السير على الأقدام: جهود اليابان لتعزيز النشاط البدني لدى الأطفال بالمدارس
يعاني الأطفال غير النشطين بدنيًّا من ارتفاع ضغط الدم، ومستويات أقل من البروتينات الدهنية عالية الكثافة الواقية للقلب، كما أنهم أكثر عُرضة لأن يصبحوا بالغين غير نشطين.
لمواجهة هذه الأمراض لدى الأطفال في اليابان، عمدت الحكومة اليابانية إلى تشجيع مختلف أشكال النشاط البدني، والتي تشمل اللعب، والرياضة، والأعمال المنزلية، والترفيه، والتربية البدنية، أو التمارين المخطط لها في سياق الأسرة والمدرسة والأنشطة المجتمعية.
وكانت إحدى طرق زيادة مستوى النشاط البدني لدى الأطفال التي شجعتها الحكومة وعملت على ترسيخها في الثقافة اليابانية، هي تشجيع الأطفال على الذهاب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام؛ ففي معظم المناطق الحضرية في جميع أنحاء اليابان، يذهب الأطفال في المدارس الابتدائية والإعدادية كل يوم من منازلهم إلى المدرسة سيرًا على الأقدام، وذلك بدلًا من أن يقودهم آباؤهم، أو يستخدمون الحافلات، أو وسائل النقل الأخرى.
الخطوات التي اتبعتها اليابان لترسيخ ثقافة السير على الأقدام
إصدار القوانين: تأسس نظام التعليم الإلزامي الياباني في عام 1947 عندما تم سنُّ قانون "التعليم المدرسي"، وتنص المادة 38 من القانون على أن "تنشئ كل بلدية العدد اللازم من المدارس الابتدائية في منطقة معينة" وتنص المادة 49 على اللائحة نفسها للمدارس الإعدادية. وفي عام 1953، أصبح مجلس التعليم البلدي مسؤولًا عن تحديد مواقع المدارس.
وفي هذا الصدد، اشترط القانون أن تقع المدارس الابتدائية في نطاق لا يزيد على 4 كيلومترات، وأن تكون المدارس الإعدادية على بُعد لا يزيد على 6 كيلومترات من منزل الأطفال، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين يذهبون إلى مدارسهم سيرًا على الأقدام في البلاد؛ حيث يذهب كل 8 أطفال يابانيين إلى المدرسة في مجموعات غير مصحوبين بوالديهم.
توافر عدد كبير من المدارس: أحد أسباب انتشار ثقافة الذهاب إلى المدارس سيرًا على الأقدام في اليابان هو وجود عدد كبير من المدارس في المناطق الحضرية؛ مما يعني أن معظم المدارس تقع ضمن نطاق المشي المحدد لمنازل الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، فإن معدل الجريمة المنخفض في اليابان، وإجراءات السلامة الراسخة أسهمت أيضًا في نجاح هذا الأمر.
اختصاصات مجالس التعليم: رغم عدم وجود قانون وطني ينص على الذهاب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام، فإن مجالس التعليم عمومًا تجعل الذهاب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام إلزاميًا إذا كانت المدرسة تقع على مسافة قريبة من منازل الأطفال، وإذا كانت المدرسة خارج النطاق المحدد، فإن المجالس تسمح باستخدام وسائل النقل العام، والحافلات المدرسية، وسيارات الأجرة، وغيرها من الوسائل، كما هو شائع الاستخدام في المناطق الريفية.
إجراءات السلامة: يذهب الأطفال الذين يعيشون في نفس الحي إلى المدرسة معًا، وفي الأماكن التي يزداد فيها ازدحام السيارات، يتناوب الآباء وموظفو المدرسة والمتطوعون المحليون في الإشراف على معابر الطرق؛ للتأكد من أن الأطفال يمكنهم العبور بأمان.
هذا، ويتم تعليم الأطفال رفع أيديهم للسماح للسائقين برؤيتهم أثناء عبورهم الطريق، وفي بعض المدارس الابتدائية، يُطلب من جميع طلاب الصفوف الأولى ارتداء قبعة صفراء زاهية عندما يكونون في طريقهم إلى المدرسة أو العودة منها؛ وذلك لتسهيل رؤيتهم على السائقين. وفي كل بلدية، فإن مجلس التعليم أو المدرسة هو المسؤول عن إدارة سلامة الطلاب.
ختامًا، فإن الذهاب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام ممارسة يتم إتباعها رسميًّا منذ أكثر من 50 عامًا في اليابان؛ حيث تعمل على تعزيز النشاط البدني، كما أنها تحقق نتائج إيجابية أخرى، منها أنها أسهمت في جعل اليابان تحقق أدنى معدلات انتشار السِّمنة لدى الأطفال في العالم.
المصدر: مقتطفات تنموية - السنة الثالثة - العدد (6)