كيف نميز بين الأخبار المهنية وغير المهنية؟
بقلم: حسن سليم
في العصر الرقمي الذي نعيش فيه، أصبحت وسائل الإعلام جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهي التي تنقل لنا الأخبار والمعلومات بشكل لحظي تقريبًا. ومع ذلك، ومع تزايد عدد المنصات الإلكترونية والمواقع الإخبارية، يواجه القراء تحديًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل: كيف يمكنهم التمييز بين الأخبار المكتوبة بشكل مهني ومحترف وتلك التي تفتقر إلى المهنية؟ وكيف يمكنهم التفرقة بين الصحفي الحقيقي ومنتحل صفة الصحفي؟
في الماضي، كانت الصحافة مجالًا واضح المعالم، محكومًا بمبادئ وأخلاقيات صارمة. كان الصحفي يتمتع بمكانة رفيعة في المجتمع، وقدرة على الوصول إلى المعلومات من مصادر موثوقة، وتقديمها للجمهور بطريقة دقيقة وموضوعية. إلا أن انتشار الإنترنت والسوشيال ميديا أدى إلى تلاشي هذه الحدود. بات بإمكان أي شخص يمتلك حاسوبًا واتصالًا بالإنترنت أن ينشئ موقعًا إلكترونيًا أو مدونة، ويبدأ في نشر الأخبار، دون الحاجة إلى التزام بالمعايير الصحفية أو الأخلاقية.
هذه السهولة في الوصول إلى جمهور واسع شجعت الكثيرين على الانخراط في "الصحافة" دون أن يكونوا مؤهلين لذلك. أصبحنا نرى مقالات وأخبارًا تُنشر على مواقع تبدو في ظاهرها محترمة، ولكن عند التعمق في محتواها نجد أنها بعيدة كل البعد عن المهنية. للأسف، القارئ العادي الذي يزور هذه المواقع قد لا يكون قادرًا على التفرقة بين المحتوى المهني وغير المهني، وبين الصحفي المحترف ومنتحل صفة الصحفي.
لماذا لا يفرق القراء بين المحتوى المهني وغير المهني؟
غالبية المستخدمين ينظرون إلى الإنترنت كمصدر موثوق للمعلومات. عندما يجد القارئ مقالة أو خبراً على موقع إلكتروني، فإنه يميل إلى تصديق ما يُكتب دون أن يتحقق من مصداقية المصدر. في هذا السياق، تصبح الحدود بين الصحافة المهنية والهواة غير واضحة.
تعتمد العديد من المواقع غير المهنية على عناصر بصرية قوية مثل الصور والعناوين الجذابة لجذب انتباه القارئ. هذه العناصر تغطي أحيانًا على ضعف المحتوى وتجعل القارئ يعتقد أن ما يقرأه هو محتوى مهني ذو قيمة.
كثير من الناس يفتقرون إلى المهارات اللازمة لتقييم جودة الأخبار. هم لا يعرفون كيفية التحقق من المصادر أو التفريق بين الحقيقة والإشاعات، وهذا يجعلهم عرضة للتضليل.
مع تزايد سرعة الحياة وضيق الوقت، أصبح القارئ يبحث عن الأخبار بشكل سريع، دون أن يعير اهتمامًا كبيرًا لجودة المحتوى أو مدى مصداقيته. المهم لديه هو الحصول على المعلومة بأسرع وقت ممكن.
كيف نميز بين الصحفي الحقيقي ومنتحل صفة الصحفي؟
من السهل الوقوع في فخ التضليل الإعلامي إذا لم يكن القارئ على دراية بكيفية التمييز بين الصحفيين المحترفين ومنتحلي صفة الصحفيين، هناك بعض الإشارات التي يمكن أن تساعد في هذا الصدد:
الصحفي المحترف يعتمد على مصادر موثوقة ومعروفة. إذا وجدت المقالة تفتقر إلى الإشارة لمصادرها، أو إذا كانت تعتمد على مصادر غير معروفة أو غير موثوقة، فإن هذا مؤشر على أنها ليست مهنية.
الصحفيون المهنيون يتمتعون بقدرة عالية على الكتابة بأسلوب واضح، دقيق وخالٍ من الأخطاء اللغوية والإملائية. على النقيض، تجد أن العديد من المقالات غير المهنية مليئة بالأخطاء وتفتقر إلى التنظيم.
الصحفي الحقيقي يكون شفافًا في عرض المعلومات. إذا كانت المقالة مليئة بالإدعاءات الغامضة أو غير الموثقة، فهذا قد يكون دليلًا على أن كاتبها ليس صحفيًا حقيقيًا.
يمكن دائمًا البحث عن اسم الكاتب أو الموقع الإلكتروني للتحقق من مصداقيتهم. المواقع المحترمة تكون عادةً معروفة ولها سجل تاريخي يمكن التحقق منه.
فالمسؤولية في مواجهة هذه الظاهرة تقع أيضًا على عاتق المؤسسات الإعلامية الكبرى التي يجب أن تعمل على توعية الجمهور بخطورة تضليل المعلومات. يمكن أن تقدم هذه المؤسسات برامج تعليمية وتوعوية تساعد الجمهور على تحسين مهاراتهم في تقييم الأخبار والتمييز بين الصحفيين الحقيقيين ومنتحلي صفة الصحفيين.
إن فهم الجمهور للفرق بين المحتوى المهني وغير المهني، وبين الصحفي الحقيقي ومنتحل صفة الصحفي، أصبح ضرورة ملحة في هذا العصر الرقمي. مع تدفق المعلومات من كل الجهات، يجب على كل قارئ أن يكون أكثر وعيًا وتشككًا، وأن يتحمل مسؤولية التحقق من صحة ما يقرأه. الصحافة الحقيقية لا تزال موجودة، ولكن في ظل هذا الكم الهائل من المعلومات المتدفقة، يتعين علينا أن نكون أكثر ذكاءً في اختيار مصادرنا وأن نميز بين الغث والسمين.