إعلان

recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

" المعارضة الشعرية بين المحاكاة والإبداع

 " المعارضة الشعرية بين المحاكاة والإبداع"



 بقلم د. طارق عتريس أبو حطب

*********************************************************

على سبيل التقديم:-

لعل مفهوم " المعارضة " يمثل مصطلحاشعريا هاما من مصطلحات الشعر التي فرضت نفسها بقوة على ساحاتنا الأدبية في العصر الحديث مع ظهور الحركات الأدبية المتعددة لاسيما مدرسة " المحافظين " أو أنصار القديم من الشعراء الذين تعصبوا لكل ماهوتليدوانكروا كل محاولة لتغييرالتراث بداية من ظهور مايسمى بمدرسة " الإحياء والبعث " على يد " البارودى ".


مفهوم " المعارضة " :-

يقصد بمفهوم " المعارضة " :- 

"أن يقول شاعر قصيدة في موضوع ما، فيقوم شاعر آخر، وينظم قصيدة أخرى على نهج هذه القصيدة، في وزنها وقافيتهاوموضوعها " 

.فالمعارضة قائمة -اذن - على وجود نموذج فني ماثل أمام الشاعر المعارض، لينتهج نهجه، ويحاكيه، أو يحاول التفوق على من يعارصه .


ولعل السؤال الذي يطرح نفسه :- هل وجدت المعارضات ولهذا في العصر الجاهلي؟ 

وللاجابة على هذا السؤال لابد لنا من استدعاء دواوين شعراء الجاهلية واستقرائها لنجد هذه الحقيقة :-

لم تكن " المعارضة " موجودة في الشعر الجاهلي وذلك لسبب بسيط وهو أن :- لأن النموذج الشعري الذي من المفترض أن يحاكيه الشاعر الجاهلي لم يكن معلوما ،ولهذا السبب فإن " المعارضة " تعتبر بصورة أو بأخرى معبرة عن مفهوم الشعر وطرائق إنتاجه في نظر أنصار القديم من رواد مدرسة " الكلاسيكية " وهو المفهوم القائم على استلهام التراث الشعري العربي القديم في مراحل قوته وازدهار ه وتميزه وما صحب ذلك من فحولة وجزالة على يد شعراء العربية الكبار من الفحول أمثال " البحتري وأبي تمام وأبي نواس والمتنبي وأبن الرومي والمعري والبوصيري والحصري القيرواني وغيرهم " .

ولا يمثل هذا النوع من القصائد - أعني المعارضات - الاجانبا من جوانب ارتباط الشعراء بالقديم ومظهرا جلياً من مظاهر تأثيرهم به على اصعدة مختلفة كما تمثل أمعانا منهم في استظهار وحفظ التراث العربي القديم والاقبال علية رغبة منهم في التميز والخلودوحرصاعلى تحقيق نوع من أنواع التفاعل الالهامي مع الموروث وتحقيق التواصل بين القديم و الحديث. 

تحقيق " المعارضة :-

تتحقق " المعارضة " عن طريق جانبين اساسيين :-

( 1 ) الجانب الأول

خاص بذاتية الشاعر وتجربته الشعرية الخاصة والمنفصلة عن النص الذي يعارضه فنياً و تاريخيا .

( 2 ) والجانب الثاني:-

خاص بذاكرة الشاعر الحافظة الواعية،حيث تلعب تلك الذاكرة دورا أساسيا في تشكيل بنية النص المعارض،ومن منظور نفسي لا تعني المعارضة المواجهة الصريحة " بقدر ما يبدو الموقف مطروحا من خلال هذا المنظور النفسي للشاعر من خلال موقفين:-

( 1 ) ابموقف الأول :-

يتعلق بوجه التشابه بين التجربة الشعورية التي عاشها الشاعر المتأخر " المعارض " .

( 2 ) أما الموقف الثاني :-

فانه يتعلق بذلك الإحساس الكامن في وجدان الشاعر،شجعه في تملكه لهذا التراث الذي ينتزع منه ما يشاء دون خوف أو وجل "

" المعارضة " تقليد أم تجديد ؟ :-

تعتبر المعارضة فن ادبي.قهي قراءة خاصة يقوم بها المبدع للنص الغائب،فهي عملية إبداعية تتم -وفقاً لرأي بعض النقاد - من خلال ثلاثة أسس هي:-

( أ ) الاجترار 

( ب ) الامتصاص .

( ج ) الحوار .

لأنه حسب الأساس الأول :-

يكون النّص الحاضر استمراراً للنص الغائب، وهو إعادة له إعادة محاكاة وتصوير، ويتلخّص عمل المؤلف هنا في أن يقدّم إلينا النص الغائب في أوزان شعرية.

وبحسب الأساس الثاني :-

فإن " الامتصاص " هو قبول للنص الغائب وتقديس له وإعادة كتابته بطريقة لا تمسّ جوهره، وينطلق المؤلف هنا من قناعة راسخة، وهي أنّ هذا النص غير قابل للنقد أو الحوار، ولا يعني هذا سوى مهادنة للنص الغائب والدفاع عنه وتحقيق سيرورته التاريخية.

وبحسب الأساس الثالث :- 

فإن الحوار يكون نقداً للنص الغائب، وتخريبا لكلّ مفاهيمه المتخلّفة، وتفجير له، وإفراغه من بنياته المثالية، وهو لايقبل المهادنة، فهو أعلى درجات التناص وأرقاها ، وهذا الأساس هو الذي تبرز من خلاله مقدرة الشاعر وقدرته على بعث نص جديد قادر على الحياة والتفاعل مع غيره من النصوص السابقة عليه والتالية له، فالشاعر الجديد يستحضر الشاعر القديم نصا وتجربة عبر نصه داخلا معه في منافسة من نوع خاص،لكنه لا يتوقف -غالبا - عند حدود بنية النص السابق،بل نجده يعيد بناءه مضيفا للنص القديم حياة جديدة.وخلاصة الأمر أن المعارضة لقاء شعري بين شاعرين لم يجمعهما المكان ولا الزمان،ولكن جمعتهما حالة شعورية واحدة منتجة لنص يتولد عنه حالة أخرى تجمع بين الجدة والتشابه.


أما فنية المعارضة، فموضع خلاف بين الباحثين، حيث نالت -خاصة معارضات شوقي- قسطا وافر من الهجوم قديما وحديثا،يكفي أن نشير في هذا الإطار إلى معارضات شوقي وما نالته من هجوم من قبل نقاد معاصرين له مثل طه حسين وآخرين حداثيين من مثل أدونيس وكمال أبي ديب ومحمد بنيس.


أما فنية المعارضات فقدكانانت -ولا والت - موضع خلاف شدبد بين نقاد الأدب فيترك ذلك لموضعه على طاولة النقاش والدراسات الأدبية دفعا الملل .... وإلى لقاء قريب بإذن الله

*********************************************************

                

 " المعارضة الشعرية بين المحاكاة والإبداع
دكتور طارق عتريس أبو حطب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent