recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

مستقبل سوق السيارات في ظل المخاطر العالمية

 

مستقبل سوق السيارات في ظل المخاطر العالمية

ارتفعت أسعار السيارات في الأشهر الأخيرة، كما هو الحال مع العديد من السلع الاستهلاكية الأخرى؛ فوفقًا للأرقام الصادرة عن شركة تحليل البيانات J.D. Power  ارتفع متوسط ​​سعر المعاملات للمركبات الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، بنسبة 11.8٪ على أساس سنوي في يوليو 2022، جنبًا إلى جنب مع ارتفاع أسعار البنزين وارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي جعل حيازة السيارات أكثر صعوبة؛ مما أدى إلى تباطؤ في مبيعات السيارات على مستوى العالم، ومن المتوقع استمرار ارتفاع أسعار السيارات بسبب أزمة سلسلة التوريد العالمية، والنقص المستمر في الرقائق الإلكترونية، وأزمة ارتفاع تكاليف المواد الخام التي تفاقمت بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية.


الوضع العالمي لسوق السيارات:

حجم المبيعات العالمية للسيارات الجديدة:


في عام 2021، ارتفعت المبيعات العالمية للسيارات الجديدة بنسبة بلغت 3.6٪ لتصل إلى 65.9 مليون وحدة مقارنة بعام 2020، ولكن ما زال حجم المبيعات منخفضًا مقارنة بمستويات ما قبل كوفيد-19، كما زاد التأثير على صناعة السيارات وسط أزمة نقص أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم.


ووفقًا للمناطق، سجلت منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أعلى نسب نمو في مبيعات السيارات في عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث ارتفعت مبيعات السيارات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بنسبة 17.4% في عام 2021 مقارنة بعام 2020 لتصل إلى 3.1 ملايين سيارة مباعة، تليها منطقة أمريكا الجنوبية؛ حيث سجلت نسبة نمو 10.5٪ مقارنة بعام 2020، لتصل إلى 2.8 مليون وحدة خلال عام 2021.


وفي منطقة أمريكا الشمالية، ارتفعت مبيعات السيارات بنسبة 6.1% مقارنة بعام 2020، وسجلت الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعًا بنسبة 5.5% مقارنة بعام 2020، لتصل إلى 11.9 مليون وحدة في عام 2021.

بينما تراجع حجم المبيعات في أوروبا بنسبة 1.6٪ لتصل إلى 14.3 مليون سيارة في عام 2021 مقارنة بعام 2020. وأظهرت البيانات تراجع مبيعات السيارات في كل من تركيا والاتحاد الأوروبي بنسبة (7.7٪) و(2.4%) على التوالي. ومع ذلك، حققت كل من أوكرانيا وروسيا زيادة في مبيعات السيارات بنسبة 21.2% و2.7% على التوالي في عام 2021.


وفي آسيا، نمت مبيعات سيارات الركاب في الهند بنسبة 26.3٪ خلال عام 2021، لتصل إلى 3 ملايين وحدة، متجاوزة بقليل حجم مبيعات السيارات في عام 2019 قبل انتشار الوباء، والتي وصلت إلى 2.9 مليون وحدة. هذا، في حين ظلَّ الطلب في الصين في عام 2021 قريبًا من مستويات عام 2020، مع نمو في مبيعات السيارات بنسبة 1.6٪، كما استحوذت الصين على حصة من مبيعات السيارات العالمية أعلى من 30٪.


ونظرًا لتأثير ما بعد التعافي من الوباء والقيود على جانب العرض؛ بلغت مبيعات السيارات اليابانية في عام 2021 نحو 3.7 ملايين وحدة، بانخفاض 3.7٪ مقارنة بعام 2020. كما انخفض عدد مبيعات سيارات الركاب في كوريا الجنوبية أيضًا بنسبة 9.5٪ على أساس سنوي، مع استمرار نقص أشباه الموصلات في الضغط على إنتاج المركبات ومبيعاتها.

إنتاج السيارات عالميًّا:


في السياق ذاته، ارتفع الإنتاج العالمي من السيارات بنسبة 2.7٪ ليصل إلى إلى 63.2 مليون سيارة تم تصنيعها في عام 2021. ومع ذلك، لا يزال أقل بنحو 11 مليون وحدة من مستويات ما قبل الجائحة لعام 2019.


في عام 2021، أدت أزمة نقص أشباه الموصلات إلى تقييد نشاط صناعة السيارات العالمية؛ مما أعجز عملية الإنتاج عن سد حجم الطلب على السيارات. ونتيجة لذلك، تقلص إنتاج سيارات الركاب الأوروبية بنسبة 5.7٪ في عام 2021. وكانت أوكرانيا وروسيا الدولتين الوحيدتين في أوروبا اللتين سجلتا نموًّا في إنتاج سيارات الركاب في عام 2021؛ حيث زاد الإنتاج فيهما بنسبة 75.1% و7.3% على التوالي.


كما ارتفعت نسبة إنتاج سيارات الركاب في الولايات المتحدة الأمريكية لتصل إلى نحو 6.3 ملايين سيارة في عام 2021، بزيادة 3.1٪ مقارنة بعام 2020؛ فقد واصل المصنعون تركيز جهودهم على الحفاظ على الإنتاج لسد حجم الطلب على السيارات، وذلك على الرغم من النقص المستمر في أشباه الموصلات.


كما ارتفعت نسب إنتاج السيارات في أمريكا الجنوبية بنسبة (11.2٪)، مقارنة بعام 2020، وهذا راجع إلى ارتفاع الإنتاج في كل من الأرجنتين والبرازيل.


وفي الصين، ارتفع إنتاج سيارات الركاب بنسبة 7.1٪ في عام 2021، ليصل إلى 20.7 مليون وحدة، على الرغم من مشكلات الإمداد وانقطاع التيار الكهربائي؛ إذ حافظت الصين على مكانتها كأكبر منتج للسيارات في العالم بحصة سوقية تقارب 33٪.


أما اليابان وكوريا الجنوبية، فقد واجه إنتاج السيارات فيهما انخفاضًا بنسبة 4.9٪ و1.3٪ على التوالي في عام 2021. وهذا يرجع إلى مشكلات سلاسل التوريد، لا سيما في النصف الثاني من عام 2021.

كما سجلت إندونيسيا وتايلاند نسب نمو مرتفعة في إنتاج السيارات (58.5٪ و16.5٪ على التوالي) مقارنة بعام 2020، وسجلت الهند أداءً مماثلًا؛ حيث زاد إنتاج سيارات الركاب فيها بنسبة 28.2٪ خلال عام 2021 مقارنة بعام 2020.


 تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سوق صناعة السيارات:


كان لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022 تأثير فوري على قطاع صناعة السيارات في مجالات رئيسة، على النحو التالي:


إنتاج المركبات:

إذ أدت الحرب إلى مشكلات سلسلة التوريد، ونقص أشباه الموصلات، والذي كان له بالفعل تأثير قبل الحرب الروسية الأوكرانية. هذا، وتتوقع شركة LMC للسيارات أن الإنتاج العالمي سينخفض بمقدار 400 ألف وحدة في عام 2022؛ مما يقلل من مبيعات السيارات العالمية في عام 2022 إلى 85.8 مليون وحدة، مقارنة بـ 93 مليون وحدة التي يمكن بيعها إذا تمكنت شركات صناعة السيارات من تلبية الطلب.

وسيستمر النقص في إنتاج السيارات عالميًّا؛ مما سيؤثر على ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة. في الوقت نفسه، يؤدي ارتفاع أسعار الغاز وارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة شراء السيارات؛ مما قد تؤدي بدورها إلى انخفاض كبير في الطلب على المركبات.


تجدر الإشارة إلى أن روسيا تضم 34 منشأة لتصنيع السيارات تنتج مختلف أنواعها، وقد أوقفت معظم المصانع عملياتها بسبب نقص قطع الغيار، والعقوبات المفروضة على روسيا، واختناقات التسليم على الحدود الروسية. كما انخفضت أسعار أسهم العديد من صانعي السيارات الذين لديهم عمليات كبيرة في المنطقة. هذا بالإضافة إلى شركات صناعة سيارات عديدة توقفت عن تصدير السيارات إلى روسيا.


وقد تأثر بهذا الوضع العديد من اللاعبين الرئيسين في الصناعة، مثل: "فولكس فاجن"، و"مرسيدس بنز دايملر"، و"بي إم دبليو"، و"هوندا"، و"تويوتا"، و"فولفو"، و"نيسان"، و"لاند روفر"، و"فورد"، وغيرها. كما تعطل الإنتاج في أنحاء أوروبا الشرقية أيضًا، فيما ستظل الأسعار مرتفعة.


الموردون:

لا يعمل الكثير من موردي قطع الغيار في مناطق النزاع، لكن المكونات الرئيسة، مثل أسلاك التوصيل، مصنوعة من قبل مقاولين من الباطن في أماكن مثل أوكرانيا. فقد أغلقت شركة Leoni AG مصانعها التي تنتج أنظمة الأسلاك في أوكرانيا، والتي تشحنها إلى شركات صناعة السيارات الأوروبية.

أما شركة Magna International Inc فصرحت بأنها أوقفت عملياتها في روسيا، التي تضم ستة مصانع ونحو 2500 موظف. هذا ويشكل صانعو السيارات الذين يعتمدون على قطع غيار من الصين وأوروبا الشرقية فِرق عملٍ لرسم طرق تجارية بديلة لتوريد قطع الغيار.


المواد الخام:

تُعَد روسيا مصدرًا رئيسًا للبلاديوم وغاز النيون، وهما من عناصر الإنتاج الأساسية في صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات. وبشكل عام، ارتفعت أسعار المعادن النفيسة بنسبة 10 إلى 30%. كما يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكاليف الإطارات والبلاستيك والطلاء وما إلى ذلك من مكونات إنتاج السيارات.

واتصالًا، فإن زيادة أسعار المواد الخام، إذا انتقلت إلى المستهلكين، من شأنها أن ترفع أسعار المركبات بنسبة 2 إلى 3%، كما سيكون للحرب والعقوبات على روسيا تأثير مباشر على السلع الأساسية؛ إذ ارتفعت أسعار البلاديوم بأكثر من 26% منذ الأول من يناير 2022.


الخلاصة، قد لا تنقطع إمدادات أشباه الموصلات لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، لكن عدم توفر النيون من روسيا قد يؤدي إلى تفاقم نقص الرقائق ويزيد من التكاليف اللوجستية. ويمكن للشركات التي أُجبرت على تعليق الإنتاج في روسيا أو بسبب قيود سلسلة التوريد المرتبطة بالحرب أن تتوقع انخفاضًا في المبيعات ربع السنوية والسنوية المتوقعة.


وقد ينطوي نقل الإنتاج إلى بلدان أخرى على تكاليف رأسمالية ضخمة، وسيتطلب تحليلًا مفصلًا لطرق استيراد الموارد لتجنب التأخير في الصادرات والواردات.


هل تأثرت سوق السيارات في مصر من ارتفاع الدولار؟


 في الواقع شهدت أسعار السيارات ارتفاعًا حادًّا في مصر خلال الأشهر الماضية مع ارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصري، وفرض قيود على الواردات، وسط تراجع المعروض وإعادة توجيه حصص السوق المصرية إلى دول أخرى.


ووفقًا لرئيس الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية المصرية، فإن أسباب أزمة السيارات في مصر إلى تراجع العرض بالنسبة للطلب بأكثر من 50٪، واتجاه بعض شركات السيارات الأجنبية لإعادة توجيه حصة مصر من سوق السيارات إلى دول أخرى بسبب تقييد إجراءات الاستيراد في مصر مؤخرًا، وقد يُعزى هذا الأمر إلى قلة توافر الدولار.

إن سوق السيارات في مصر تعاني حاليًّا من ركود غير مسبوق بسبب الأزمات المتتالية، كالتراجع العالمي في حجم إنتاج السيارات بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية المستمرة، بالإضافة إلى النقص في الرقائق الإلكترونية، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار؛ مما أدى ارتفاع أسعار السيارات بنسبة تتراوح بين 20٪ و25٪ منذ بداية عام 2022.

على الجانب الآخر، تسعى مصر إلى تطوير صناعة السيارات المحلية؛ لذلك أنشأ مجلس الوزراء المصري، في 1 يونيو 2022، المجلس الأعلى لصناعة السيارات، وصندوقًا لتمويل الانتقال إلى النقل المستدام.

وختامًا، توقع معظم المحللين أن تستمر مبيعات السيارات في التحسن في عام 2022 بسبب الطلب المكبوت من عجز السيارات الناجم عن نقص الإنتاج في العامين الماضيين، في حين أن الطلب سيستمر في تجاوز العرض، كما يعتقدون أيضًا أن نقص المعروض من السيارات الجديدة سيتحسن تدريجيًّا في عام 2022.

وفيما يخص إنتاج الرقائق الدقيقة، كان قد توقع المحللون أن يبدأ إنتاجها في رؤية بعض التحسن هذا العام، ولكن خلال الأشهر الستة الأولى من العام نفسه، ظهرت تهديدات جديدة لصناعة السيارات والاقتصاد العام؛ حيث سيطر التضخم على العناوين الرئيسة للاقتصاد، ووصل إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا، وارتفعت أسعار الفائدة، وأسعار الغاز. ورغم محاولات الشركات المصنعة للمعدات الأصلية والولايات المتحدة الأمريكية التخفيف من تأثير أزمة الرقائق الدقيقة والاعتماد على استيراد هذه المكونات من خلال فتح مرافق إنتاج الرقائق الدقيقة محليًّا، فإن هذا الأمر سيستغرق بعض الوقت لتطوير تلك المرافق وبدء الإنتاج.

google-playkhamsatmostaqltradent