صاحب مدرسة الرأى فى الفقة "جزء 1"
كتب- محمـــد الدكـــرورى
إن العلم يجعل الأشخاص أكثر تحضر وفهم وإدراك لما يدور من حولهم ،ويجعلهم أشخاص مميزين ولذلك نجد أنجح الشخصيات في العالم هم المتعلمين، فغني الشخص لا يقاس بمقدار ما لديه من أموال ولكن يقاس بمقدار ما حصله من علوم، ويختلف مستوي العلم من شخص لأخر تبعا للمرحلة العمرية، فالعلم لدي الصغير يقل عن العلم لدى الكبير والشخص المتعلم هو شخص منتج أما الجاهل فهو مستهلك فقط ويمثل عبئ كبيرعلى الدولة، فيعتبر العلم جزء من حضارة المجتمع، وهو الوسيلة الوحيدة للتغلب على مشاكله، وإن انتشار التعليم بين الشعب يحد من انتشار الجريمة والمشاكل السلبية داخل المجتمع، وكما يساعد العلم الأمم على أن تصبح من الدول المسيطرة على العالم.
وكذلك يحمي المجتمع من الأكاذيب والأقاويل التي تضلل الشعب، وتبعدها عن الحقيقة والواقع، ويقسم العلم في الإسلام إلى ثلاثة أقسام هي علم التوحيد وهو فرض عين على كل مسلم، وطلب كفائي وينقسم إلى ديني وهو طلب علوم الدين مثل الفقه والحديث، دنيوي وهو طلب العلوم الدنيوية مثل علم الهندسة والطب والزراعة، وأيضا هناك علم السحر وهو حرام طلبه، وينقسم العلم إلى أقسام عديدة بناء على موضوعاته وهي علوم طبيعية وهو الذي يشمل العلوم المتعلقة بالطبيعة كالكيمياء والفيزياء والأحياء وعلوم الأرض، وأيضا علوم بشرية وهي التي تتعلق بدراسة حياة الإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه، كالعلوم الاجتماعية وعلم النفس وعلم الاقتصاد وغيرها.
وأيضا علوم إدراكية وهي العلوم المتعلقة بالعقل والذكاء في حياة الإنسان، وأيضا هناك علوم هندسية وهي المتعلقة بالتصاميم المعمارية والبناء وغيرها من الدراسات الهندسية، ولقد كانت دراسة الإمام أبو حنيفة النعمان هي الدراسة المنهجية الحرة الشريفة التي يظهر فيها احترام الآراء، ويشتغل فيها عقل الحاضرين من التلامذة، وإذا أشكلت عليه مسألة قال لأصحابه ما هذا إلا لذنب أذنبته، ويستغفر، وربما قام وصلى، فتنكشف له المسألة، ويقول رجوت أنه تيب عليَّ، وترجع نشأة المذهب الحنفي إلى أوائل القرن الثاني الهجري، وتحديدا سنة مائة وعشرين من الهجرة وذلك يوم أن جلس أبو حنيفة على كرسي الإفتاء والتدريس خلفا لشيخه حماد بن أبي سليمان.
فكان هذا العام شاهدا على نشوء أول مذهب فقهي معتمد ومن خلال هذه المدرسة الفقهية التي ترأسها الإمام أبو حنيفة نفسه، أخذ المذهب الحنفي في التمدد والانتشار إذ أصبح له تلاميذ وأصحاب يلازمون حلقته، ويدونون أراءه وينشرونها، فكان لهم بذلك لاسيما الصاحبين أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني دور كبير في قيام المذهب، وانتشار آرائه وأقواله، ويقول ابن عبد البر "كان لأبي حنيفة أصحاب جلة، رؤساء في الدنيا، ظهر فقهه على أيديهم، أكبرهم أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وقال ابن حجر الهيتمي "ورزق يعني أبا حنيفة حظا وافرا في أتباعه، فقاموا بتحرير أصول مذهبه وفروعه، وأمعنوا النظر في منقوله ومعقوله، حتى صار بحمد الله مُحكم القواعد،
معدن الفوائد، والإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن الكوفي، لم يكن أصلا من العرب، بل هو من أبناء الفرس، ولد في خلافة عبد الملك بن مروان الأموي بالكوفة، في حياة صغار الصحابة، فهو من جملة صغار التابعين، وكونه من أئمة الدين على الرغم من كونه فارسيا ولم يكن عربيا يعتبر دليلا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء" وأشار إلى سلمان الفارسي فأبي حنيفة داخل في هذا الحديث الذي يؤكد على عظمة الإسلام واتساعه لكل القوميات والعرقيات والألسن والألوان، وأما عن علمه وعقله، فقد طلب أبو حنيفة العلم صغيرا، ولازم دروس العلم منذ نعومة أظافره، حتى لقبوه بأبي حنيفة.