المعلم القدوة: بين رسالته النبيلة وسقوطه في فخ الإدمان
الدكتور - ناصر الجندي
مهنة التعليم هي الأساس الذي تُبنى عليه المجتمعات وتُصقل من خلالها عقول الأجيال القادمة. تحمل هذه المهنة مسؤولية كبيرة في غرس القيم الأخلاقية ونقل المعارف، وهو ما يجعل المعلم بمثابة قدوة يُحتذى بها. غير أن وجود بعض النماذج السلبية بين المعلمين، مثل تعاطي المخدرات أو التصرف بسلوكيات غير لائقة، يهدد قدسية التعليم، ويُعرض مستقبل الطلاب للخطر. وفي ظل هذه المخاطر، يصبح استئصال هذه النماذج ومحاسبتها قانونيًا ضرورة لا يمكن التغاضي عنها.
المعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو نموذج يُحتذى به في القيم والسلوك. دوره يمتد إلى التأثير في أخلاق الطلاب وتوجيههم ليصبحوا أفرادًا نافعين في المجتمع. وفقًا لما ذكره دسوقي (2022)، فإن "المعلم يملك قدرة فريدة على بناء عقول الطلاب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، مما يجعله جزءًا لا يتجزأ من أي عملية تنموية". ولذلك، فإن أي إخفاق في الالتزام بمعايير المهنة يُعتبر خيانة لهذه المسؤولية العظيمة.
التأثير السلبي على الطلاب: الطلاب يتعلمون من خلال التقليد والملاحظة. وجود معلم يُظهر سلوكيات إدمانية أو غير لائقة يجعل الطلاب عرضة لتبني سلوكيات مماثلة. محمود وأحمد (2021) أشارا إلى أن "وجود قدوة سلبية داخل الفصل الدراسي يُربك القيم الأخلاقية للطلاب، ويُضعف تحفيزهم على التعلم".
تعطيل البيئة المدرسية: السلوكيات السلبية، مثل الإدمان أو الإهمال الوظيفي، تسبب توترات داخل بيئة العمل المدرسية، مما يؤدي إلى ضعف التعاون وتدهور الأداء الجماعي. ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية (2020)، فإن "السلوكيات السلبية في بيئة العمل تُضعف الإنتاجية وتزيد من مستويات الضغط النفسي بين الموظفين".
تهديد سمعة التعليم: وجود معلمين يتسمون بالسلوكيات السلبية يُشوه صورة التعليم، ويفتح المجال أمام انتقادات مجتمعية حادة، مما يُضعف الثقة بالنظام التعليمي ككل، استئصال النماذج الرافضة للإصلاح: النماذج السلبية في التعليم يجب مواجهتها بحزم، ليس فقط من أجل حماية العملية التعليمية، ولكن أيضًا لحماية المجتمع من التداعيات الخطيرة لهذه الظواهر. وفي حال رفض هذه النماذج الدخول في برامج تأهيلية أو الالتزام بمعايير المهنة، يصبح استبعادها من المنظومة التعليمية ضرورة ملحة.
تعاطي المخدرات جريمة يُعاقب عليها القانون، وخاصة إذا اقترنت بممارسة مهنة التعليم. المعلم الذي يتورط في هذه الجريمة يجب أن يُحاسب جنائيًا وفقًا للقانون، لما يُمثله من تهديد مباشر لسلامة الطلاب وسمعة المؤسسة التعليمية.
في حالة ثبوت تعاطي المخدرات أو أي سلوك غير أخلاقي، يجب فصل المعلم من وظيفته فورًا كإجراء رادع. الفصل لا يُعد عقابًا فقط، بل هو وسيلة لحماية الطلاب وزملاء العمل من التأثيرات السلبية، اختبارات دورية: إجراء اختبارات مفاجئة ودورية للكشف عن تعاطي المخدرات بين العاملين في التعليم، التقييم السلوكي: إدخال معايير لتقييم السلوك المهني للمعلمين.
قبل اللجوء إلى العقوبات النهائية، يُمكن توفير برامج تأهيلية لإعطاء المعلم فرصة للإصلاح. ومع ذلك، إذا رفض المعلم الانخراط في هذه البرامج، فإن استبعاده من النظام التعليمي يصبح حتميًا، الجرائم المرتبطة بالإدمان داخل المؤسسات التعليمية: القوانين تحظر بشكل صارم تعاطي أو تداول المواد المخدرة داخل المؤسسات التعليمية. وفي حال ثبوت تورط المعلم، يُمكن أن يُواجه عقوبات بالسجن، بالإضافة إلى الحظر من ممارسة المهنة نهائيًا.
إلى جانب المحاسبة الجنائية، يُمكن للمعلم أن يُواجه مساءلة مهنية تتضمن سحب تراخيص مزاولة المهنة، وفقدان الامتيازات الوظيفية، لمواجهة هذه التحديات، يجب على المؤسسات التعليمية وضع سياسات صارمة تشمل: تعزيز التعاون بين وزارة التربية والتعليم والجهات الأمنية لتتبع حالات الإدمان بين المعلمين، إنشاء وحدة خاصة لمتابعة سلوكيات العاملين داخل المدارس، فرض عقوبات صارمة على المؤسسات التي تتهاون مع مثل هذه الحالات.
مهنة التعليم هي رسالة أخلاقية سامية يجب أن يُؤديها المعلمون بأمانة ومسؤولية. ومع ذلك، فإن وجود نماذج سلبية بين المعلمين يُهدد استقرار النظام التعليمي ومستقبل الطلاب. استئصال هذه النماذج ومحاسبتها قانونيًا يُعد ضرورة لا غنى عنها لحماية التعليم وضمان بيئة تربوية سليمة. الحفاظ على جودة التعليم يبدأ من الالتزام بتطبيق القانون ومعايير الأخلاقيات المهنية على الجميع دون استثناء.
الدسوقي، م. (2022). دور المعلم في بناء المجتمعات المعاصرة. القاهرة: دار الفكر، محمود، أ.، & أحمد، م. (2021). تأثير الإدمان على الأداء الوظيفي: دراسة ميدانية. مجلة العلوم الاجتماعية، 45(3)، 122-135، منظمة الصحة العالمية. (2020). تأثير السلوكيات السلبية في بيئة العمل. جنيف: منظمة الصحة العالمية، علي، ن. (2019). إعادة تأهيل المدمنين: استراتيجيات وأدوات. مجلة الصحة النفسية، 33(2)، 87-95.