الصابرة والمحتسبة المكابدة "جزء 1"
كتب- محمـــد الدكـــرورى
هى شخصيه نسائية تاريخيه عظيمة، وهى سيدة ضربت لنا أروع الأمثله فى التضحيه والفداء فمن هى السيده التى قيل عنها أن أبوها نبى وأن أخوها نبى وأن زوجها نبى وأن إبنها نبى؟ فمن تكون هذه السيده وما هى حكايتها ؟ فإنها السيده الكريمه العفيفه الشريفه الطاهره، إليا بنت يعقوب، اخت نبى يوسف عليه السلام، وزوجة نبى الله ايوب عليه السلام، وأم ذو الكفل عليه السلام، وعليهم جميعا الصلاة والسلام، وعلى نبينا وعليهم وعلى سائر الانبياء الصلاة والسلام، فالسيده إليا ابوها نبي وزوجها نبي واخوها نبي وابنها نبي، وإن سيرة نبي الله أيوب لا تكاد تذكر إلا ويقترن بها اسم السيدة إليا زوجته.
وربما يحدث هذا في أغلب سير أنبياء الله تعالى، وزوجاتهم إلا أن نبي الله أيوب عليه السلام وزوجته، ارتبطا بمصير واحد طوال فترة حياتهما، وإن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يُبين لنا أن الزواج نعمة عظيمة حقيق بأن تشكر، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فيلقى العبد ربه، فيقول الله عز وجل" ألم أكرمك وأسوّدك وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأَذرك ترأس وتربع؟ فيقول، بلى يا رب، فيقول" أفظننت أنك مُلاقيّ؟ فيقول، لا فيقال "إني أنساك كما نسيتني " ولكن هذه السعادة مشروطة بما إذا كانت الزوجة صالحة، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
" ثلاث من سعادة ابن آدم، المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح " رواه أحمد والطبراني والحاكم، لأن هذه المرأة الموصوفة بالصلاح تكون عونا على أعظم أمر يهم المسلم ألا وهو الدين، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "من رزقه الله امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتقى الله في الشطر الثاني" رواه الحاكم والطبراني، وقال صلى الله عليه وسلم "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" رواه مسلم، وهكذا السيده ليا وزوجها نبى الله أيوب عليه السلام، فلا تكاد تذكر قصة واحد منهما إلا وتذكر قصة الآخر معه دون قصد أو تعمد فهما وجهان لعملة واحدة وبطلان لقصة واحدة وشريكان لحياة واحدة.
استمرت لأكثر من تسعين عاما تقاسما فيها حياة الترف والثروة والصحة والهناء ثم كابدا معا حياة من نوع آخر ربما لا يستطيع أحد تحملها أو حتى تخيلها، والسيدة ليا او إليا أو عليا أو رحمة كلها اسماء ذكرت لها حسب نطق كل بلد، وهى بنت النبى يعقوب وزوجة نبى الله أيوب عليهم السلام، وهى تعد واحدة من أفضل نساء العالمين فهي صاحبة منزلة مباركة وعالية في مقام الصدق واتخذت مكانا عليا في منازل الأبرار حيث عاشت مع زوجها في محنته التي امتدت قرابة ثماني عشرة سنة وكانت مثال المرأة البارة ومثال الزوجة الصابرة الراضية بقضاء الله وقدره، ولهذا وصفها الإمام ابن كثير الصابرة والمحتسبة المكابدة.
والصديقة البارة، والراشدة رضي الله عنها وارضاها، وإن السيدة ليا، هي التي أبيها نبي واخيها نبي وزوجها نبي وابنها نبي حيث أن أباها هو نبى الله يعقوب عليه السلام وأخوها هو نبى الله يوسف عليه السلام وزوجها هو نبى الله أيوب عليه السلام وابنها نبى الله ذو الكفل عليه السلام، ولكن هناك إختلاف حيث يقال أن اسمها ليا ابنة آفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق عليهم السلام، وقد سماها ابن عساكر في تاريخه، رحمة الله تعالى على الأرجح، وكانت ذات جمال وحسب ونسب وعلم، أهّلها لأن تكون الزوجة التقية النقية والقادرة على تحمل الابتلاء والصبر على مرض الزوج وفقد المال والأولاد، فما شكت وما جزعت.