبي” عام
2017 كانت الأولى منذ نحو 33 عام، بعد زيارة الرئيس الأسبق مبارك عام 1984، الأمر ذاته ينطبق على زيارته لجيبوتي ( مايو 2021)، كأول رئيس مصر يزورها، كما يمكن ملاحظة تكثيف التحركات مؤخرًا تجاه دول أفريقيا على غرار اتفاقيات التعاون العسكري والدفاعي التي تم توقيعها مؤخرًا مع كل من السودان، و أوغندا، وبوروندي وكينيا.
وعليه تظهر تلك الملامح حدود وحجم التحول الذي أحدثته القيادة السياسية في مستوى وطبيعة العلاقة بين مصر والدائرة الأفريقية والتي ساهمت في استعادة الروح الأفريقية وكذا الريادة والتأثير للدولة المصرية.
تفعيل الدور العربي، لم يكن خطاب الرئيس السيسي في عدد من المناسبات وتأكيده الدائم فيما يرتبط بكون الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري سوى رغبة في تفعيل الدور العربي وقد كانت دعوة الرئيس خلال القمة العربية (مارس 2015) بشأن تدشين قوة عربية مشتركة لمجابهة التحديات ترجمه حقيقية لتلك الرغبة والرؤية،
كما يمكننا ملاحظة الجهود المصرية المتواصلة في التنسيق والتعاون بين القوى العربية، ويعتبر مشروع الشام الجديد وآلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق وما يسعى إليه هذا التكتل ورغبة أعضاءه في تعزيز التنسيق بينهما وتبني مواقف متقاربة ضمن مظاهر التحرك المصري تجاه تفعيل الدور العربي.
القضية الفلسطينية وانتزاع الصدارة، أكدت الحرب الإسرائيلية الأخيرة في غزة، على الدور المصري التاريخي تجاه القضية الفلسطينية. إذ تمكنت مصر عبر تحركاتها الإيجابية الحثيثة طيلة فترة الأزمة من انتزاع الصدارة قبل الأطراف الإقليمية والدولية، والتأكيد على دورها المحوري الذي لا ينافسه فيها أحد. إذ جاءت جهود مصر في أقناع الطرفين (حماس والجيش الإسرائيلي) بضرورة وقف إطلاق النار،
وما أعقبه من مبادرة رئاسية عاجلة تستهدف إعادة إعمار غزة لتعبر عن حدود الدور المصري غير التقليدي في تسوية وتهدئة التوترات والصراعات في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو الدور الذي أقرت به عدد من القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أدى هذا الدور لإيجاد بعد جديد لمصر في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يتشابك مع أبعاد أخرى سواء دبلوماسية وأمنية، فيخلق منظومة تحرك ذات اقترابات متعددة، مما نتج عنه أمرين: أولهما، انتهاج مصر لمقاربات شاملة في معالجة الصراعات أو الملفات الشائكة. وثانيهما، تعزيز منظومة الاتصال السياسي لمصر مع المجتمع الدولي، بما يسهم في تفعيل وتنشيط السياسة الخارجية المصرية وأدواتها المختلفة.
ساهم التغير في القيادة السياسية في إضفاء مزيد من الحيوية والفاعلية على السياسة الخارجية المصرية، ما أدى إلى تغيير قواعد اللعبة وحدود التأثير خاصة في السنوات التي أعقبت يونيو 2014، وصولًا للوضع الراهن
وظهر الخطاب المصري قريبا وربما منسجما مع نظيره الحمساوي، فقد جرى في خضم الحرب استخدام عبارات من نوعية “الاحتلال الإسرائيلي، المقاومة الفلسطينية، الشهداء”، وظهرت هذه المفردات بجلاء في غالبية وسائل الإعلام المصرية الرسمية.
ويتناقض هذا مع الرؤية المصرية السابقة التي لم تكن مرتاحة لحماس، باعتبارها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها مصر في خانة الإرهاب، وعانت من تدخلاتها الأمنية في سيناء، وقدمت الحركة دعما للمتطرفين فيها عبر الأنفاق الواصلة بين رفح الفلسطينية ونظيرتها المصرية.
ولم تعد القاهرة تنظر إلى حماس كعنصر يهدد الأمن القومي بعد هدم الأنفاق التي استخدمت في تهريب السلاح، وإحكام السيطرة الأمنية على سيناء، وحصار التنظيمات الإرهابية التي لم تعد قادرة على الحركة في ظل الإجراءات المشددة هناك، وتبحث عن توفير الاستقرار لتثبيت الوضع الأمني الهادئ في سيناء.
التي أصبحت فيه مصر رقمًا ثابتًا ومؤثرًا في مجمل التفاعلات، وهو الدور الذي يليق بالجمهورية الجديدة الرامية لتوظيف قدرات مصر وما تتمتع به من نفوذ على كافة المستويات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية لإعادة تعريق دورها على الصعيدين الإقليمي والدولي.