recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

عفواً «محمد أمين».. شهادة محو الأمية تستحق التقدير

عفواً «محمد أمين».. شهادة محو الأمية تستحق التقدير



عفواً «محمد أمين».. شهادة محو الأمية تستحق التقدير


بقلم: حسن سليم

في زمنٍ كانت فيه الجهالة سجناً مظلماً لا مفر منه إلا بنور العلم، ظهرت شهادة محو الأمية كمنارةٍ تهدي الساعين إلى الحرية. كانت الحروف، التي اعتاد البعض أن يراها مجرد رموزٍ صامتة، تتحول في يد حامل الشهادة إلى مفاتيح تفتح أبواب العالم بأسره. في هذا السياق، نجد أنفسنا اليوم أمام مشهدٍ غير مألوف، حيث يتم التشكيك في قيمة هذه الشهادة، والتنمر عليها بأسلوبٍ يفتقر إلى التقدير لمن اختاروا أن يبدأوا رحلتهم نحو العلم من جديد.


حين نتحدث عن شهادة محو الأمية، نحن لا نتحدث عن حروفٍ مكتوبة أو كلماتٍ مُرتبة، بل عن حياةٍ تتغير وأملٍ يتجدد. هذه الشهادة هي مفتاح يفتح أبواب الفرص أمام من لم يكن لديهم القدرة على التعلم في الصغر لأسبابٍ متنوعة. نعم، قد تكون البدايات متواضعة، وقد يظن البعض أن هذه الشهادة لا تستحق الاحترام، لكن ما لا يفهمونه هو أن هذه الشهادة تمثل الإرادة والعزيمة للارتقاء والتطور، وأنها خطوة أولى نحو مستقبل أفضل.


إن التقليل من شأن شهادة محو الأمية هو تجاهل لما تعنيه لملايين الأشخاص الذين تجاوزوا الصعوبات والتحديات من أجل تحسين حياتهم. هؤلاء الأشخاص لم يستسلموا لظروفهم ولم يرضوا بالبقاء في ظلام الجهل، بل قرروا أن يتعلموا وأن يغيروا حياتهم. ألا يستحق هؤلاء الاحترام والتقدير؟ ألا يستحقون الفرصة للعمل والاندماج في المجتمع كمواطنين فاعلين؟



وفي إطار الحديث عن شهادة محو الأمية، يجب أن نذكر أن تلك الشهادة هي حجر الأساس لفتح آفاق جديدة أمام الأفراد الذين لم تتح لهم فرصة التعليم في صغرهم. إنها فرصة لهم للدخول إلى عالم مليء بالاحتمالات والتقدم. فهل نستهين بهذا الإنجاز؟ هل نسمح لأنفسنا بأن نقلل من قيمة خطوة قد تكون الأولى في مسار طويل نحو المعرفة والتطور الشخصي؟


إن السخرية من شهادة محو الأمية أو التهكم عليها باعتبارها "شهادة نحو الأمية" كما ورد في مقال الكاتب الصحفي الكبير محمد أمين بموقع المصري اليوم، هو سخرية من إرادة الإنسان في التغلب على الصعاب، ومن رغبته في تحسين ذاته والارتقاء بمستوى حياته. إن الذين يسعون للحصول على هذه الشهادة لا يفعلون ذلك فقط من أجل شهادة تضاف إلى سيرتهم الذاتية، بل من أجل حياة أفضل، من أجل أطفالهم، من أجل مجتمع أكثر علمًا وأكثر قوة.


أما بالنسبة إلى قرارات وزير التربية والتعليم والتعليم الفني التي تنتقد بشكل غير عادل، فيجب أن ننظر إليها من زاوية مختلفة. هذه القرارات، مهما كانت مثيرة للجدل أو غير مألوفة، تنبع من الرغبة في تحسين نظام التعليم بما يتماشى مع احتياجات العصر. فالدمج بين الفصول أو المناهج قد يبدو خطوة غير تقليدية، لكنه قد يكون جزءًا من رؤية أوسع تهدف إلى جعل التعليم أكثر مرونة وشمولية، بما يتناسب مع المتغيرات السريعة في العالم.


الوزير ليس مجرد فرد يتخذ قرارات بشكل عشوائي، بل هو جزء من منظومة كبيرة تعمل على تطوير التعليم في مصر. ومن المهم أن نتذكر أن أي عملية تغيير كبيرة تواجه مقاومة وتحديات. هذا أمر طبيعي، ولكنه لا يعني بالضرورة أن القرارات خاطئة أو غير مدروسة. بل على العكس، قد تكون هذه القرارات جزءًا من خطة أكبر لتحسين جودة التعليم، ولضمان أن يحصل كل مواطن على فرصة تعليمية عادلة.


وفيما يخص العلوم الإنسانية، فإنها لا تزال تحتفظ بمكانتها، ولا يمكن إلغاؤها أو التقليل من أهميتها. ولكن يجب أيضًا أن نعترف بأن هناك حاجة ماسة لتطوير المهارات التكنولوجية والعملية في عصرنا الحالي. فالاقتصاد الرقمي والتقدم التكنولوجي يفرضان علينا تحديث مناهج التعليم لتتناسب مع متطلبات سوق العمل.


ختامًا، علينا أن ننظر إلى المستقبل بنظرة تفاؤلية. التعليم هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع قوي ومتماسك، وشهادة محو الأمية ليست إلا بداية لهذا الطريق. دعونا نقدر قيمة كل جهد يُبذل لتحسين التعليم، ولنكن أكثر دعمًا لكل خطوة نحو معرفة جديدة، مهما كانت هذه الخطوة صغيرة أو كبيرة. لأن كل شهادة، مهما كانت، هي لبنة في بناء المستقبل، وكل قرار يسعى لتحسين التعليم هو استثمار في مستقبل أبنائنا.


عفواً «محمد أمين».. شهادة محو الأمية تستحق التقدير

google-playkhamsatmostaqltradent