تخرج الشاعر الدكتور طارق أبو حطب في كلية الدراسات الإسلامية ، وكان من أبناء قسم اللغة العربية المميزين الجادين المحبين العاشقين ، واللغة العربية بأقسامها وكلياتها درة الشعر وعاصمة الحرف ، وربة بيت الشعر أو الفن المدلل في لغتنا الوارفة.
غير أن البيئة الثقافية التي نشأ بها الشاعر ، ومشاركاته الأدبية ، وعضويته العاملة في نادي الأدب ، ومساهماته النقدية في الصحف الالكترونية والورقية ، أفصحت عن شاب تجاوز الأربعين وهو مازال يحلم وينظم ، وتيمنى ويرجو .
وقد قيل :" من لم يكتب قصيدة أو تطربه قصيدة ؛فليبحث لنفسه عن أصل آخر فما هو بعربي" وفي قصيدته ، جعل الشعر حبا ، وموجا يفيض سحرا وجمالا على الحياة ، بهمس حروفه ، وعلو همته، وعذوبته ورونقه يقول:
يفيض الشعر بالسحر الحلال
وهمس الحرف يسكنه الجمال
ونبض القلب للجوزاء يسمو
يروم القرب من ساح الوصال
إن من البيان لسحرا ، ومن الشعر لحكمة ، وهذا البيان وهذه الحكمة هما تجربة شاعر صادق العاطفة مسجور الطلعة ،مسحور المخيلة ، تأتيه الكلمات تباعا ، فيصوغ منها أعذب الكلمات ، ويبث شجونه ، ويغرد بسلام، فنحن نتعلم ممن يتحدث عن نفسه بصدق ، يقول:
أبث خوالج الكون اشتياقي
و بثي ليس يخطؤه الخيال
فروض الشعر في الخفاق يزهو
و بوح صداه أنطقه المحال
والشعر حين يكون بلغة سهلة بسيطة ، وأسلوب سلس عذب ، يفتح للقلوب آفاقا رحبة من الجمال ، فيجعلنا نؤمن برحابة الكلمة ونعانق في وداعة الربيع شدو الحياة ، يقول:
فكم غنى بدوح العشق طير
و كم تاقت إلى نيل الكمال
و كم نفس سقاها الهجر يأسا
فأغناها عن اليأس المقال
و كم حرف أحال البؤس نعمى
و أسكن في مواطنه الدلال
أرأيت هذه المتناقضات ، التي أعطت الأبيات وضوحا في المعنى ، ثم يبث الشاعر آهاته ، ويمسح معنا عبراته ، كلما تلاطم موج شعره ، فالحروف نعم تثلج القلب وتربط على الكتف ، وتصنع عالما فاضلا ، يغاير عالم البؤس والهجر والشقاء.
ثم يقول:
يتيه الشعر بالفصحى و يحلو
بشهد قصيده العذب الزلال
إذا باح القريض بسر صب
كساه الشعر من حلل الجلال
و لو فاح العبير بدرب قوم
تهيم النفس يسعدها النوال
و لو صيغت بحور الشعر عقدا
فماذا بعد في الدنيا ينال
و لو نثرت حروف النظم درا
لكان المرء محمود الفعال
وتتوالى أبيات القصيدة عقدا متناسق الحبات ، متلألأ النغمات ، ولعل ( طارق ) حين صاغ قصيدته ، أراد أن يتحقق حلمه على أرض واقعه ، وأن الفرار لايكون إلا للشعر ، فالشعر هو الحب ، والنغم ، هو الموسيقى ، والعاظفة ، هونبض القلوب ، وموقظ الهمم ، هو الرياض الزاهرة ، والعيون الباهرة ، هو الإنسان في أبهى وأنقى صوره. وهو كما يقول الشاعر:
فهذا الشعر في الدنيا لسان
كصوت الحر يخرسه الجدال
و إن كان القريض سليب فكر
رمته النفس في جوف الخبال
هي الأشعار أكوان و سلوى
و أوزان بلا قبح ارتجال
فإن آتاك بالحسنى فمرحى
ببيت الشعر باق لا يزال
و إلا دعه للهمم العوالي
وقاك الله من زلل الرجال
انتهت القصيدة ولم ينته الشعر ، ويبقى طارق أبو حطب الشاعر الإنسان ، الجميل الفنان ، النقي البهي التقي، البحار الذي يغوص في لغة الضاد ، فسيتخرج دررا، وينظم من حروف اللغة سرورا حيا ....