السفيرة عزيزة.. رمز للعطاء والنضال
كتب - حسن سليم
من رحم ميت غمر، بزغ نجم عزيزة سيد شكري، سيدة استثنائية حفرت اسمها بأحرف من نور في سجل التاريخ المصري والعربي.
عام 1919، ولدت عزيزة في كنف عائلة كريمة، نهلَتْ منها القيم النبيلة وحب العطاء. واجهت عزيزة في طفولتها تحديات جمة، فحرمتها والدتها المريضة من رعايتها، لتضطلع هي، بعمر لا يتجاوز العشر سنوات، بمسؤولية رعاية إخوتها الصغار.
لم تثنِ عزيزة الصعاب عن السعي وراء حلمها، فآمن والدها، الدكتور سيد شكري، بقدراتها، وشجعها على استكمال دراستها. وبالفعل، التحقت عزيزة بالجامعة الأمريكية، لتثبت تفوقها وتصبح رمزًا للفتاة المصرية المثقفة المستقلة.
لم تقتصر إنجازات عزيزة على تحصيلها العلمي، بل اتجهت نحو العمل الاجتماعي، مُسخّرةً علمها ومعرفتها لخدمة مجتمعها. ففي عام 1942، بعد تخرجها، بدأت عملها التطوعي، لتساهم في تحسين حياة المحتاجين.
عام 1951، اتخذت عزيزة قرارًا مصيريًا بالزواج من أحمد حسين باشا، ليصبحا ثنائيًا مُلهِمًا يُكمل أحدهما الآخر. خاضت عزيزة وزوجها رحلة نضال اجتماعي طويلة، سعياً منهما لتغيير واقع الفلاحين وتحسين ظروفهم.
لم تكن رحلة عزيزة سهلة، فقد واجهت العديد من التحديات والصعوبات، خاصةً في ظل مجتمع ذكوري يُقلّل من شأن المرأة. لكن إيمانها بقدراتها وإصرارها على تحقيق أهدافها دفعاها للمضيّ قدمًا، مُتجاوزةً جميع العوائق.
مع قيام ثورة يوليو المجيدة، انفتحت أمام عزيزة آفاق جديدة لخدمة وطنها. ففي عام 1954، سافرت ضمن وفد مصري إلى الأمم المتحدة، لتصبح أول سيدة عربية تمثل مصر على هذا المنصّ الدولي.
لعبت عزيزة وزوجها دورًا هامًا في دعم مصر خلال تلك الفترة العصيبة، وناضلا من أجل تحسين أوضاع الشعب المصري. كما قادت عزيزة العديد من الحملات الاجتماعية الهادفة إلى نشر الوعي وتغيير السلوكيات، مثل تنظيم الأسرة وإنشاء حضانات للأطفال في الريف.
لم تكن عزيزة سيد شكري مجرد امرأة عادية، بل كانت رمزًا للعطاء والنضال والتضحية. فقد كرّست حياتها لخدمة وطنها وشعبها، تاركةً وراءها إرثًا خالداً من الإنجازات والأعمال التي تُلهم الأجيال القادمة.