الدنيا بين الخير والشر " الجزء الثانى "
كتب-محمــــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الدنيا بين الخير والشر، والدعوة إلي الله تعالى خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير، والعدل خير والسلام خير، والاستزادة من العلم والحكمة خير ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب لبنا فأعجبه، فقال للذي سقاه من أين لك هذا؟ فقال مررت بإبل الصدقة وهم على ماء فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء، وهذه إمراءة من الصالحات تقول لزوجها اتق الله في رزقنا، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار، وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد، وفلان شهيد.
حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كلا، إني رأيته في النار في بردة أو عباءة غلها" يعني أخذها من الغنيمة قبل أن تقسم، فانظروا إلى رجل يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يكرمه الله بالشهادة ولكن لأنه أخذ حراما ربما يراه بعض الناس منا يسيرا بردة أو عباءة أخذها من غنيمة شارك هو في القتال فيها ومع ذلك كله قال النبي صلى الله عليه وسلم "كلا، إني رأيته في النار " فالأمر خطير جدا جدا ياعباد الله، ألا يتق الله من يرتشي وهو يسمع حيث النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله الراشي والمرتشى، ألا يتقى الله بعض الباعة الذين يستغفلون الناس ويضحكون عليهم ويزينون لهم شراء أمور هم أنفسهم.
يعلمون أنها لا تنفع أو لا تساوى الثمن المطلوب، ألا يتقى الله من يزور الوثائق ويلعب بالعقار ويعطي الأرض الواحدة لشخصين أو أكثر، ألا يتقى الله بعض السماسرة والمقاولون الذين يتفقون مع أرباب العمل على اتفاقيات وعهود ثم لا يوفون بها أو يخالفونها، ألا يتق الله بعض المسئولين والتجار الذين يأكلون ملئ بطونهم وينامون ملئ جفونهم والآف الأسر بل ملايين البشر يكابدون الجوع والذل والمسكنة، ألا يتق الله بعض أصحاب المحلات الذين يبيعون أمورا منكرة لا يشك عاقل في تحريمها وإنكارها، ألم يؤمن هؤلاء جميعا بقول الله عز وجل " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" ألم يسمعوا حديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع" وذكر صلى الله عليه وسلم منها "وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟" ألم يسمعوا حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عند ما قال في الحديث الصحيح " فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته" ألم يسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتؤدُن الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" ألم يعلموا أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، فاقنعوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويسروا على عباد الله إن يسر الله عليكم، واجعلوا أموالكم حجابا لكم من النار.
وأتقوا النار ولو بشق تمرة، فيقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه" إن الدنيا حلالها حساب وحرامها عذاب، وشبهتها عتاب" ونعيش مع حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديث رواه البخارى عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشبهات، فمن اتقي الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعي حول الحمي يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" وهذا الحديث يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم قضية.