الأخسرون أعمالا ..
بقلم المفكر العربي الكبير على محمد الشرفاء الحمادى
كل أمر أو نبأ أو معلومة أو خبر لايستند إلى نص في القرآن، فهو كذب وافتراء على الله ورسوله؛ كما قال الله في كتابه يبين للناس جميعاً بقوله سبحانه (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل :٨٩) وقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } الأحزاب} [45 – 48).
فكل من يأتي بنبأ أو معلومة ليس لها نص في القرآن، فإنما ذلك افتراء على كتاب الله وتحد لآياته؛ وأن محمدا عليه السلام لم يقل ما نسب إليه من أكاذيب وافتراءات تحت مسميات الروايات المزورة التي صنفت أحاديث؛ حيث إن مهمته عليه السلام في التكليف الإلهي موضحة في قول الله سبحانه (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) (التغابن :١٢) .
يبلغ ما كلف به من ربه من آيات الذكر الحكيم، وهذه الآية تؤكد مهمة الرسول المحددة في خطاب التكليف، بتبليغ آيات القرآن الكريم للناس.
وكل من يدعي بنبأ غيبي أو رؤية تفتق عنها عقله، وينسبها لرسول الله ، ولا يوجد لها نص من الكتاب المبين، فذلك افتراء على الله ورسوله؛ فقد كذب المفسرون والمؤلون بشأن زعمهم عن خروج المسيح الدجال، وما زوره من عذاب القبر ؛ والكثير من الأكاذيب وما اعتمدوا عليه من روايات ألفها المفترون؛ ونسبوها للرسول باطلة كل البطلان لأن الله سبحانه كلف رسوله بقوله (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ) (الأنعام :١٩).
فذلك يعني أن التكليف الإلهي للرسول هو أن ينذر الناس بآيات القرآن، ًوما فيها من شرعة ومنهاج فقط، لتهدي الناس إلى الطريق المستقيم، ليجازيهم الله يوم القيامة جنات النعيم، وليس بما نسب إليه من أقوال مفبركة وروايات مزورة وأكاذيب مفتراة ثم يؤكد الله سبحانه مخاطبا رسوله بقوله (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق :٣٠).
إذا كل خبر أو رواية أو مقولة منسوبة ليس لها نص في كتاب الله فهي باطلة كل البطلان، بحكم قوله سبحانه مخاطباً رسوله عليه السلام (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية : ٦).
حكم إلهي على المؤمنين أن يتبعوه ويصدقوه إن كانوا مسلمين حقا، ويتجنبوا ما اتهم به الرسول عليه السلام المسلمين، في قول الله سبحانه (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان: ٣٠).
نبأ استباقي من الله يبين للناس بأنهم سيهجرون القرآن والآيات ويستبدلونها بالروايات ليضلوا بها المسلمين عن طريق الحق والهدى والرشاد، ويجعلونهم يعيشون في الأساطير والأوهام وما صور شيوخ الدين للناس من خرافات وأوهام وما ابتدعوه مما يوافق هوى العوام والدهماء لتسهيل تكاليف الدين عليهم وليتخلوا عن ممارسة شعائر الإسلام وفرائضه والاستسهال في ارتكاب المعاصي والذنوب طالما أقنعهم الفقهاء بشفاعة الرسول وكذبوا عليهم حين يرى الناس أنفسهم في مأزق يوم الحساب حين يخاطبهم الله سبحانه بقوله (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) (المؤمنون:١٠٦) فكانت إجابتهم (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ) فاعترفوا على أنفسهم بالضلال واتبعوا أكاذيب الشياطين وأصبحوا من الخاسرين.
لذلك على المسلمين الذين يشهدون بأن محمدا رسول الله وخاتم النبيين، ويؤمنون أن القرآن خاتم الكتب السماوية، وخطاب الله للناس جميعاً ليهديهم سبل الرشاد ويبين لهم طريق الحق والصواب، فعلى المسلمين أولئك ألا يصدقوا الافتراءات على الله ورسوله ، ويتمسكوا بكتابه كما أمر رسوله عليه السلام مخاطبا إياه بقوله سبحانه (فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِیۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَ ٰط مُّسۡتَقِیم ٤٣ وَإِنَّهُۥ لَذِكۡر لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ) الزخرف :٤٣/٤٤).
فالله ينبه الناس بأنه سيسألهم عن القرآن الكريم يوم الحساب، فمن اتبع كتابه فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأما من أعرض عن ذكره فيجزى حسابه نار الجحيم والسلام على من آمن بالله واتبع كتابه، وأطاع الله ورسوله فيما بلغ الناس بآيات القرآن ، وبشر المؤمنين وأنذر الكافرين يوم الدين من العقاب الأليم .
وكل من افترى على الرسول عليه السلام قولاً وحديثاً، فسوف يحاسبه الله حساباً عسيرا ، فمثلا الذين قالوا بأكذوبة أن الرسول عليه السلام شفيع الأمة وسيشفع للمذنبين والخطائين فهو قول يتنافى مع التشريع الإلهي في محاسبة الخلق يوم القيامة على أساس أعمال الإنسان في حياته حيث يقول الله سبحانه ؛ (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) (فصلت ).
وقول الله مخاطباً رسوله بأن يبين للناس قدراته حيث ينطق الرسول عن ربه بلسانه : ( قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) ) (الأعراف).
فكيف من يعترف بأمر الله بنفسه للناس في قوله بأنه لايملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، فهل من المنطق أن يساعد غيره بالشفاعة يوم الحساب!
فلينظر الناس إلى ما افتراه العلماء وشيوخ الدين على الله ورسوله، إضافة إلى أن الآية المذكورة تبين أن الرسول عليه السلام ليس لديه علم الغيب، فبأي سند استند المفسرون وشيوخ الدين بأن الرسول يعلم الغيب، وعشرات من الأحاديث تنسب للرسول وتروى كذباً وزوروا حتى اليوم بما سيحدث في المستقبل، ويتقولون على الرسول بالافتراءات بعلمه بالغيب.
فكل قول أو ما أطلق عليه حديث ليس له سند صريح في آيات الذكر الحكيم فهو افتراء باطل، وهكذا وصف الله الذين تجرأوا على الكذب على الله ورسوله. الأمين بالأخسرون أعمالًا ويوم القيامة سيكون حسابهم عسيراً بما ارتكبوه من تزوير على الله ورسوله.
فليحذر المسلمون إتباع اقوال البشر وهجر آيات رب البشر ليعصموا أنفسهم من حساب يوم القيامة، يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.