"مبادرة بداية لبناء الإنسان المصري وإرساء دعائم الجمهورية الجديدة"
بقلم - أيمن عيسى
تُعد مبادرة "بداية" إحدى المبادرات الإستراتيجية التي أطلقتها الدولة المصرية بهدف إعادة بناء الإنسان المصري على أسس تتماشى مع تطلعات الجمهورية الجديدة، يأتي ذلك في إطار رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. ومع تركيز القيادة المصرية على تعزيز رأس المال البشري كأحد الركائز الأساسية للنهوض بالدولة، تمثل مبادرة "بداية" خطوة جوهرية نحو إرساء دعائم مصر الحديثة.
أهداف المبادرة: تهدف مبادرة "بداية" إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، من أهمها: الاستثمار في رأس المال البشري: حيث تعتمد التنمية الحقيقية لأي دولة على جودة مواردها البشرية. ومن هذا المنطلق، تسعى المبادرة إلى تطوير قدرات الإنسان المصري من خلال تحسين التعليم، الصحة، وتنمية المهارات الشخصية والمهنية.
تطوير منظومة التعليم: يشكل التعليم أحد الأعمدة الرئيسية لبناء الإنسان، لذا تعمل المبادرة على تحسين جودة التعليم من خلال تحديث المناهج الدراسية، توفير تكنولوجيا التعليم الحديثة، وتطوير مهارات المعلمين. وتشير البيانات إلى أن نسبة الأمية في مصر قد تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث بلغت 25.8% في عام 2017 مقارنة بـ 29.7% في 2010، وذلك نتيجة للجهود المستمرة في تطوير التعليم.
تعزيز منظومة الرعاية الصحية: الصحة جزء أساسي من بناء الإنسان، والمبادرة تهدف إلى تحسين مستوى الخدمات الصحية للمواطنين، خاصةً في المناطق الريفية والمهمشة. وفقًا لتقارير وزارة الصحة، تم افتتاح أكثر من 40 مستشفى جديدًا في مناطق مختلفة من مصر منذ عام 2020، مما ساهم في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية.
تنمية المهارات والإبداع : تسعى المبادرة إلى دعم برامج تنمية المهارات المهنية والفنية، مما يساعد في تأهيل الشباب لسوق العمل وتلبية احتياجات الاقتصاد المصري. وفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية لعام 2022، شهدت مصر انخفاضًا في نسبة البطالة إلى 7.3%، وهو الأدنى منذ سنوات، مما يعكس تأثير الجهود المستمرة في تطوير المهارات والقدرات البشرية.
إرساء دعائم الجمهورية الجديدة: الجمهورية الجديدة التي تسعى مصر لبنائها تقوم على أسس التنمية الشاملة والمستدامة. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف دون وجود مجتمع متعلم وصحي وقادر على مواجهة تحديات العصر. تعكس مبادرة "بداية" رؤية الدولة لتعزيز مفهوم المواطن الفعال والمسؤول الذي يشارك في بناء وطنه. فإرساء دعائم الجمهورية الجديدة يتطلب:
لمشاركة المجتمعية: تؤكد المبادرة على أهمية إشراك المجتمع في عمليات صنع القرار وتحقيق التنمية. وهذا يأتي من خلال تعزيز ثقافة العمل التطوعي ودعم الجمعيات الأهلية والمبادرات المجتمعية. في هذا السياق، تشير الإحصائيات إلى تزايد عدد الجمعيات الأهلية المسجلة في مصر، حيث وصل العدد إلى أكثر من 57 ألف جمعية حتى عام 2023، وهو ما يعكس زيادة الوعي بأهمية العمل المجتمعي.
العدالة الاجتماعية: أحد محاور المبادرة الرئيسية هو تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل الفجوة بين الفئات المختلفة في المجتمع. تهدف الجهود الحكومية إلى تحسين مستويات المعيشة وتقليل معدلات الفقر، حيث انخفضت نسبة الفقر في مصر إلى 29.7% في 2021 بعد أن كانت 32.5% في 2018.
التحول الرقمي: تسعى الدولة إلى تحقيق التحول الرقمي في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، وهو ما يتماشى مع توجهات الجمهورية الجديدة نحو الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار. تشير الإحصاءات إلى أن استخدام الإنترنت في مصر زاد بنسبة 9.8% في 2022، مما يعكس التطور التكنولوجي المتسارع في البلاد.
التحديات والآفاق المستقبلية: رغم الإنجازات التي حققتها مبادرة "بداية"، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه تنفيذها بشكل كامل. من أبرز هذه التحديات هو زيادة الكثافة السكانية التي تضغط على الموارد المتاحة وتزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ تعداد سكان مصر في عام 2023 حوالي 104 ملايين نسمة.
ومع ذلك، تبقى الفرص الواعدة قائمة لتحقيق أهداف المبادرة، خاصةً مع الدعم الحكومي المتزايد وتوجه الدولة نحو تعزيز التنمية المستدامة. يتطلب الأمر مزيدًا من التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق التحول المنشود.
وفي الختام تعتبر مبادرة "بداية" خطوة حيوية نحو بناء الإنسان المصري وإرساء دعائم الجمهورية الجديدة. إنها تعكس رؤية مصر الطموحة لبناء مجتمع متعلم، صحي، وفاعل، قادر على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة. ومع الدعم المتواصل من القيادة المصرية، فإن هذه المبادرة تحمل في طياتها آفاقًا واعدة لمستقبل أكثر إشراقًا.