بنك "جي بي مورجان": التوقعات الاقتصادية للنصف الثاني لعام 2024
أصدر بنك "جي بي مورجان" (JPMorgan)، في 19 يوليو الجاري، تقريرًا بعنوان "توقعات السوق في منتصف العام: طريق طويل للعودة إلى الوضع الطبيعي"، والذي يُسلِّط الضوء على التوقعات الاقتصادية للنصف الثاني لعام 2024، حيث يتوقع أن يظل معدل التضخم الأساسي العالمي عند مستوى يقترب من 3% في عام 2024، مما يحد من نطاق تخفيف السياسات، بالإضافة إلى حدوث ارتفاع بنسبة 10% في مؤشر بلومبرج للسلع الأساسية الأوسع بحلول نهاية العام.
وأوضح التقرير أن العام الماضي كان مختلفًا تمامًا عن أي عام آخر، حيث أدى التوسع الحالي إلى إحداث ديناميكيات غير عادية لدورة الأعمال. فقد ارتفع التضخم العالمي مؤخرًا إلى أعلى مستوياته في عدة عقود، على الرغم من أن سلسلة من إجراءات التشديد المتزامنة من جانب البنوك المركزية خففت من هذا الارتفاع إلى حد كبير.
وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من أن النمو العالمي تباطأ إلى 2.4% بمعدل سنوي، إلا أنه لا يزال قويًا، وأصبح أقل اعتمادًا على محرك الطلب الأمريكي، مع تعافي أسواق أوروبا الغربية والأسواق الناشئة (باستثناء الصين). علاوة على ذلك، يظهر قطاع التصنيع علامات التعافي، بمساعدة جزئية من انتعاش الإنفاق التجاري.
ومع ذلك، فمن المتوقع أن يظل التضخم الأساسي العالمي عند مستوى قريب من 3% في عام 2024، حيث تعمل أسواق العمل الضيقة ومكاسب الأجور المرتفعة على كبح جماح انكماش قطاع الخدمات، وقد يؤدي هذا بدوره إلى الحد من نطاق تيسير السياسات النقدية.
وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فمن المتوقع أن يستمر النمو في التباطؤ في النصف الثاني من عام 2024، بمتوسط 1.0%. وذلك لأن العوامل الأساسية مثل تباطؤ نمو الأجور وتوقعات التضخم لدى المستهلكين والشركات تتوافق مع التضخم في نطاق هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي البالغ 2%.
وفي سياق متصل، من المتوقع أن يكتسب الاقتصاد الأوروبي زخمًا في النصف الأول من عام 2024، ومن المتوقع أيضًا أن يستمر هذا الزخم حتى نهاية العام، مع ميل المخاطر في الأمد القريب إلى الاتجاه الصعودي. ولكن على الرغم من التعافي في نمو الناتج المحلي الإجمالي، يتوقع بنك جي بي مورجان أن تشهد منطقة اليورو المزيد من الانكماش، مع احتمال انخفاض التضخم الأساسي إلى هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% في النصف الثاني من عام 2025.
وعلى الجانب الآخر، كان النشاط الاقتصادي في الصين غير متوازن في النصف الأول من عام 2024، حيث ساهمت التقلبات السياسية في حدوث تقلبات اقتصادية. وبشكل عام، فمن المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 نموًا بنسبة 5.2% على أساس سنوي.
ووفقًا للتقرير، فقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية إلى مستويات قياسية جديدة في نهاية شهر مايو 2024، حيث وصلت أسعار النحاس والذهب والكاكاو إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 74% على مدى شهر ونصف. ثم تراجعت الأسعار في يونيو، بسبب جني الأرباح في سوق السلع الأساسية وسط مخاوف متزايدة من تباطؤ الاقتصاد الأميركي بشكل مفاجئ.
ونوه التقرير إلى أنه بالاستناد إلى أن التقلبات المرتبطة بالطقس، مثل درجات الحرارة المفرطة، قد ينجم عنها تأثيرات هائلة على سلاسل توريد السلع الأساسية، وهو ما قد يدفع أسعار الغاز والنفط والمنتجات الزراعية للارتفاع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تيسير البنوك المركزية لسياساتها قد يتسبب في مخاطر صعودية للذهب والفضة.
بالنسبة للأسواق الناشئة، فقد أوضح التقرير أن الأسواق الناشئة تحدت توقعات التباطؤ في النصف الأول من عام 2024، بدعم من المرونة غير المتوقعة في الطلب المحلي. وفي النصف الثاني من العام الجاري، قد تؤدي عوامل مثل تباطؤ النمو في الصين وآسيا الناشئة (باستثناء الصين والهند) إلى خفض النمو الإجمالي في الأسواق الناشئة بنحو نقطة مئوية واحدة.
وفي الختام أشار التقرير إلى أن عملية خفض التضخم قطعت شوطًا طويلًا، لكن التقدم يتباطأ الآن ويصبح أكثر تباينًا عبر الأسواق. وأضاف أنه من المرجح أن يستمر التيسير الحذر في الأسواق الناشئة في أمريكا اللاتينية وأوروبا الوسطى والشرقية، ويمتد إلى الأسواق الناشئة في آسيا في الربع الرابع من عام 2024، لكن هذا يظل مشروطًا بمسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكية وقوة الدولار. هذا، ومن المتوقع أن تخفض الأسواق الناشئة، باستثناء الصين وتركيا، أسعار الفائدة بمقدار 40 نقطة أساس أخرى فقط بحلول نهاية عام 2024، وهو ما يتوافق على نطاق واسع مع الانخفاض المتوقع في التضخم.