فوائد وعيوب الدعم المباشر.. ما الذي يحتاجه المواطن المصري حقًا؟
بقلم: خالد عبدالحميد مصطفى
تُعَدُّ مسألة الدعم الحكومي من أبرز القضايا التي تثير النقاشات في مصر، حيث تُخصص الدولة مبالغ كبيرة من ميزانيتها لدعم السلع الأساسية والوقود من أجل تخفيف العبء المالي على المواطنين. ومع ذلك، تبقى مسألة الإستدامة الإقتصادية وتأثير هذا الدعم على المدى الطويل محط إهتمام كبير. يشكك العديد في فعالية الدعم المباشر في تحقيق الأهداف المرجوة منه، ويتساءلون عما إذا كان يمكن توجيه هذه الموارد بطرق أكثر فعالية لتحقيق التنمية الإقتصادية وتحسين مستوى المعيشة.
فوائد الدعم المباشر"
أولاً: تخفيف العبء المالي على الأسر الفقيرة"
يُعتبر الدعم المباشر وسيلة فعالة لتقديم الدعم المالي للأسر الأكثر احتياجاً، مما يساعد في تحسين معيشتها ويقلل من التفاوت الإجتماعي.
ثانياً: الإستقرار الاجتماعي" من خلال دعم السلع الأساسية، يُمكن للحكومات تقليل التوترات الإجتماعية والمحافظة على السلام الإجتماعي، حيث يشعر المواطنون بأن الدولة تقف إلى جانبهم في مواجهة تحديات الحياة.
ثالثاً: تحفيز الإقتصاد المحلي" دعم الوقود والمواد الغذائية يمكن أن يساهم في تحفيز الأنشطة الإقتصادية من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج والنقل، مما يُسهِم في زيادة القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.
عيوب الدعم المباشر"
أولاً: العبء المالي على ميزانية الدولة"
يشكل الدعم المباشر عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة، مما يُضعف من قدرتها على توجيه الموارد نحو مشاريع البنية التحتية والتنمية الإقتصادية التي تساهم في خلق فرص عمل وتحقيق النمو.
ثانياً: التشجيع على الإستهلاك المفرط" يُساهم الدعم في تخفيض الأسعار، مما يُحفز المواطنين على الإستهلاك بشكل مفرط، خصوصاً في مجالات مثل الطاقة والوقود، وهذا يؤدي إلى هدر الموارد ويزيد من الإعتماد على الواردات.
ثالثاً: الفساد وسوء التوزيع" يفتح الدعم المباشر الباب أمام الفساد وسوء الإدارة، حيث قد لا يصل الدعم إلى مستحقيه، وقد يستفيد منه الطبقات الغنية والشركات الكبرى بدلاً من الفقراء.
رابعاً: التأثير السلبي على البيئة" دعم الوقود الأحفوري يؤدي إلى زيادة الإستهلاك والإنبعاثات الكربونية، مما يؤثر سلباً على البيئة ويزيد من التحديات المرتبطة بالتغير المناخي.
أمثلة على دول استقرت إقتصادياً بعد رفع الدعم"
أولاً: الإمارات العربية المتحدة" قامت الإمارات برفع الدعم عن الوقود في عام 2015، وتحولت إلى نظام تسعير يعتمد على الأسعار العالمية. هذا التحول ساعد في تحسين الميزانية العامة للدولة وزيادة إستثماراتها في قطاعات أخرى مثل التعليم والبنية التحتية.
ثانياً: الأردن" على الرغم من التحديات الإجتماعية، قامت الأردن برفع الدعم تدريجياً عن الوقود والخبز، مما ساهم في تحسين الوضع المالي للحكومة. تم توجيه الأموال التي تم توفيرها إلى برامج الدعم المباشر للأسر الفقيرة، مما خفف من الآثار السلبية لرفع الدعم.
ثالثاً: المغرب" إعتمد المغرب نظام إصلاحات تدريجية للدعم منذ عام 2014، وركز على تحويل الدعم إلى برامج إجتماعية تستهدف الفئات الأكثر إحتياجاً. هذا التوجه ساهم في تحسين الميزانية وتعزيز الإستقرار الإقتصادي.
ما الذي يحتاجه المواطن المصري حقًا؟
لتجاوز معضلة الدعم المباشر بشكل فعال، يُفضل توجيه الموارد نحو الإستثمار في التعليم، والصحة، والبنية التحتية، مع توفير برامج دعم نقدي مباشر موجهة للأسر الفقيرة. هذا التحول سيُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعزز من فرص النمو الإقتصادي.
ختاماً" الدعم المباشر له فوائده في تخفيف العبء المالي وتحقيق الإستقرار الإجتماعي، ولكنه يحمل أيضاً عيوباً تؤثر على ميزانية الدولة وتشجع على الإستهلاك المفرط. من الضروري أن تنظر الحكومة في إستراتيجيات طويلة الأمد تُركز على تحقيق العدالة الإجتماعية والنمو الإقتصادي من خلال برامج دعم فعالة وموجهة، والإستفادة من تجارب الدول الأخرى التي حققت إستقراراً إقتصادياً بعد رفع الدعم.