قيمة الإحترام وإحترام القيم "الجزء الثانى"
كتب-محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع قيمة الإحترام وإحترام القيم، فالناس يحتاجون إلى القيم الروحية التي تضبط سلوكهم الإنساني، كما يحتاجون إلى الطعام والشراب والمادة التي تضمن لهم البقاء والاستمرار في أداء أدوارهم في الحياة، والقيم الروحية هى القيم التي تتعلق بالروح وتنسب إليها، فالصدق على سبيل المثال قيمة لا تقاس بالموازين كما تقاس المادة، وإنما تعرفها وتدرك قيمتها وأهميتها الروح والنفس الإنسانية، أما في الاصطلاح فالقيم الروحية في الإسلام هي تلك القيم التي تحدث عنها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي تتعلق بنموذج ومثال السلوك الإنساني الذي ينبغي أن يقتدى به، وهي المعيار الذي يتحدد بناء عليه صواب الأفعال والأقوال أو خطأها.
وقد يتعارف النّاس على القيم الروحية بناء على فطرتهم السليمة التي خلقهم الله تعالى عليها، وقد يكون مصدر تلك القيم الشرائع السماويّة التي جاء بها الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، ومن القيم الروحية في الإسلام هو التسامح والعفو وهذا الخلق الكريم وتلك القيمة النبيلة هي من صفات المؤمنين المتقين الذي يرجون رحمة الله تعالى ويخشون عذابه، ومعنى هذا القيمة أنك تقابل الإساءة التي توجه إليك بالإحسان، ولا تحقد على الناس أو تحمل الضغينة في نفسك عليهم، بل يظل قلبك نقيا صافيا سليما اتجاههم، فقال الله تعالى فى سورة فصلت "ولا يستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم"
ومن القيم الروحيه هو أيضا الصدق وهو قيمة روحية وخلق كريم تعارف عليهم الناس منذ القدم، وأكدت عليه الشرائع السماوية جميعها وعلى رأسها شريعة الإسلام التي حثت على الصدق ورغبته في الأقوال والأفعال والعهود، وكذلك العدل، فإن العدل هو قيمة سامية تقيم أعمالنا وسلوكنا الإنساني في الحياة، فالإنسان الذي يحرص على إعطاء الحقوق، ورفع الظلم هو إنسان عادل، بينما من يظلم الناس ويعتدي عليهم أو يتنقص شيء من حقوقهم هو إنسان ظالم بلا شكّ، وإن للعلم والعلماء مكانة في الدين لا تنكر وفضل كبير لا يكاد يحصر، فقد جاءت نصوص الشرع متوافرة متعاضدة تعزز من مكانتهم، وتبين فضلهم، فهم من شهود الله على أعظم مشهود به.
وهو توحيد الله عز وجل كما قال تعالى "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم" وقال الإمام القرطبي رحمه الله " في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء " ويكفيهم شرفا أن الله تعالى رفع شأنهم، فجعلهم أهل خشيته من بين خلقه، فقال تعالى فى سورة فاطر " إنما يخشى الله من عباده العلماء" وأبى سبحانه وتعالى التسوية بينهم وبين الجهلة بشريعته، فقال تعالى فى سورة الزمر "قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون" ورفعهم الله تعالى درجات فقال سبحانه وتعالى فى سورة المجادله.
" يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير" وأوجب طاعتهم فقال جل وعلا فى سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" وأولو الأمر كما قال العلماء هم العلماء، وقال بعض المفسرين أولو الأمر الأمراء والعلماء، وقد ورد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكانة العلماء حشد من النصوص المذكرة بفضل العلماء, وعلو درجتهم, فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع" .