الأدب رسول السلام بين الشعوب في المركز الثقافي الروسي بالقاهرة
بقلم محمود عبدالغني
الدكتور عزوز علي إسماعيل حين تناولته الصحافة والإعلام والمواقع الإلكترونية من قبل وقالوا إنه أجدر أن يكون وزيراً للثقافة للأسباب العديدة التي ذكروها فلم يكن ذلك من فراغ ويكاد يجمع معظم المثقفين على هذا القول وأنه رجل يعمل في صمت دون ضوضاء كثيرة إنه الدكتور عزوز علي إسماعيل المثقف النبيل أراه أمس في البيت الروسي يحمل على كتفه الأدب العربي والأدب الروسي ويلقي محاضرة مطولة بمناسبة مرور مئتى عام علي مولده حول الأديب الروسي العالمي فيودور دوستويفسكي المأخوذة من كتابه الصادر مؤخراً عن الدولة المصرية العظيمة ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب "الرواية الرسائلية والرسالة الروائية" حملت عنوان "دوستويفسكي ورسائله المؤلمة، وأدار تلك الأمسية المثقف الأستاذ شريف جاد رئيس جمعية خريجي جامعات روسيا بحضور المستشار الثقافي ورئيس المراكز الثقافية الروسية في مصر مراد جاتين، والمستشار الثقافي لبيلا روسيا مارينا شيفيليوفا.
أنا لا أريد أن أتحدث عن تلك المحاضرة والتي جاء لها طلاب العلم من كل حدب وصوب بقدر ما أريد الحديث عن هذا الرجل وذلك الحضور في بيوت الثقافة العديدة المصرية وغير المصرية، وتقدير المراكز الثقافية له ومحاضراته بدار الأوبرا المصرية ومحاضراته الدولية في جامعة كاليكوت الهندية، ولقاءاته عبر الفضائيات المصرية والعربية وبرامجه الإذاعية ناهيكم عن محاضراته مع طلابه التي نلمح بعضها عبر صفحته العامرة بمنتج ثقافي حقيقي وتبنيه مشروعات ثقافية كبرى أهمها تناوله للرموز الثقافية عبر تلك المحاضرات ويؤكد دور أولئك الأدباء الكبار الأحياء منهم أو الأموات في غرس القيم، ومحاربته للغة الشات بين الشباب التي ستؤثر حتما على هويتنا، ومؤلفاته العابرة للبلاد وترجماته فأعلم أن لديه معجماً بثلاث لغات وهو "المعجم المفسر لعتبات النصوص" ونراه في احتفالية كبرى باليوم العالمي للغة العربية ومحاضرته على مسرح الفلكي بالجامعة الأمريكية، ماذا يفعل الرجل أكثر من ذلك.
رأيته يلوح برواية "الجريمة والعقاب" لدويستويفسكي في المركز الروسي بالقاهرة، ويذكر عبارة قوية ومهمة جداً جداً وهي "لم نعرف روسيا إلا من خلال الأدب" فالأدب لديه رسول السلام والمحبة ولقاء الحضارات، وهو ما بدأ به محاضرته التي لاقت تقدير المركز الروسي والحاضرين فقد بدأ الدكتور عزوز علي إسماعيل الناقد الأدبي حديثه عن دوستويفسكي بهذا القول: "نحن في بلادنا لا نعرف روسيا إلا من خلال الأدب، فالأدب هو رسول السلام والمحبة والمعرفة. دوستويفسكي مات فقيراً معدماً، وكأنه مكتوب على الأدباء والمثقفين أن يحيوا فقراء ويموتوا فقراء، قرأت معظم أعمال دوستويفسكي، ولم أر أفضل من رسائله تعبيراً صادقاً عن حياة هذا الأديب، الذي لاقى ويلات عديدة في حياته؛ بدءاً من بحثه عن المعرفة، ثم كتاباته من أجل "القوت" وانتهاء باعتقاله والزج به في غياهب السجون، ليخرج وقد تمرس وتعرف على هؤلاء المجرمين. وقد سطر لنا أعذب الروايات "الجريمة والعقاب" و"الإخوة كرامازوف"، و"الشياطين" بدأ حياته الأدبية بالفقراء لأنه منهم. وكان كتابه "الرسائل" خير معبر عن تلك الحياة. رسائل دوستويفسكي من الأعمال الرِّوائية الوثائقية، والتي عُدت من أعظم الأعمال في الآداب العالمية؛ فقد مثلت حياة فيودور دوستويفسكي، من الميلاد حتى الممات، فمنذ أن كان طفلاً كان يكتب الرسائل، تلك الرسائل التي شكلت لديه قدرته على السرد والحكي، والتي، بلا شك، جعلت منه مبدعاً كبيراً مع المكونات الثقافية الأخرى. وهذه الرَّسائل مرت في حياته بأكثر من مرحلة، وكلُّ مرحلةٍ لها سماتها التي تميزها عن المراحل الأخرى. والمرحلة المبكرة من حياته حين كان طفلاً، وكان وقتها يتعلم الكتابة الرسائلية، والتي شكلت ملامح كتاباته من خلال عنصر الإسهاب. من أصعب تلك الرسائل كانت رسالته الأخير إلى مجلة البشير الروسي يطلب فيها ما تبقى له من مال نظير نشر الأعمال وكان وقتها في نزعه الأخير أرسل لهم الرسالة في تاريخ 26/ 1/ 1881 ومات في 28 من الشهر نفسه، كان يبحث عن شراء الدواء.