إعلان

recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

تعليم الكبار: رحلة نحو المعرفة والتمكين

تعليم الكبار: رحلة نحو المعرفة والتمكين

 

تعليم الكبار: رحلة نحو المعرفة والتمكين



بقلم: حسن سليم

تحتضن مصر، كحضارة عريقة، إيمانًا عميقًا بأهمية التعلم مدى الحياة. فمنذ فجر التاريخ، سعى المصريون القدماء إلى نشر المعرفة بين جميع فئات المجتمع، دون تمييز على أساس السنّ. وها هي اليوم، تُواصل مصر مسيرتها في تعزيز تعليم الكبار، إيمانًا منها بأنّه حجر الأساس لبناء مجتمع متعلم وناجح.


لم يكن تعليم الكبار ظاهرة حديثة، بل ضاربت جذورها في عمق التاريخ المصري. ففي عصر الفراعنة، كان يُسمح للكبار بالالتحاق بالمعابد لدراسة مختلف العلوم والمعارف، كما ازدهرت المدارس القرآنية في العصر الإسلامي، لتُتيح للكبار فرصة تعلّم اللغة العربية والدين الإسلامي.



 وتعليم الكبار هو عملية تعليمية تهدف إلى تمكين الأشخاص الذين تجاوزوا سنّ التعليم الرسمي من اكتساب المعارف والمهارات اللازمة للمشاركة بفاعلية في مختلف جوانب الحياة.



ولا يقتصر تعليم الكبار على محو الأمية، بل يُعدّ رحلة شاملة نحو المعرفة والتمكين. فهو يُساعد الكبار على اكتساب المهارات اللازمة للمشاركة بفعالية في مختلف جوانب الحياة، وتحسين أوضاعهم المعيشية، والمساهمة في تنمية المجتمع.



فهناك فرق بين محو الأمية وتعليم الكبار، فمحو الأمية يهدف إلى تعليم القراءة والكتابة والحساب للأشخاص الذين لم يُحظوا بفرصة التعليم في سنّ الطفولة.


أما تعليم الكبار فيهدف إلى تمكين الأشخاص الذين تجاوزوا سنّ التعليم الرسمي من اكتساب المعارف والمهارات اللازمة للمشاركة بفاعلية في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك القراءة والكتابة والحساب والمهارات الحياتية والمهنية.


ويشتمل تعليم الكبار على مجالات عدة منها، محو الأمية: تعليم القراءة والكتابة والحساب للأشخاص الذين لم يُحظوا بفرصة التعليم في سنّ الطفولة، التعليم المهني: تعليم مهارات مهنية محددة تُساعد الكبار على إيجاد فرص عمل جديدة أو تحسين أوضاعهم المعيشية، التعليم الثقافي: تعليم الكبار عن ثقافتهم وتاريخهم وتراثهم، التعليم الصحي: تعليم الكبار عن الصحة وكيفية الحفاظ عليها، التعليم البيئي: تعليم الكبار عن البيئة وكيفية حمايتها، التعليم التكنولوجي: لتعليم الكبار استخدام التكنولوجيا الحديثة في حياتهم اليومية.



وتُؤسس فلسفة تعليم الكبار على مبادئ أساسية مثل: التعلم مدى الحياة: يرى تعليم الكبار أنّ التعلم عملية مستمرة لا تتوقف عند سنّ معينة، احترام احتياجات الكبار: يُراعي تعليم الكبار احتياجات الكبار واهتماماتهم وخبرات حياتهم، المشاركة الفاعلة: يُشجع تعليم الكبار على مشاركة الكبار في عملية التعلم بشكل فاعل.


ورغم الجهود الحثيثة لتطوير تعليم الكبار في مصر، التي تبذلها الهيئة العامة لتعليم الكبار من خلال تنفيذ برامج تعليمية متنوعة للكبار، لتسهيل الوصول إلى خدمات تعليم الكبار، والتعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات والدعم المالي، إلا أن تعليم الكبار يواجه بعض التحديات، مثل نقص التمويل مما يُعيق تطوير برامج تعليمية عالية الجودة، ونقص الوعي بأهمية تعليم الكبار مما يُعيق مشاركة الكبار في برامج التعليم، صعوبة الوصول إلى خدمات تعليم الكبار في بعض المناطق الريفية النائية.



وتتطلع الهيئة العامة لتعليم الكبار في مصر إلى مستقبل واعد، يُمكن من خلاله تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء مجتمع متعلم وناجح.



وفي الأخير فإن تعليم الكبار ليس مجرد واجب، بل هو مسؤولية تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع. ولذلك، يجب على جميع الجهات المعنية وعلى رأسها رئاسة مجلس الوزراء ووزارتا التعليم العالي والتربية والتعليم، العمل على دعمه وتطويره، إيمانًا بأنّه حجر الأساس لبناء مجتمع متعلم وناجح.


google-playkhamsatmostaqltradent