recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

محاضرة قيمةحول "الأخلاق و أثرها" لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمدمحمود محمد الجبالي

 محاضرة قيمةحول "الأخلاق و أثرها"

 لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمدمحمود محمد الجبالي



كفر الشيخ. طارق عتريس أبو حطب 


عزيزي القارئ الكريم يشرفنا اليوم ءن نقدم لك فذاءالعقل و إمتاع الروح 


مع هذه المحاضرة الجامعة الماتعة الرائقة و التي جاءت تحت عنوام بعنوان الأخلاق "ماهيتها وأثرها في بناء الفرد والجماعة"

لفضيلة العالم الجليل الأستاذالدكتور أحمد محمود محمد الجبــالي

أستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد

في كلية الدراسات الإسلامية والعربية

بنات – كفر الشيخ – جامعة الأزهر الشريف 


وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية

لخريجي الأزهر الشريف فرع كفر الشيخ


الأخلاق ماهيتها وأثرها في بناء الفرد والجماعة

الأخلاق  موضوع ذو أهمية خاصة في حياة الأفراد والجماعات ، وقد جرت عادة الخطباء والدعاة  أن يقسموا الإسلام إلى شعب أربع: عقائد، وعبادات، ومعاملات، وأخلاق. وربما أوهم تأخير شعبة الأخلاق أنها آخر ما يهتم به الإسلام، أو أنها لا ترقى إلى مستوى الشُّعب الأخرى. والحقيقة التي تتجلى لمن يتدبر الإسلام في آيات كتابه وسنة نبيه، ويتأمل نصوصها وروحها، أن الإسلام في جوهره رسالة أخلاقية، بكل ما تحمله هذه الكلمة من عمق وشمول، ولا غرو أن تكون "الأخلاقية" خصيصة من خصائصه العامة ، حتى إن الرسول  ليلخص الهدف من رسالته فيقول في إيجاز بليغ،   فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» ) رواه أحمد  . 

ويدور حديثنا حول محاور  ثلاثة : 

المحور الأول : علاقة  الخُلُقِ بالخِلْقة ( علاقة الأخلاق بالأجساد)

المحور الثاني : من أين نكتسب الأخلاق ( كيف نحصل على الأخلاق ) 

المحور الثالث : ما الذي يعود علينا من الأخلاق .

الحقيقة أن ثمة علاقة وثيقة بين بناء جسد الإنسان، وبين تمسكه بالأخلاق الطيبة ،  والمحاسن الفاضلة ، فمكونات الإنسان جسد وروح ، ولا قيمة للجسد بلا روح  ، ولذلك نجد تشابها في بناء الكلمتين ( الخَلْق ) بفتح وسكون ، و( الخُلُق ) بضمتين . وإنما جعل السكون للدلالة على بناء الجسد لأنه ثابت غير متحرك ، ساكن غير فعال إن لم يكن به روح ، فناسب سكون اللفظ مع سكون المعنى . وجعل الحركة في عين الكلمة لأن الأخلاق روح ، والروح متحركة غير ساكنة ولا ثابتة ، وغن شئت قل هي متغيرة حسب الأهواء والطباع ، فناسب الحركة في اللفظ الحركة في المعنى . ومما تجدر الإشارة إليه لا يمكن أن يسمى الإنسان أنسانا بلا أخلاق ، مهما أوتي من بسطت في العلم والجسم ، ومن ثم فمناط الإنسانية الأخلاق ، ومحاسن الفعال، ولله در أمير الشعراء أحمد شوقي إذ يقول  : 

صلاحُ أمْــرِكَ للأخلاقِ مَرْجِعُــهُ *** فقَوِّمِ  النفــسَ  بالأخــلاقِ  تَسْتَقِمِ

والنفْسُ مِن خيْرِها في خيرِ عافيةٍ *** والنفسُ من شرِّها في مَرْتَعٍ وَخِمِ

وقال أبو الفتح البستي المتوفي سنة 1122 هـ في نونيته المشهورة 

يا  خادِمَ  الجِسم  كمْ تشقى  بخِدْمَتهِ *** لِتطلُبَ الرَّبحَ في ما فيه خُسْرانُ

أقبِلْ على النَّفسِ فاستكمِلْ فضائلَها ***  فأنتَ بالنَّفسِ  لا بالجِسمِ  إنسانُ

يحزنني كثيرا مقولة : إن الشعب المصري متدين بطبعه ، وهذا الأمر وإن كان ظاهره المدح ، فإنه من الأقوال التي يمكن أن نطلق عليها ، كلمة حق أريد بها الباطل ، يرددها العلمانيون واللبراليون ، وهذا مناقض لمنهجية الإسلام القائمة على أن مصادر الأخلاق الكريمة والفضائل الحسنة هما المصدران الأساسيان ، القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة ، وهذا القول يشبه في حقيقته تلك المقولة الخبيثة والمشتهرة بين علماء الفلسفة والعقيدة ، ( الدين أفيون الشعوب ) ونطق بها الألماني اليهودي ( كارل ماركس ) اليهودي الذي نبش الشيوعية المزدكية اليهودية بعد ما قبرها الإسلام، فاخترع هذه المقالة بزعم أن الدين مخدر للشعوب. وكلامه مردود بالحق الحقيق بالقبول، وهو أن الدين الصحيح الحنيف ملة إبراهيم الذي أمر الله خلقه بإقامته؛ دين يلهب القلوب والمشاعر محرك لجميع الأحاسيس والقوى دافع بها إلى الأمام، لا يقبل من أهله الذل والاستكانة والخضوع للظلم ومجاملة الأعداء والسكوت على الباطل والفساد، أو الجمود على طقوس، وأوضاع ما أنزل الله بها من سلطان. ففي موطأ الإمام مَالِكٌ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ  قَالَ: تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ , وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ . وفي رواية أخرى عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " وكلتا الروايتين يخدم إحداها الأخرى، فالرواية الأولى : ( وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ .) على سبيل الالتفات تنبه أن ما جاء به ليس من عند نفسه  وإنما هو من عند الله الذي اختاره نبيا ورسولا له . وأما الرواية الثانية كان التعريف بالإضافة إلى نفسه بياء المتكلم ، حتى يرد كل أمر ليس من هدي النبي  أي ما صدر عني أنا من قول أو عمل . وعلى ذلك فالأخلاق تكتسب من هذين المصدرين الأصيلين للشريعة الإسلامية وتعاليم الإسلام : القرآن الكريم وسنة النبي محمد – - ، وليس كما يروج البعض أن أخلاقنا سجية فينا غير محدثة ، وإلا فما الفرق بين المسلمين وغيرهم في الأخلاق والمعاملات ، وها هو النبي  ، مع أنه  كان متصفا به بل علا عليه في قوله تعالى :  {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ،  وقال «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» نجده  يطلب من الله حسن الخلق ، وعَنْ مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ كما حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي» ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يُكْثِرُ الدُّعَاءَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ». 

والأخلاق قسمان : حسن صالح ، وسيئ فاسد ، وهو من قبيل قوله تعالى { إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}" هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَيْنِ: سَبِيلَ الْخَيْرِ، وَسَبِيلَ الشَّرِّ، يَقُولُ: عَرَّفْنَاهُ سَبِيلَ الْخَيْرِ، وَسَبِيلَ الشَّرِّ " ،ويعود على الإنسان من تلك الأخلاق ما يلائم ذلك الخلق إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، ويكفي في بيان الفرق بين الأمرين قول ابن عباس: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق. وليس الأمر مقتصرا على الدنيا فقط ، وإنما في الآخرة أيضا ،  حسن الخلق طريق الجنة ، ولذلك عندما يبحث الإنسان عما يثقل به الميزان يوم القيامة فلن يجد سوى الأخلاق ، لملازمتها للإنسان في حركاته وسكناته طوال حياته ، فعن أبى الدرداء عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: (مَا مِنْ شَيءٍ فِي الِميزانِ أَثْقَلُ مِن حُسْنَ الخُلُقِ). وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: "اضْمَنُوا لِي سِتًّا أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ". وعَنْ عمرو بن العاص  أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ  يَقُولُ: (ألا أُخبِرُكُم بَأحَبِكُم إليَّ وأَقْرَبِكُم مِنِي مَجْلِسَاً يَومَ القِيَامَةِ؟) فَسَكَتَ القَومُ فَأَعَادَها مَرتَينِ أَوْ ثَلاثاً قَالَ: القومُ نَعم، يَا رَسُولَ اللَّهِ قال: (أَحسَنُكُم خُلُقَاً) وعلى النقيض فإن أصحاب الأخلاق الفاسدة مبعدون في الدنيا ، مطرودون من رحمة الله في الآخرة  . أما في الدنيا : عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ   إِذْ طَلَعَتْ جَنَازَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مُسْتَرِيحٌ , أَوْ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ " , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ , فَقَالَ: " الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ , وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ , وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ " وأما في الآخرة  يكفيه أن جميع أعماله تذهب هباء لا قيمة لها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ " قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" مسلم 

رزقنا الله حسن الخلق ، وأبعد عنا الخبث والخبائث اللهم آمين ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، وسلام الله عليكم ورحمة وبركاته

محاضرة قيمةحول "الأخلاق و أثرها"   لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمدمحمود محمد الجبالي
دكتور طارق عتريس أبو حطب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent