مصر تشرق بجائزة كونفوشيوس لمحو الأمية في مشهد عالمي يسطر فجر نهضة تعليمية
بقلم: حسن سليم
في احتفال عالمي ساحر يتوسط أجواء مدينة ياوندي بالكاميرون، حيث تلتقي الثقافة الإفريقية بالتقاليد التعليمية الراسخة، وقفت مصر مرفوعة الرأس، متألقة كعادتها، وهي ترفع جائزة كونفوشيوس لمحو الأمية، واحدة من أرفع الجوائز التي تُمنح لجهود استثنائية في مجال التعليم والتنوير. ولأول مرة، تقف جامعة المنصورة، العريقة في المعرفة والابتكار، جنبًا إلى جنب مع هيئة تعليم الكبار، تحت قيادة الأستاذ الدكتور عيد عبد الواحد، ليتوجا بهذا الإنجاز الحضاري الذي يُعد تتويجًا لجهود جبارة أسست لنهضة تعليمية جديدة في مصر.
في العقد الأخير، ومع ما يشهده العالم من تغيرات سريعة، كانت مصر تسابق الزمن لتلحق بركب التقدم، غير أن طريق التقدم لا يمكن أن يُعبد إلا عبر بوابة المعرفة. وهنا ظهر تحدي محو الأمية كأحد أكبر العوائق التي تحول بين المجتمع والنهوض. في هذا الإطار، جاء دور هيئة تعليم الكبار، التي قادت عملية تحول جذرية في مفهوم التعليم، تحت إدارة الأستاذ الدكتور عيد عبد الواحد، الرجل الذي حمل على عاتقه مسؤولية إعادة بناء هيكل تعليم الكبار للمجتمع المصري من أساسه، بهدف تمكين كل مواطن من التسلح بأقوى أسلحة العصر، ألا وهو التعليم.
كان الدكتور عيد عبد الواحد هو المهندس الأول لهذه النهضة، حيث جلب معه رؤية ثورية لمفهوم تعليم الكبار، رؤية لا تنظر للأمية كحالة حرمان من المعرفة فقط، بل كإقصاء عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ومن هذا المنطلق، أعاد بناء برامج تعليم الكبار على أسس تربوية متطورة، تراعي الفروق الفردية واحتياجات المجتمع المصري المتنوعة.
فمن خلال شراكة مثمرة بين جامعة المنصورة وهيئة تعليم الكبار، تم تطوير مناهج مبتكرة تجمع بين التثقيف الأكاديمي والتأهيل المهني، ليصبح التعليم أداة لتحسين حياة الناس مباشرة، سواء في حياتهم الشخصية أو المهنية. تم إدخال التكنولوجيا بشكل مكثف في هذه المناهج، حيث تم تطوير تطبيقات وبرامج تعليمية تفاعلية تمكن الدارسين من التعلم عبر الهواتف الذكية والحواسيب، مما جعل التعليم متاحًا للجميع في أي وقت وأي مكان.
جامعة المنصورة، التي كانت دائمًا صرحًا للعلم والابتكار، انخرطت بعمق في هذه الشراكة، حيث شارك نخبة من الأساتذة والخبراء في تصميم البرامج التعليمية وتقديم الدعم الأكاديمي والتقني. أصبحت الجامعة ليست فقط مركزًا للبحث العلمي، بل أيضًا مركزًا للإشعاع التربوي والتنموي الذي يخدم المجتمع ككل.
بقيادة هيئة تعليم الكبار، تم تنفيذ العديد من المشروعات الميدانية في مناطق نائية، حيث تم إنشاء مراكز تعليم متنقلة تقدم خدمات تعليمية في القرى والأحياء الفقيرة. هذه المراكز لم تكن تقتصر فقط على تعليم القراءة والكتابة، بل قدمت أيضًا تدريبات عملية على المهارات المهنية التي يحتاجها الأفراد لتأمين حياتهم الاقتصادية. هذا النوع من التعليم الشامل حقق نجاحات باهرة، حيث تمكن العديد من الدارسين من دخول سوق العمل وتأسيس مشروعات صغيرة بعد تخرجهم.
كان الدكتور عيد عبد الواحد هو القائد الذي أدار دفة هذا التحول. لم يكن مجرد مدير لهيئة تعليم الكبار، بل كان رجلاً يحمل رؤية ملهمة، ويسعى بكل ما أوتي من عزيمة لتحقيقها. بفضل قيادته الحكيمة، شهدت الهيئة تطورًا نوعيًا في جميع جوانب عملها. تم تطوير هيكل الإدارة والتدريب، وتم إدخال تقنيات التعليم الحديثة، فضلًا عن خلق شراكات قوية مع المؤسسات التعليمية الأخرى مثل جامعة المنصورة.
أحد أكبر إنجازات الدكتور عيد هو إدخال مفهوم "التعليم من أجل الحياة". لم يعد التعليم مجرد عملية تلقين معلومات، بل أصبح وسيلة لتحسين نوعية الحياة. تم تصميم البرامج التعليمية لتشمل مواد تربوية وتوعوية عن الصحة والبيئة، وحقوق الإنسان، والاندماج الاجتماعي. كما شجع الدكتور عيد على تكوين مجموعات دراسية صغيرة تشجع التعاون والتفاعل بين الدارسين، مما أسهم في خلق مجتمع تعليمي داعم يعزز روح الانتماء والمشاركة.
الطريق إلى جائزة كونفوشيوس لم يكن سهلًا. فقد تطلب العمل الجاد والمثابرة. كانت هناك تحديات كبيرة، بدءًا من انتشار الأمية في المناطق النائية، وصولًا إلى نقص الموارد التعليمية. لكن روح الإصرار والابتكار التي غرسها الدكتور عيد في فريقه جعلت المستحيل ممكنًا.
تم تقديم برنامج شامل إلى لجنة جائزة كونفوشيوس، يوضح الجهود المتميزة التي بذلتها هيئة تعليم الكبار بالشراكة مع جامعة المنصورة. استعرض البرنامج الأساليب المبتكرة التي تم تطبيقها، والتأثير الإيجابي على المجتمع المصري، وخاصة الفئات المحرومة. وأشادت اللجنة الدولية بهذه الجهود، معتبرة أن التجربة المصرية تمثل نموذجًا يحتذى به على مستوى العالم.
وفي لحظة تاريخية لا تنسى، وقف الدكتور عيد عبد الواحد ممثلاً لمصر في حفل توزيع جائزة كونفوشيوس، ليتسلم الجائزة بحضور العديد من الشخصيات العالمية. كانت هذه اللحظة بمثابة تتويج لجهود أجيال من المربين والعلماء الذين ساهموا في تحسين حياة ملايين المصريين.
وسط تصفيق حار من الحضور، ألقى الدكتور عيد خطابًا مؤثرًا عبر فيه عن فخره بهذا الإنجاز العظيم، وقال: إن هذه الجائزة ليست تكريمًا لجهودي الشخصية، بل هي تكريم لجهود كل مصري آمن بأهمية التعليم وأثره في بناء الأوطان. إنها جائزة لكل معلم حمل الشعلة وسار بها في طريق النور، وجائزة لكل دارس آمن بأن التغيير يبدأ من المعرفة.
وأضاف: ما حققناه اليوم هو بداية جديدة لمستقبل أفضل. فالتعليم هو السلاح الذي سنواجه به التحديات، وهو الجسر الذي سنعبر به إلى غدٍ مشرق.
إن فوز مصر بجائزة كونفوشيوس لمحو الأمية ليس مجرد إنجاز محلي، بل هو إشارة قوية للعالم بأسره أن مصر تستعيد مكانتها الريادية في مجال التعليم والتنوير. هذه الجائزة تفتح أبوابًا جديدة للتعاون الدولي، حيث بدأت العديد من الدول والمؤسسات التعليمية العالمية في التواصل مع هيئة تعليم الكبار وجامعة المنصورة لتبادل الخبرات والاستفادة من التجربة المصرية.
وفي ختام الحفل، اتفق الجميع على أن هذه الجائزة ليست نهاية الرحلة، بل هي بداية لطريق طويل من النجاح والإنجازات. فالتعليم هو أساس النهضة، ومصر تعرف جيدًا أن عليها مواصلة السعي لتكون في طليعة الدول التي تعتمد على العلم والمعرفة لبناء مستقبل أفضل لأبنائها.
بعد هذا الإنجاز التاريخي، تتطلع مصر إلى مستقبل مشرق في مجال محو الأمية والتعليم الشامل. هيئة تعليم الكبار بقيادة الدكتور عيد عبد الواحد وضعت خططًا طموحة لتعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية الدولية، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم التعليم.
كما تعمل الهيئة على توسيع برامجها لتشمل المزيد من الفئات المهمشة، مثل النساء والشباب في المناطق الريفية، والأشخاص ذوي الإعاقة. هذا التوسع يعكس رؤية شاملة لمحو الأمية لا تقتصر على تعليم القراءة والكتابة، بل تشمل تمكين الأفراد من تحسين حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
في النهاية، قصة فوز مصر بجائزة كونفوشيوس لمحو الأمية هي قصة إصرار وعزيمة، قصة مجتمع يؤمن بأن التغيير يبدأ بالتعليم. إنها شهادة على أن التعاون بين المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني يمكن أن يحقق المعجزات. ومع وجود قادة ملهمين مثل الدكتور عيد عبد الواحد، ومستقبل واعد تحت ظل رؤية تعليمية حديثة، لا شك أن مصر ستظل دائمًا منارة للعلم والتقدم في العالم.