من هو البوصيري
البوصيري، الشاعر العربي البارع، المعروف أيضًا باسم شرف الدين محمد بن سعيد الصنهاجي البوصيري، يظل رمزًا للإبداع الأدبي، وهو من أصل أمازيغي. تتميز إبداعاته بقصيدة "البردة" التي أسهمت في ترسيخ مكانته كشاعر متميز في مجال مدح النبي صلى الله عليه وسلم.
وُلد البوصيري في قرية دلاص بصعيد مصر في عام 1213م، وبينما كان في القاهرة، انغمس في دراسة اللغة العربية، والأدب، وعلم التشكيل، والتاريخ الإسلامي. رغم بدايته المتواضعة، اتسمت قصائده بالروعة والإلقاء.
تجسد مدائح البوصيري للنبي صلى الله عليه وسلم قيمًا عظيمة، وكتبها بأسلوب يجمع بين النقاء والعاطفة، وتفردت بمعانيها العميقة والجمال اللغوي. أصبحت إرثًا أدبيًا يُحتذى به لدى الشعراء الذين تبنوا نهجه وأسلوبه في تأليف قصائد المدائح النبوية.
البوصيري تأثر بزملائه من شعراء العصر، مثل عمر ابن الفارض وابن مطروح وبهاء زهير. نشأ وتعلم من علماء كبار، وحفظ القرآن في صغره، ودرس علوم الصوفية مع أبي العباس المرسي.
قصيدته "البردة"، التي تضم 160 بيتًا، تعتبر قمة في إبداعه. قيل أنها كُتبت خلال فترة مرضه، حيث رآى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يغطيه ببردته، واستشفى بعد ذلك.
توفي البوصيري في عام 1295م في الإسكندرية، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا رائعًا، وأثرًا لازال يتجدد في قلوب محبي الشعر والأدب العربي.
مقطع من قصيدة البردة
محمد سيد الكونين والثقليــن والفريقين من عرب ومن عجمِ نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ
أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته
لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ
ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ
غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته
ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له
حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم