إعلان

recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

«أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».. بين عظمة الخلق ودقة التدبير

 

*"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ".. بين عظمة الخلق ودقة التدبير

«أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».. بين عظمة الخلق ودقة التدبير


بقلم: حسن سليم


تأتي الآية الكريمة «أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» (سورة الملك: 14) لتطرح سؤالاً عميقاً ومفصلياً في فهم العلاقة بين الخالق والمخلوق، وتفتح أبواباً واسعة للتأمل في علم الله الواسع وقدرته البالغة. في هذه الآية، يؤكد الله سبحانه وتعالى على أنه، بوصفه الخالق، يمتلك المعرفة المطلقة والدقيقة بكل تفاصيل خلقه، وأنه، برغم اللطف الذي يتسم به، فهو أيضًا خبير بكل ما يحدث في الكون.


تتحدث الآية عن علم الله المطلق كخالق، مستعرضةً مدى فهم الله العميق لخلق السماوات والأرض وما بينهما من مخلوقات. يشير النص إلى أن الله، الذي خلق كل شيء، هو العليم بكل شيء، وهذا العلم ليس مجرد معرفة سطحية بل هو علم دقيق وشامل. خلق الله يتميز بالإحكام والتنظيم، وكل عنصر من عناصر الكون يعبّر عن دقة تصميمه وعلم خالقه.


الكون هو شهادة حية على هذا العلم، حيث يحتوي على تفاصيل دقيقة ومعقدة تعكس قدرة الله وعلمه. من الذرات إلى المجرات، ومن الخلايا إلى الكواكب، كل جزء من الكون يشهد على التوازن والتناغم الذي لا يمكن تفسيره إلا بقدرة خالق عليم وخبير. تتداخل قوانين الطبيعة بشكل مثير للإعجاب، وتظهر لنا مدى تعقيد واحترافية الخلق الذي يجري تحت إشراف خالق عظيم.


الآية تجمع بين صفتي اللطف والخبرة، لتوضح أن علم الله ليس مجرد علم جاف بل هو مصحوب بلطف ورعاية. اللطف في سياق الآية يعني أن الله يعتني بكل تفاصيل خلقه برحمة ورفق. هذه الصفة تشير إلى أن الله ليس فقط خالقاً عالماً، بل هو أيضاً مصدر للرحمة التي تجسد في كل جوانب خلقه.


أما "الخبير"، فهي صفة تعكس العلم العميق والدقيق. الخبرة تعني أن الله على دراية كاملة بكل ما يحدث في الكون، من أصغر الأحداث إلى أكبرها، وكل هذا يتم وفقاً لحكمة لا تخفى. الله ليس فقط خالقاً بل هو أيضاً مدبر، يعرف كل خلية، وكل حركة، وكل شيء في هذا الكون.


تمثل هذه الآية تذكيراً هاماً للمؤمنين بأن علم الله وقدرته تفوق كل تصور بشري. فهي تدعو المؤمنين للتأمل في خلق الله وللعلم أن كل ما يحدث، مهما كان صغيراً أو كبيراً، هو ضمن نطاق علم الله الشامل. هذا الفهم يعزز الثقة والطمأنينة في قلب المؤمن، ويشجعه على الاعتماد على الله في كل الأمور.


في حياتنا اليومية، قد نواجه تحديات وصعوبات قد تبدو لنا محيرة، ولكن تذكيرنا بأن الله لطيف وخبير يعطينا الأمل في أن كل شيء يحدث وفقاً لحكمة الله ورعايته. هذه المعرفة تدفعنا إلى الإيمان الكامل بالله واتباع تعاليمه، مما يساعدنا على مواجهة التحديات بثقة وإيمان.


تؤكد الآية على أهمية العلم واللطف في تعاملاتنا مع الآخرين. إذا كان الله سبحانه وتعالى، خالق كل شيء، يتصف باللطف والخبرة، فإننا أيضاً مطالبون بأن نتحلى بهذه الصفات في تعاملاتنا اليومية. اللطف والخبرة في التعامل مع الآخرين يعزز العلاقات الإنسانية ويجعل المجتمعات أكثر تناغماً وتماسكاً.


عندما نتعامل مع الآخرين، يجب أن نراعي أن يكون لدينا علم ومعرفة بما يحدث حولنا، وأن نتصرف بلطف ورعاية. هذه المبادئ ليست مجرد تعاليم دينية بل هي أساس لبناء علاقات إنسانية صحية ومستدامة.


تأمل في الآية الكريمة "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" يكشف لنا عن عظمة علم الله ودقته في خلقه، ويعزز الإيمان والثقة في قدرته ورحمته. تذكرنا الآية بأن الله هو الخالق اللطيف الخبير، وأن علمه ليس مجرد معرفة سطحية بل هو علم دقيق وشامل يشمل كل تفاصيل الكون. هذه الآية تدعو المؤمنين للتأمل في عظمة الخلق، وتعزز الثقة في حكمة الله ورعايته.


إن فهمنا لهذه الآية يمكن أن يساعدنا في بناء حياة مليئة بالإيمان والاطمئنان، ويشجعنا على التحلي باللطف والخبرة في تعاملاتنا مع الآخرين. كما يعزز من أهمية الاعتماد على الله في كل الأمور، والتفكر في عظمته وجلاله، مما يسهم في تحسين حياتنا الروحية والأخلاقية.

google-playkhamsatmostaqltradent