"القرآن رسالة الإسلام" الحلقة الثانية من الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق
المفكر العربي - علي محمد الشرفاء
أعزائنا القراء نواصل نشر الجزء الثاني من كتاب ومضات علي الطريق، وهو عبارة عن مقترحات لتصويب الخطاب الإسلامي للمفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، وقد بدأ الكاتب هذا الجزء بفصل تحت عنوان "القرآن رسالة الإسلام" وسوف نستعرض معكم حاليا الجزء الثاني من الحلقة وفيه يقول: لا مناص للمسلمين إلا بالعودة إلى المرجعية الأُم والأوحد والأعلى، مرجعية القرآن الكريم.
كي لا ترتهن عقولنا لمرجعيات دينية من بني البشر، اتخذوا أحاديثهم ورواياتهم حُجة على رسالة الإسلام القرآن الكريم-، مما جعل أكثر الناس ينصرفون عما أنزله الله على رسوله في كتاب مُبِين، داعيا المسلمين إلي تصويب مسارهم اليوم، وفق قواعد كتاب الله المُحْكَم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لنكون وبحق الأمة الوسط التي تأمر بالمعروف والعدل، تحمي حق الحياة للناس جميعًا.
القرآن رسالة الإسلام (2)، لقد كانت قوى الشرّ متربصة ومستنفرة للهجوم على دين الإسلام، وحاولت بشتى الوسائل اغتيال رسالته، رسالة الحرية والعدل والمحبة والسلام، وهكذا استدعت تلك القوى شَياطينها ومُفكّريها، ليبتدعوا أخبارًا مُلفقة، وإشاعات مُزيفةً، وأحداثاً مزورة، وأساطير إسرائيلية.
اختلقوا الدّعايات المُضَلِلَةَ ونَسبوا الكثير من ذلك إلى روايات عن الصحابةِ واجتهادِ العُلماءِ الّذين اعتمد كلّ منهم على مصادره الخاصة، فتكونت زعامات دينية متعددة اتخذت من الروايات مصادر لمساعدة الخلفاء في تمكين سلطتهم وحماية مُلكهم تحت غطاء ديني، وحرفوا مقاصد الآيات لتخدم أهدافهم الدنيوية ليتقربوا من السلطان، ويقتاتوا مما يُغدقه عليهم من مال ومكانة، مُسَخّرين في إقناع الناس بعدله ورحمته لهم حتى يتحول إلى اختزال الدولة والشعب في شخصه، وهكذا كان دور الكهنة في العصور الغابرة منذ أيام الفراعنة.
فليُصَوّب المسلمون مسارهم اليوم ، وفق قواعد كتاب الله المُحْكَم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لنكون وبحق الأمة الوسط التي تأمر بالمعروف والعدل تحمي حق الحياة للناس، تدعو للخير والعمل الصالح، تقف المظلوم وترد الظالمين، تُحَرِّم الفساد مع في الأرض، تحمي حق الحياة للناس جميعًا، تُدافع عن حرية الإنسان في عقيدته، وتحترم رأيه فيما يحقق مصلحة الناس، تقف ضد العدوان بكل أشكاله، تُشَجع على العلم والبحث والمعرفة، تسعى لكل ما ينفع الإنسان ويحقق لهم السلام والأمان والعيش الكريم، تنشر التسامح والمحبة بين البشر تحمى العدالة ليأخذ كل انسان حقه.
وليكن تصويب الخطاب الديني هو تكليف الله لعباده الذين يتدبرون آياته، ويرشدون الناس لبيناته، يوضحون لعباده مقاصد تشريعاته وعظاته، ليعلموا ما يريده الله لخلقه من خير في الحياة الدنيا وما يحذرهم منه يوم الحساب ليجعلوا أعمالهم في الدنيا من عمل الصالحات تمهيدًا ليوم القيامة: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ «۳۸») (النور).
إنَّ فيه تَقَرُبا إلى الله، كما فيه الخلاص والنجاة باتباع ما أنزله الله على رسوله قبل يوم الحساب، فكما أمر الله المسلمين بالتدبر في كتابه الكريم، فإنَّ جميع المسلمين اليوم مدعوون لدراسة الأسباب التي أدت للخلاف والاختلاف والفرقة بين المسلمين وانتشار الفتن بين الصحابة ومن تلاهم من الأجيال الذين نتج عنها الاقتتال وسفك الدماء بين الأخوة والأقارب وهم تخرجوا من مدرسة محمد-ﷺ.
فكم من ألوف الأرواح قد زُهِقَت؟، وكم من آلاف الرؤوس قد قطعت منذ وفاة الرسول وحتى يومنا هذا ؟ وليسأل الدعاة والوعاظ والعلماء وشيوخ الدين أنفسهم السؤال الآتي قبل أن يُسألوا يوم الحساب: لماذا انصرف المسلمون قرونًا طويلة عن اتباع رسالة الإسلام التي بَلَّغَهَا رسول الله للناس في كتاب مُبين؟، لماذا ابتعد المسلمون عن تطبيق التشريع الإلهي وأحكام آياته، والالتزام بتطبيق شريعة الله وما تضمنته من القيم والأخلاق الرفيعة الداعية للخير والمحبة والعدل والسلام والرحمة؟
– ومن أجل الإجابة الصادقة، لا يمكن أن نصل لمعرفة الحقيقة إلا بالتدبر في قرآنه، والتعرف على دلالات آياته ومراميها العليا لمصلحة من خلقهم سبحانه وتعالى، فهو الرحيم بهم ، ولأجل هذا وضع لهم القواعد التي تضيء لهم طريق الحياة وتحميهم من الضنك والشقاء والخوف والبؤس والاعتداء على بعضهم ظلمًا وعدوانًا، سخَّر للناس كل مخلوقاته وكرّم الإنسان ليستمتع بنعمه فوق الأرض وفي باطن الأرض، كي تكون طوعًا لبني الإنسان وفى حاجته.
إذن، لا مناص للمسلمين إلا بالعودة إلى المرجعية الأُم والأوحد والأعلى، مرجعية القرآن الكريم، كي لا ترتهن عقولنا لمرجعيات دينية من بني البشر، بعد أن أضفوا عليهم حُللاً من القداسة والغلو واتخذوا أحاديثهم ورواياتهم حُجة على رسالة الإسلام القرآن الكريم-، مما جعل أكثر الناس ينصرفون عما أنزله الله على رسوله في كتاب مُبِين.
وقد أراد الله لنا أن نعتصم بكتابه العزيز، وخلف الرسول الخاتم الذي بلّغ عن ربه كما أمره.. منهجا واحدا أراد الله لنا التوحد خلفه ونتبع آياته ونطبق تشريعاته ونتبع عظاته، كي لا تحدث الفرقة والتشرذم ويتحول المسلمون إلى شيع وفرق وطوائف تقاتل بعضُها بعضًا، لكنه حَدَثَ بالرغم بأن الله سبحانه أمرنا بقوله:(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا«١٠٣») (آل عمران) كما أنه سبحانه حذَّر العرب المسلمين بقوله:(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ«٤٦») (الأنفال).
ولذلك، ولعدم اتباعنا لما أمرنا الله به وما حذرنا منه، وقع المسلمون في المحظور، لأنهم لم يدركوا دعوة الله لهم بالتوحد خلف رسوله، وما أنزله الله لهم في كتاب مبين، وقد قال فيهم سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ «١٥٩») (الأنعام).
فقد ضَرَبت الفرقة صفوفَهم وتفرقوا شيعًا وطوائف شتى، ونشر الأعداء بين المسلمين الفتن التي أدت للصراع والاقتتال والتدمير، وتَخَلّفوا عن رَكْب الحضارة بالرغم مما يحمله العرب من رسالة إنسانية وحضارية مؤسسة على الرحمة والعدل والحرية والسلام والدعوة للعلم والمعرفة، وفروض إلهية مُلزمين باتباعها، إيمانًا ودينا، قولا وعملا، ولو اتَّبع المسلمون رسالة الإسلام -كما أمرهم الله- لأصبحوا قادة للحضارة الإنسانية تنشر السلام وتُشجع المعرفة، وتقدم للإنسان ما ينفعه من خير وتطور لبناء مجتمعات الفضيلة والعيش الكريم.
فإذا ما اتحد المسلمون خلف مرجعية القرآن الكريم، أمكننا بذلك إزالة الفرقة ووقف التدهور الحاصل جراء التشرذم والتفرق، ولأمكننا تفويت الفرصة على المتربصين بهم والأعداء الذين يتمنون بقاء الفرقة لتستمر ويدوم الوضع الحالي في هيئته المزرية، تلك التي كانت في الماضى كما نراها اليوم، مذاهب شتى، وفرق متعددة، الأمر الذي يصب في صالح العدو استثمارًا واستغلالاً، حين يرتع في ثرواتنا، ويَعْبَث بأمننا، ويستبيح أوطاننا لما شهد في أهلها انشغالا عنه.
فأمتنا في اقتتال دائم، داخلي وخارجي، قد أنهكها وأضعف قدراتها وشل تفكيرها، فلم تعد ترى القادم من الخارج من خطط خبيثة تسعى لتشويه رسالة الإسلام لوأدها وهدم أوطانها، ليسقط مئات الألوف من الضحايا فداءً لصالح أعداء الأمة العربية يستبيحون أوطانها وسرقة ثرواتها واستعباد مواطنيها، نعم لن يكون لنا مخرج إلا بالعودة والتوحد خلف المرجعية الإلهية -القرآن الكريم- وترك كل ما سواه من مرجعيات وفتاوى واجتهادات صادفت هوى النفس وإغواء الشيطان، وأسلمتنا رغمًا عنا للفرقة والضياع، فكان ما كان من الحروب والقتل والتدمير والفتن المتلاحقة.
لا خلاص للمسلمين سوى الرجوع لكتاب الله سبحانه وتعالى وقرآنه الكريم، الذي يُضيء لنا الطريق ليخرجنا من الظلمات إلى النور، فماذا حدث بعد وفاة الرسول -ﷺ؟، دبُّ الخلاف بين الصحابة واشتعل الصراع بينهم، وتقاتلوا بلا مبرر، وتناسوا ما علّمهم رسول الله بما أنزل عليه من آيات بينات ودعوته لهم بقول الله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ«٢») (المائدة).
وبعد أكثر من مائة عام، استحدثت عشرات الآلاف من الروايات والإسرائيليات منسوبة للرسول ظلمًا وافتراء ، وظهر الخطاب الديني معتمدًا على مرجعيات بشرية ومفاهيم مشوهة قصرت عن إدراك مراد الله من آياته لصالح خلقه، وتمّ عزل القرآن الخطاب الإلهي للناس الذي كلَّف الله سبحانه رسوله أن يبلغه للخلق، تأكيدًا لقوله سبحانه: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا«٩») (الإسراء).
وقال تعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ«٣»)(الأعراف)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ«٦٧») ( المائدة)، وقال تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ «٤٣» وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ«٤٤» (الزخرف: ٤٣ – ٤٤).
وقال تعالى: (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ«٤٥») (ق)، وقال تعالى: (المَصَ«١» كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ «٢») (الأعراف: ۱ – ۲)، وقال تعالى: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ«٦») (الجاثية)، تلك تكليفات الله لرسوله أن يُبَلِّغ الناسَ بما أنزل إليه فقط وهو القرآن الكريم، ويأمر المسلمين بألا يتبعوا غير كتاب الله المنزل على رسوله، ليصبحوا مسلمين وليغفر الله لهم ذنوبهم ويسكنهم جنات النعيم.
تلك رسالة الله للناس، ولا شأن للمسلمين بروايات بشرية وفتاوى متناقضة، لا تلزم المسلم أقوال عباد الله بدلا من كلام الله، إنما المسلم ملزم بما نقله الرسول للناس عن ربه من آيات بينات، ولا يجوز أن نضع كتاب الله في مجال المقارنة بين الخالق وبين عباده، فعليهم أن يتدبروا قرآنه ليهديهم الطريق المستقيم، طريق الحق والرحمة والعدل والسلام والإحسان والتسامح وعدم الإعتداء على الناس وعدم قتل النفس البريئة وإفشاء السلام، فهي رسالة السلام من رب العباد يدعوهم لما يصلحهم.
فعلينا أن نترك الأموات في قبورهم، وندع ما قالوه وما افتروه على الله ورسوله ليوم الحساب، يوم لن ينفع الإنسان إلا إيمانه واتباعه لرسوله وما ذكرهم به في قرآنه، فلا يجب على المسلم أن يتوه في الروايات والأقوال والإسرائيليات حيث إن كلام الله في كتابه سيظل حيًا يتفاعل في كتابه سيظل حيًا يتفاعل مع الأحياء حتى تقوم الساعة، يدعوهم للتدبر في حكمته وفي عظاته وفي تشريعاته وفي تعاليمه من أخلاقيات نبيلة وقيم فاضلة، لقد أكلت الرّمَةُ أجساد من يسمونهم الأئمة، وتناثرت أفكارهم في الهواء، وأصبحت والعدم سواء، إلا كتاب الله الباقي ما دامت السموات والأرض، يهدي الناسَ لما ينفعهم ويحذرهم مما يضرهم، ويضيء لهم طرق الخير والمحبة، ويأمرهم بالوحدة وعدم التفرق.
فيوم القيامة سيقف المسلمون أمام الخالق الجبار العادل، فيسألهم: هل اتبعتم ما أُنْزِل إليكم من ربكم؟، فيجيبون، يا ويلنا، لقد أضلّنا الشيطان واتبعنا الإمام فلان عن فلان، فيجابون: لقد ظلمتم أنفسكم باتباع، عبادي وحسابكم اليوم عسير، وقد وجهت لكم بالقول: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ «١٢٣» رِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ «١٢٤» قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا«١٢٥» قَالَ كَذلِكَ أَتتَكَ ايَتُنَا فَنَسِيتهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى «١٢٦») (طه: ١٢٣ – ١٢٦).
والمسلمون يعلمون ويؤمنون بأن الله سبحانه لم يُنَزِّل كتابًا جديدًا لأحد من خلقه غير كتاب الله الذي أنزله على رسوله محمد -ﷺ- والذي تضمن رسالة الإسلام للناس كافةن وأتساءل: هل أنزل الله في كتابه أن نتبع البخاري أو غيره من المتقولين على الرسول كذبًا وافتراء؟، وهل أمر الله الناس بما لم يجده المسلمون في القرآن يجدونه عند البخاري وأصحاب الروايات؟، وهل رسالة الإسلام ناقصة حتى يكملها البخاري وغيره؟، ألم يكفنا كتاب الله وما يدعو إليه من خير وصلاح للإنسان؟، وهل الإسلام ألزم المسلمين باتباع البخاري وزمرته؟، أليس لدينا إمام واحد، هو محمد رسول الله وكتاب واحد هو القرآن الكريم؟
المسلمون ليسوا بحاجة إلى أكثر من شيخ ومفت وإمام فرقوا المسلمين وجعلوا من أنفسهم مرجعيات، فتعددت الفرق والطوائف، وتسببوا في صراع وقتال بين المسلمين. وقد وصفهم الله بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ «١٥٩») (الأنعام )، ألم يأمرنا الله سبحانه بقوله: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ«٣») (الأعراف).
من أين خرج «التكفيريون»؟، ومن أين جاءت «داعش» وأخواتها؟، من أين استقى السلفيون طرقهم وعقيدتهم؟، من أين أخذت «القاعدة» عقيدتها؟، أليسوا من أولئك الشيوخ وما يسمونهم بالأئمة أو الشيوخ؟، لماذا لا نتبع الرسول فقط، أليست سنته هي القيم والأخلاق السامية التي كان يُطَبقها في سلوكياته؟، ألم يكن الرسول قرآناً يمشي على الأرض؟، ألا تكفينا آيات الله البينات وما فيها من أحكام تحقق المساواة والعدالة والرحمة للناس جميعًا؟، ألم يمنح الله خلقه حق اختیار عقائدهم؟.
لماذا نتبع فلانًا وفلانًا، وهل سيشفع لنا البخاري وأصحابه يوم القيامة؟، هل سيسألنا الله هل اتبعتم البخاري وأصحابه، أم اتبعتم رسالتي لكمالتي بلغها لكم رسول الله؟، أما آن لنا أن نترك البخاري وأصحابه في قبورهم يحاسبهم الله على ما اقترفوه من تزوير على رسوله؟، لماذا نتبعهم ونتحمل الذنوب والحساب يوم الحشر؟، ألم يأمر الله رسوله بقوله: (فَاسْتَمْسِكَ بِالَّذِى أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ«٤٣» وَإِنَّهُ لَذِكْرُ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئلُونَ«٤٤») (الزخرف: ٤٣ – ٤٤).
سَنُسْأل عن القرآن يوم القيامة، ولن تُسْأل يوم الحساب عن البخاري وجامع الروايات، والله يأمرنا بأن نتدبر ونتفكر في آياته، ولا نتَّبع غيره من شيوخ وعلماء وأولياء، ولقد اكتملت رسالة الله لخلقه عندما أعلنها رسولُ الله في حجة الوداع، حيث قال سبحانه وتعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا«٣») (المائدة)، فلم ولن تأتي رسالة بعدها، فقد جنّت الأقلام وطويت الصحف، ولم يبقَ إلا كلام الله الذي سيظل يتردد في الأرض والسماء حتى قيام الساعة،وعندئذ يكون الحُكم لله وحده وعلى قاعدة عدله المطلق: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ«٤٦») (فصلت).