زيارة الرئيس السيسي لتركيا: كيف ستعيد تشكيل التحالفات العسكرية والسياسية في المنطقة؟
كتب- خالد عبدالحميد مصطفى
شهدت العلاقات المصرية التركية منذ بداية العقد الماضي تقلبات عديدة، إتسمت بالتوتر والقطيعة لفترة طويلة نتيجة الإختلافات الأيديولوجية والسياسية بين البلدين. إلا أن زيارة الرئيس السيسي الأخيرة إلى تركيا تُعد علامة فارقة في مسار العلاقات الثنائية، إذ تمهد لحُقبة جديدة من التعاون والتكامل على مختلف الأصعدة، لا سيما في المجال العسكري. ومع هذه الزيارة، يثار تساؤل كبير حول كيف يمكن أن تسهم في إعادة تشكيل التحالفات العسكرية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وما قد يكون لها من آثار على ميزان القوى الإقليمي.
من القطيعة إلى التقارب: مسار العلاقات المصرية التركية"
بدأت القطيعة الفعلية بين مصر وتركيا في عام 2013، بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر، حيث تبنت أنقرة موقفاً معارضاً للحكومة المصرية الجديدة، وبرزت التصريحات العدائية المتبادلة بين قادة البلدين، مما أدى إلى تجميد العلاقات الدبلوماسية والتجارية بشكل شبه كامل. إلا أن هذه القطيعة لم تدم طويلاً، إذ بدأت تتبلور محاولات للتقارب منذ عام 2020، على خلفية المتغيرات الإقليمية والدولية، والرغبة في تعزيز التعاون الإقتصادي والتجاري.
على الرغم من بطء خطوات التقارب، إلا أن البلدين أظهرا إستعداداً لتجاوز الخلافات السياسية، والتركيز على المصالح المشتركة. وفي هذا السياق، جاءت زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا كتتويج لهذه الجهود، معلنة بداية مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق بين البلدين.
أهمية التعاون العسكري بين مصر وتركيا"
تُعد مصر وتركيا من أبرز القوى العسكرية في المنطقة، حيث تمتلكان جيوشاً قوية وخبرات عسكرية متقدمة. التعاون العسكري بين البلدين قد يشكل نقلة نوعية في توازن القوى بالشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يمكن أن يسهم في خلق محور قوي قادر على مواجهة التحديات الإقليمية، مثل الإرهاب والتهديدات البحرية والنزاعات الإقليمية والمطامع الغربية.
على صعيد آخر، يشير المحللون إلى أن التعاون العسكري المصري التركي قد يمتد ليشمل مجالات مثل تصنيع الأسلحة والتدريبات المشتركة وتبادل الخبرات، مما يعزز من قدرات البلدين على حماية مصالحهما الإستراتيجية وتحقيق الأمن والإستقرار في المنطقة.
مستقبل التحالفات في الشرق الأوسط وأفريقيا
مع التقارب المصري التركي من المتوقع أن تشهد التحالفات الإقليمية إعادة تشكيل جذري. ففي الوقت الذي تعزز فيه مصر وتركيا من تعاونهما، قد تشعر بعض القوى الإقليمية والدولية بالقلق، مما قد يدفعها إلى إعادة حساباتها الإستراتيجية. هذا التعاون قد يخلق محوراً جديداً قادراً على تحقيق التوازن في مواجهة التحديات الإقليمية مثل النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا التقارب إلى تعزيز التعاون في المجالات الإقتصادية والطاقة، حيث يمكن أن تستفيد كل من مصر وتركيا من موقعهما الجغرافي الإستراتيجي في تعزيز شبكة التحالفات والتجارة عبر المنطقة.
ختاماً" تمثل زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات المصرية التركية، حيث تفتح الباب أمام حقبة جديدة من التعاون والتنسيق بين البلدين. التعاون العسكري المتوقع بين مصر وتركيا قد يسهم في إعادة تشكيل التحالفات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا، مما ينعكس بشكل إيجابي على توازن القوى في المنطقة. ومع إستمرار هذا التقارب، يظل السؤال الرئيسي هو كيف ستتمكن الدولتان من توظيف هذه الفرصة لتحقيق إستقرار وأمن دائمين في منطقة تعاني من توترات مستمرة وصراعات متعددة؟.