الرعاية الصحية للأطفال في الهند: الانتقال إلى مستقبلٍ واعد
الأطفال -وخصوصًا من هم دون سن الخامسة- معرَّضون بشكلٍ خاص لكثير من المشكلات الصحية، فهم أكثر عُرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، أو عدم الوصول إلى المساعدة الطبية اللازمة؛ وبالتالي يصبحون في أمس الحاجة إلى الرعاية الصحية.
يشير مفهوم رعاية صحة الطفل إلى الخدمات الطبية التي تقدمَّ للأطفال المصابين بمرض أو عدوى. يتم تمويل هذه الخدمات من قِبل المنظمات الصحية المختلفة. تبدأ الرعاية الصحية للأطفال منذ مرحلة الحمل، وتشمل الاهتمام بالأم خلال تلك المرحلة المهمة.
التجربة الهندية
اجتازت الهند منذ الاستقلال رحلة حافلة في مجال الرعاية الصحية للأطفال؛ من حي تطوير سياسات وبرامج رعاية صحة الطفل، وتنفيذها. وقد تغيرت رؤية هذه البرامج على مر السنين، مع تطور مفهوم صحة الطفل. فقد كانت الهند أول دولة في العالم تطرح برنامجًا وطنيًّا لتنظيم الأسرة عام 1952؛ بهدف خفض معدل الخصوبة، والسيطرة على نمو السكان.
وفي وقتٍ لاحق، وضعت حكومة الهند السياسة الوطنية للأطفال خلال عام 1974؛ لإعطاء الأولوية لصحة الطفل وتغذيته، والأطفال اليتامى، والأطفال أصحاب الهمم.
ومع زيادة التركيز على صحة الأطفال، تم إطلاق البرنامج الموسَّع للتحصين (Expanded Program on Immunization, EPI) عام 1978؛ لتوفير التطعيم ضد الدفتيريا، والسعال الديكي، والكزاز، وشلل الأطفال، والحصبة، والسل.
من المسُلم به الآن أن صحة الطفل لا يمكن تناولها بمعزل عن غيرها؛ لأنها مرتبطة بشكل معقد بصحة الأم، والتي تحددها صحتها ونموها كمراهقة. لذلك، قامت الهند بتبني مفهوم استمرارية الرعاية، الذي يركز على الرعاية في مراحل الحياة المختلفة؛ من أجل تحسين صحة الطفل.
وفى هذا السياق، أطلقت الهند عدة مبادرات للاهتمام بصحة الطفل، والمراهق والأم، ومن أهمها برنامج حياة الطفل والأمومة الآمنة ( Child Survival and Safe Motherhood, CSSM) عام 1992؛ بهدف الحد من معدلات وفيات الرضع والأمهات، والبعثة الوطنية للصحة الريفية (National Rural Health Mission, NRHM) عام 2005؛ للتركيز على الصحة الإنجابية، وصحة الأم والوليد، وصحة المراهقين.
هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالمناطق الريفية عن طريق البعثة الوطنية للصحة (National Health Mission, NHM)، التي تعمل على اتساع نطاق التغطية الصحية، وجودة الرعاية الصحية المُقدمة للأمهات والأطفال بالمناطق الريفية.