دور المثقف في التعريف بالجمهورية الجديدة وضرورتها ورسالتها ومتطلباتها
بقلم: الدكتور عادل عامر
إن التتبع الميداني والمعرفي لموضوع النخبة يظهر بوضوح أنه لا مجال لتعميم تعريف تحليلي صالح لكل زمان ومكان فهناك مراحل تاريخية كانت النخب فيها تلعب دوراً كبيراً في وعي قضايا المواطن والمجتمع والأمة في مجتمعات محددة ولم يكن ذلك مرتبطاً بالضرورة بمجموع الشبكة الاجتماعية التي تشملها هذه الكلمة بأكثر تعريفاتها عملية بل غالباً بالمنسلخين اجتماعياً وسلطوياً عن هذا الوضع أي ليس بمن يفكر بالثقافة كمشروع سلطة بل بإدراك دوره النقدي كسلطة مضادة بامتياز وهنا محك العلاقة بين النخبة والمجتمع بين المثقف والمشروع الحضاري لمجتمعه .
وهذه النخبة هي بدورها متراتبة ومتدرجة وهرمية فهي تعكس إلى حد كبير هرمية جهاز الدولة كما تخضع بدورها لقانون المنافسة الشرسة والناعمة التي تحكم الحقل السياسي عامة والفضاء الاجتماعي برمته وبالتالي فهي ليست متجانسة في مشاربها السياسية ولا في موقعها الاجتماعي .
لكن للنخبة السياسية ميلاً عضوياً قوياً إلى أن تصبح هي “نخبة النخب” بالمعنى المعياري أي سيدة النخب” فهي النخبة التي تهفو إليها كل النخب الفرعية النخبة التي تعتبر نفسها قوى كل النخب وربما فائدة المجتمع ورائدة النخب .
ولعل هذه المكانة المتميزة التي تحتلها السياسة تعود إلى أن مسار السياسة هو السلطة وأن تمحور الصراع حول حيازة السلطة يؤشر إلى درجة سلطوية المجتمع إي إلى ضخامة كمية السلطة المتوزعة في ثنايا الجسم الاجتماعي وإلى كون السلطة تقليديا في المجتمع هي البوابة الكبرى إلى الوجاهة الاجتماعية والتميز والأمن والثروة والنفوذ .
ولعل جاذبية التميز والريادة التي تتحكم موضوعياً في دينامية النخبة السياسية تعود من جهة إلى قوة السلطة وتميزها في اتخاذ القرارات مما يدفعها إلى الاستعلاء عن النخب الأخرى عن طريق امتصاص رحيقها عبر استدماج فئاتها أو نخبها العليا واستعمال خبرتها وفكرها واستخدامه وكأنه متولد عن النخبة السياسية ذاتها بعد صهره وتكييفه
وهناك من يري أن النخبة السياسية تحديداً تتشكل من تركيبة متجددة تتبادل تمثيل المجتمع والدفاع عن المصالح الخاصة والعامة داخله وهي محلية النفوذ وليست بدائمة … كما أن هناك فرق أساسي بين النخبة السياسية وباقي النخب حيث تتمتع هذه النخبة بصلاحيات تمكنها من اختيار السياسة التي تحقق طموحاتها وأهدافها مما يوسع من سلطاتها ويمنحها تأثيرات غير محدده عكس النخب الأخرى التي تمارس نفوذها وسلطتها داخل مجالاتها الخاصة دون أن تستطيع التأثير علي التوجهات السياسية بشكل قوي وفعال .
تشكل الهوية الوطنية بالإضافة إلى الهويات السياسية التي تنشأ في ظل ورعاية الدولة الأساس لسلوكية المجتمع والدولة، ويقرر مدى التناسق في السلوكية بين المجتمع والدولة مستوى الشرعية السياسية للدولة، مستوى الشرعية السياسية للدولة وسلطاتها، كما يسهّل لها العمل على تعبئة القدرات الوطنية من اجل تحصين موقعها بين الأمم الأخرى أو تحقيق أهدافها بالنمو والازدهار. في المقابل نجد أن الحياة السياسية الدولية، لا تخضع لنفس الأطر التنظيمية والمؤسساتية، بل تسودها حالة من الفوضى، من المفترض (نظرياً) أن تعمل كل دولة منفردة وفق عقلانية تراعي تحقيق المصلحة الدولية المشتركة، وذلك بالتعاون والتناغم مع الدول الأخرى التي تكوّن ما يعرف بالنظام الدولي، وذلك بالتوازن مع جهودها لتحقيق اكبر قدر من مصالحها الذاتية العليا. ولكن لا تخضع قواعد اللعبة في المصالح المتنافسة بين الدول لقوانين وقواعد منظمة، بل لقاعدة القوة والنفوذ، وقدرة الدولة على تقديم مصالحها الخاصة على مصالح الدول الأخرى.
من المؤكد أن هناك منظمات وقوانين وأعراف ترعى النظام الدولي، وأبرزها الأمم المتحدة وما يترفع عنها من منظمات بالإضافة إلى معاهدات دولية وأحلاف وتكتلات إقليمية، ولكنها لا تمتلك التنظيم المتماسك والقوانين الضابطة والرادعة، او نظام السيطرة الأمنية الذي ترعى الدول بموجبه شؤونها الداخلية، فالمؤسسات الدولية تعمل عن طريق نظام عقلاني مرن، يرتكز في اغلب الأحيان على الأقناع أو دبلوماسية المساومة، ونادراً ما يلجأ لاعتماد الآلية "القسرية" لتنفيذ قراراته.
في نهاية القرن العشرين كان يمكن النظر إلى العالم على انه يخضع لنظام سياسي دولي مؤلف من طبقتين: الطبقة الأولى وتعنى بالنشاطات السياسية الداخلية مع كل ما يتفرع عنها من نشاطات اجتماعية واقتصادية والتي يجري تنظيمها وضبطها بواسطة منظمات وقوانين تشكل نظام الدولة الراعية لكل عمليات التنافس بين الأفراد أو بين المجموعات المكونة للمجتمع، والطبقة الثانية التي تتركز على التنافس والتعاون بين الدول ضمن ما يعرف بالنظام الدولي مع كل ما يمكن أن يمكن أن ينتج عن ذلك من تناقض بسبب تعارض المصالح فيما بينها أو بسبب سعي بعضها لزيادة مكاسبها على حساب الدول الأضعف منها، من هنا تبرز أهمية ديبلوماسية المساومة للتوفيق بين المصالح المتناقضة، ومنع نشوء أزمات بين الدول تؤدي في حال تفاقمها لنزاعات مسلحة.
تأسيسًا على ما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى أبرز ملامح الجمهورية الجديدة، والتي تمثل عصرًا جديدا فى التاريخ المصري، يختلف عن جميع ما سبقه من عصور فى حجم الإنجازات والطفرة التي شهدها الاقتصاد، حيث يتم إطلاق مصطلح “الجمهورية الجديدة” عندما يتم تصميم جمهورية جديدة تقضى على كافة أوجه القصور التي كانت بالجمهورية القديمة.
منذ العام الأول لتولى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” رئاسة الجمهورية، جاء قطاع الإسكان من ضمن أولويات الحكومة، والذي شهد طفرة غير مسبوقة، من خلال المشاريع العديدة والمبادرات الرئاسية التي تمت في هذا القطاع خلال الفترة (2014- يونيو2020)، والتي تنوعت ما بين إنشاء وحدات الإسكان الاجتماعي وطرح أراضى للبناء بمختلف المحافظات، ومبادرة “سكن لكل المصريين”، وخطط التطوير العمراني لعواصم المحافظات والمدن الكبرى وحصر الأراضي الفضاء غير المستغلة.
كذلك اهتمت القيادة السياسية في مصر بإنشاء مدن جديدة، وهى مدن الجيل الرابع، والتي تعتبر نقطة التحول في القطاع العقاري بمصر، ويبلغ عددها نحو 20 مدينة، من المنتظر أن تستوعب نحو 30 مليون نسمة، ومن أبرز هذه المدن: العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، الجلالة، المنصورية الجديدة، الإسماعيلية الجديدة، غرب أسيوط، شرق بورسعيد، غرب قنا.
وتأتى العاصمة الإدارية الجديدة على قمة التطوير العمراني الذى تشهده مصر حاليا، حيث ستكون هذه العاصمة مقر مركز قيادة الدولة الاستراتيجي، ومركز سياسي وثقافي واقتصادي رائد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتعتبر بمثابة مرحلة تثبيت الأركان على أسس جديدة، حيث تضم أيضًا مدينة المال والأعمال، وهو مركز يخدم القاهرة الكبرى ومحافظات قناة السويس الثلاث (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس)، وسيكون من أكبر المراكز في الشرق الأوسط ما يخدم توجه الدولة الساعية إلى دعم مستقبل نفوذها في المنطقة ليشكل ركيزة لمشروعاتها الاقتصادية في البحر المتوسط وتأمين الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.
بدأت مصر في تطبيق المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ نوفمبر 2016، في ظل ظروف صعبة كان يمر بها الوضع الاقتصادي، وقامت هذه المرحلة على معالجة الاختلالات الاقتصادية الداخلية والخارجية لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، بتعويم الجنيه المصري وتنفيذ برنامج لضبط الأوضاع المالية العامة مدته ثلاث سنوات للحد من العجز الشديد في الميزانية، وتشديد السياسة النقدية لاحتواء ضغوط التضخم، والإصلاحات التي بدأت لمعالجه الدعم غير الفعال للطاقة، بالإضافة إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتحسين مناخ الأعمال التجارية.