recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

الأبواب المغلقة وأسرار التدبير الإلهي: حين يغلق باب يُفتح باب آخر

الأبواب المغلقة وأسرار التدبير الإلهي: حين يغلق باب يُفتح باب آخر


الأبواب المغلقة وأسرار التدبير الإلهي: حين يغلق باب يُفتح باب آخر


بقلم: حسن سليم

في حياة كل شخص منا، يمر بلحظات يشعر فيها بأن الأبواب قد أُغلقت أمامه، سواء كانت أبواب النجاح، العمل، العلاقات الشخصية، أو أي فرص أخرى. قد يجد الإنسان نفسه في حالة من الإحباط والحيرة، متسائلًا عن السبب الذي جعله يصل إلى هذا الموقف. ومع ذلك، وراء كل باب مغلق، يوجد سرٌّ من أسرار الله سبحانه وتعالى؛ تدبيرٌ إلهي لا يدركه الإنسان في لحظته، لكنه مع مرور الوقت يكتشف كيف أن ما كان يظنه خسارة كان في الحقيقة بداية جديدة لفرصة أعظم.


عندما يغلق في وجهك باب، قد يكون ذلك لأن الله عز وجل يريدك أن ترى ما هو أفضل لك. قد يكون ذلك الباب الذي تتوق لدخوله ليس هو الأصلح لك، وقد تتعلق بأشياء قد تكون فيها ضررًا لك على المدى البعيد. لذلك، فإن الله يغلق هذا الباب بيده الحكيمة، ولكن ليس ليتركك في الظلام، بل ليدلك على باب آخر لم تكن تعلم أنه موجود. الباب الآخر هو الأمل الجديد، وهو الفرصة التي لم تكن في حسبانك، ولكنه يحمل الخير والبركة لك.


التسليم لأمر الله والثقة بأن ما يُغلق اليوم سيُفتح غدًا بروح جديدة هو جزء أساسي من الإيمان. فالله سبحانه وتعالى هو المدبر الحكيم، لا يغلق بابًا إلا لحكمة ولا يمنع عن عبده شيئًا إلا لخير أكبر. قال تعالى في كتابه الكريم: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216). 


هذه الآية الكريمة تذكرنا بأن نظرتنا للأمور قد تكون محدودة، وقد نظن أن ما نريده هو الأفضل لنا، ولكن الله سبحانه وتعالى يعلم ما هو الأصلح والأفضل لنا.


إذا نظرنا إلى تجارب حياتنا السابقة، سنجد الكثير من المواقف التي أغلق فيها الله أمامنا أبوابًا، ثم بعد فترة من الزمن، اكتشفنا أن ذلك كان لحكمة عظيمة. ربما كنا في طريق مسدود، وربما كانت تلك الفرص التي فاتتنا ستكون مصدر ألم أو مشقة، ولكن مع مرور الوقت فتح الله لنا أبوابًا أفضل بكثير مما كنا نتوقع. فكلما أغلق باب، كان هناك باب آخر ينتظرنا، باب يفتح على فرصة جديدة، أو درس عظيم، أو حتى تجربة تجعلنا أقوى وأقدر على مواجهة التحديات.


أحيانًا يكون من الصعب تقبل إغلاق الأبواب، ولكن الصبر هو مفتاح الخروج من تلك اللحظات. الصبر لا يعني السكون والجمود، بل يعني العمل والبحث عن الفرص الجديدة بثقة بأن ما كُتب لك سيأتي في وقته المناسب. وما دمت تتوكل على الله وتسير في طريق الخير، فإن ما يخبئه لك سيكون أفضل مما تمنيت.


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك". هذا الحديث يعزز فكرة أن ما يجري في حياتنا هو وفق تدبير إلهي محكم، لا يخطئ أبدًا. كل ما يحدث هو بقدر الله، ولا يحدث شيء إلا لحكمة نجهلها الآن، ولكن سنكتشفها لاحقًا.


ومن أجمل الدروس التي تعلمناها من الأبواب المغلقة هو أن الفشل ليس نهاية الطريق، بل قد يكون بداية النجاح. الكثير من الشخصيات العظيمة التي تركت بصماتها في التاريخ مرت بفترات من الفشل واليأس. ولكن بعد كل باب مغلق، كانوا يجدون القوة للاستمرار، وكانت النجاحات العظيمة تنتظرهم على الجانب الآخر.


كم من مشروع فشل في بدايته، ولكنه تحول لاحقًا إلى قصة نجاح مذهلة. وكم من شخص خسر فرصة عمل، ليكتشف أن الفرصة الحقيقية كانت تنتظره بعد هذا الفقد. إنها قدرة الله على تحويل المحن إلى منح، والأزمات إلى فرص.


فعندما يغلق الله بابًا في وجهك، فلا تحزن ولا تيأس. قد يكون هذا الباب المغلق هو رسالة لك لتعيد التفكير، لتبحث عن مسارات جديدة، أو لتنتظر فرصة أفضل قد كتبها الله لك في وقت لاحق. في النهاية، الثقة في الله واليقين بأنه لا يضيع عبده المؤمن ستفتح لك الأبواب التي لم تتوقعها أبدًا.


وفي لحظات الألم والخيبة، حين يُغلق باب كنت تعتقد أنه طريقك الوحيد، تتكشف حكمة السماء. تلك الأبواب التي تُغلق في وجهك ليست سوى إشارات خفية، بأن شيئًا أعظم ينتظرك. الله، بقدرته ولطفه، يدبر لك ما لم يخطر على بالك. الأبواب المغلقة هي بداية لفرص جديدة، وطرق لم تتوقعها، مليئة بالدهشة والرحمة. لا تيأس إن شعرت أن الدنيا ضاقت، فكل إغلاق هو بداية فتح باب لم تكن تعرف بوجوده، لكن الله كان يخطط له خصيصًا لك.


وختاما، ففي كل تجربة مؤلمة، يوجد درس عظيم، وفي كل باب مغلق، يوجد فتح من الله لا يخطر على بالك. فقط ثق بتدبيره، واعمل واجتهد، وتذكر دائمًا أن الله هو من يدبر لك الأبواب التي ستدهشك.

google-playkhamsatmostaqltradent