الدكتور عيد عبد الواحد يكشف أسرار النجاح وراء فوز مصر بجائزة كونفوشيوس لمحو الأمية «حوار»
حوار - حسن سليم
في إنجاز وطني مشرف، حصدت مصر جائزة "كونفوشيوس" لمحو الأمية لعام 2024، ممثلة في جامعة المنصورة بالشراكة مع الهيئة العامة لتعليم الكبار. جاءت هذه الجائزة تتويجًا للجهود الحثيثة التي تبذلها الهيئة، بتنفيذ توجيهات السيد محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وإيمانًا من الأستاذ الدكتور عيد عبد الواحد، رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لتعليم الكبار، بفاعلية مبدأ الشراكة والتشبيك في تعلم الكبار. في هذا الحوار الخاص، يتحدث الدكتور عيد عبد الواحد عن هذا الإنجاز، وعن الرؤية المستقبلية للهيئة في مجال محو الأمية.. فإلى نص الحوار
* في البداية، نود أن نتقدم بخالص التهاني لكم ولجميع العاملين بالهيئة العامة لتعليم الكبار على هذا الإنجاز الكبير.. كيف استقبلتم خبر فوز مصر بجائزة "كونفوشيوس" لمحو الأمية لعام 2024؟
- شكرًا جزيلًا على التهاني. كان خبر الفوز بجائزة "كونفوشيوس" لمحو الأمية بمثابة تتويج للعمل الجاد والتفاني في خدمة قضية محو الأمية في مصر. لقد كانت لحظة فرح وفخر لجميع أعضاء الهيئة ولكل من شارك في هذا الإنجاز، وأيضًا تأكيد على أن الجهود المبذولة في هذا المجال تؤتي ثمارها.
* كيف تمثل هذه الجائزة تتويجًا لرؤية الهيئة واستراتيجيتها في التعامل مع ملف محو الأمية؟
- تأتي هذه الجائزة لتؤكد نجاح رؤيتنا في الهيئة العامة لتعليم الكبار، والتي ترتكز على الاستفادة من العصر الرقمي وتبني وسائل مبتكرة في تعليم الكبار. نحن نؤمن بأن التعليم ليس فقط حقًا لكل فرد، بل هو أيضًا وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة. وقد كان لاتباع استراتيجية الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية، مثل جامعة المنصورة، دور كبير في تحقيق هذه الرؤية.
* حدثنا عن أهمية الشراكة مع جامعة المنصورة في تحقيق هذا الإنجاز؟
- الشراكة مع جامعة المنصورة كانت مثالًا حيًا على قوة التعاون بين المؤسسات التعليمية والهيئات الحكومية. الجامعة، برئاسة الأستاذ الدكتور شريف خاطر ونائبه الأستاذ الدكتور محمد عبد العظيم، قدمت دعمًا لا مثيل له، وهو ما أتاح لنا الوصول إلى مناطق ريفية كانت بحاجة ماسة إلى جهود محو الأمية. التعاون مع الجامعة ساعدنا في تحقيق نتائج ملموسة وقابلة للقياس، وهي النتائج التي كانت الأساس في الفوز بهذه الجائزة.
* ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم خلال تنفيذ هذا المشروع في المناطق الريفية؟
- التحديات كانت عديدة ومتنوعة، بدءًا من العوامل اللوجستية التي تتعلق بالوصول إلى المناطق النائية، إلى التحديات الاجتماعية والثقافية التي ترتبط بوعي المجتمع بأهمية التعليم. ولكن بتضافر الجهود، وبالدعم المستمر من القيادة السياسية والوزارات المعنية، تمكنا من التغلب على هذه التحديات وتحقيق نتائج إيجابية.
* كيف ترون دور التكنولوجيا الرقمية في دعم جهود الهيئة في محو الأمية؟
- التكنولوجيا الرقمية تمثل أحد المحاور الرئيسية في استراتيجيتنا لمحو الأمية. نحن نعيش في عصر يتطلب التكيف مع التكنولوجيا والاستفادة منها في تحسين طرق التعليم. قمنا بإدخال أدوات التعلم الرقمي والتفاعلي في برامجنا، مما ساعدنا على الوصول إلى شريحة أكبر من المتعلمين، وساهم في تسريع عملية التعليم.
* إلى أي مدى ساهمت جهود الهيئة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر؟
- جهود الهيئة ليست فقط متعلقة بمحو الأمية، بل هي جزء لا يتجزأ من تحقيق أهداف التنمية المستدامة. التعليم هو الركيزة الأساسية لأي تنمية، وقد ركزنا على تقديم برامج تعليمية تهدف إلى تحسين جودة الحياة في المجتمعات الريفية والمهمشة. هذا لا يشمل فقط القراءة والكتابة، بل يمتد إلى تعزيز المهارات الحياتية والمهنية، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر استدامة.
* ما هو دور القيادة السياسية في دعم جهودكم بمحو الأمية؟
- الدعم الذي نحظى به من القيادة السياسية، وعلى رأسها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يمكن تجاهله. توجيهات الرئيس والقيادة السياسية تعكس اهتمام الدولة بقضية التعليم ومحو الأمية كجزء من استراتيجية بناء الجمهورية الجديدة. هذا الدعم يترجم إلى سياسات وإجراءات على أرض الواقع، تساهم في تعزيز جهود الهيئة وتحقيق نتائج ملموسة.
* كيف تعكس هذه الجائزة العالمية دور مصر الريادي في مجال محو الأمية على المستوى الدولي؟
- فوزنا بجائزة "كونفوشيوس" يبرز مكانة مصر كقائدة في مجال محو الأمية على المستوى الدولي. هذه الجائزة ليست فقط تكريمًا لجهودنا، بل هي أيضًا دعوة لمواصلة العمل والابتكار في هذا المجال. كما أن هذا الفوز يعزز من دور مصر في تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات في مجال التعليم.
* ما هي الخطط المستقبلية للهيئة بعد الحصول على هذه الجائزة؟
- نحن عازمون على استثمار هذا الفوز لفتح آفاق جديدة ومبتكرة لتعليم الكبار. خططنا المستقبلية تشمل التوسع في استخدام التكنولوجيا الرقمية، وتطوير برامج تعليمية تلبي احتياجات المجتمع المتغيرة، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني لتحقيق أهدافنا بشكل أكثر فعالية.
* كيف تخططون لتعزيز دور الشباب في جهود محو الأمية؟
- الشباب هم عماد المستقبل، ولهم دور محوري في جهود محو الأمية. نعمل على إدماج الشباب في برامجنا من خلال تعزيز ثقافة التطوع، وتوفير الفرص لهم للمشاركة في حملات التوعية والتعليم. كما نسعى لتطوير برامج خاصة بالشباب، تستهدف تعليمهم المهارات التي يحتاجونها في سوق العمل، مما يسهم في تعزيز مشاركتهم الفاعلة في المجتمع.
* هل يمكن أن تشاركنا بتجربة أو موقف أثر فيكم بشكل خاص خلال عملكم في هذا المجال؟
- أحد المواقف التي لا أنساها هو لقاء مع سيدة مسنة في إحدى القرى الريفية، كانت قد تعلمت القراءة والكتابة من خلال برامج الهيئة. تأثرت كثيرًا عندما قالت لي إنها أصبحت قادرة الآن على قراءة القرآن بنفسها دون الحاجة إلى مساعدة. هذه اللحظات تجعلنا ندرك الأثر العميق الذي يمكن أن يتركه التعليم في حياة الفرد والمجتمع.
* ما هي الرسالة التي توجهونها للأفراد الذين لا يزالون يعانون من الأمية في مصر؟
- رسالتي لهم هي أن التعليم هو حق أساسي، وهو المفتاح لتحقيق حياة أفضل. لا يوجد عمر محدد لتعلم القراءة والكتابة، وأبواب الهيئة العامة لتعليم الكبار مفتوحة دائمًا لكل من يرغب في التعلم. نحن هنا لدعمكم ومساعدتكم في رحلتكم نحو العلم والمعرفة.
* كيف يمكن للمجتمع المدني أن يدعم جهود الهيئة في محو الأمية؟
- المجتمع المدني له دور كبير في دعم جهودنا. يمكنه المساهمة من خلال المشاركة في حملات التوعية، وتقديم الدعم اللوجستي، والمساعدة في تنظيم الفصول التعليمية. الشراكات مع الجمعيات الأهلية والمؤسسات غير الحكومية تتيح لنا الوصول إلى فئات أوسع من المجتمع، وتسهم في تحقيق أهدافنا بشكل أسرع.
* ما هو الدور الذي تلعبه الهيئة في دعم الفئات الأكثر احتياجًا، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة؟
- لدينا برامج خاصة تستهدف دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث نعمل على تكييف المناهج والبرامج التعليمية لتتناسب مع احتياجاتهم. كما نحرص على توفير بيئة تعليمية ملائمة، تتيح لهم الفرصة للتعلم والتطور. نحن نؤمن بأن التعليم هو حق للجميع، بغض النظر عن التحديات التي قد تواجههم.
* ما هي أهم الإنجازات التي حققتها الهيئة خلال السنوات الأخيرة؟
- من بين أهم إنجازاتنا تحقيق نسب مرتفعة من محو الأمية في المناطق الريفية، وتوسيع نطاق البرامج التعليمية لتشمل مجموعة متنوعة من المهارات الحياتية. كما تمكنا من تعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، مما أدى إلى تحسين جودة التعليم المقدم وتوسيع نطاقه.
* كيف يمكن للهيئة أن تستفيد من الجائزة في تحسين برامجها التعليمية؟
- فوزنا بالجائزة يتيح لنا الفرصة للاستفادة من الخبرات العالمية في مجال محو الأمية. سنعمل على دراسة أفضل الممارسات العالمية وتطبيقها في برامجنا، مما سيسهم في تحسين جودة التعليم وزيادة فعاليته. كما سنسعى لتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع المؤسسات التعليمية في دول أخرى.
* ما هي الخطوات القادمة لتعزيز الشراكات الدولية في مجال محو الأمية؟
- الخطوات القادمة تشمل توسيع نطاق تعاوننا مع المنظمات الدولية، مثل اليونسكو، والمؤسسات التعليمية حول العالم. سنعمل على تبادل الخبرات والموارد، والمشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية لعرض تجربتنا والتعلم من تجارب الآخرين. الهدف هو تعزيز مكانة مصر كمركز ريادي في مجال محو الأمية على المستوى الدولي.
* في الختام، هل هناك أي رسالة توجهها للشعب المصري بمناسبة هذا الإنجاز؟
- أود أن أشكر جميع العاملين في الهيئة، وكذلك شركائنا في جامعة المنصورة، على الجهود الكبيرة التي بذلوها لتحقيق هذا الإنجاز. وأدعو جميع المصريين إلى الاستمرار في دعم جهود محو الأمية، لأن التعليم هو السبيل لتحقيق التقدم والازدهار. نحن نعمل من أجلكم، ونجاحنا هو نجاح لكل فرد في هذا الوطن.
الدكتور عيد عبد الواحد يكشف أسرار النجاح وراء فوز مصر بجائزة كونفوشيوس لمحو الأمية «حوار»