"مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصري ودورها في تعزيز دور المرأة المصرية في التنمية"
كتب - د أيمن عيسى
تعد مبادرة "بداية" واحدة من المبادرات الرئاسية الرائدة في مصر، التي تهدف إلى بناء الإنسان المصري وتطوير المهارات والقدرات لمواكبة متطلبات العصر، بالإضافة إلى دعم مشاركة المرأة المصرية في مسيرة التنمية الوطنية.
هذه المبادرة، التي أطلقتها الحكومة المصرية بتوجيه مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتعاون مع العديد من المنظمات المحلية والدولية، تعكس الالتزام الوطني بتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة، وتستهدف بناء قدرات الشباب والمرأة لتحقيق مجتمع قادر على المنافسة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
تسعى مبادرة بداية إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها: تنمية المهارات البشرية: تركز على تطوير مهارات وقدرات الأفراد، وخاصة المرأة، من خلال توفير التدريب اللازم وتأهيلهم لسوق العمل، تشجيع التمكين الاقتصادي: تعمل على خلق فرص عمل ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للأسر المصرية، رفع الوعي الثقافي والمجتمعي: تهدف إلى نشر الوعي حول قضايا المرأة ودورها في المجتمع، وتشجيع مشاركتها في كافة المجالات.
تحقيق التنمية المستدامة: تلتزم بالمساهمة في الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، وخاصة فيما يتعلق بتعزيز المساواة بين الجنسين والقضاء على الفقر، لعبت مبادرة بداية دورًا محوريًا في دعم المرأة المصرية وتعزيز مكانتها في المجتمع من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج التي تستهدف تمكينها على عدة مستويات، من أهمها:
تعتبر البرامج الاقتصادية أحد أهم عناصر مبادرة بداية، حيث تتيح فرصًا للنساء للدخول إلى سوق العمل وتمكنهن من البدء في مشروعاتهن الخاصة. من خلال توفير التدريب والإرشاد والدعم المالي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تساعد المبادرة النساء في بناء قدراتهن وتعزيز استقلاليتهن المالية، مما يؤثر إيجابيًا على أسرهن والمجتمع ككل.
تهتم المبادرة بتوفير التعليم والتدريب المهني للمرأة المصرية، خاصة في المناطق الريفية والمحرومة. عبر تقديم برامج تدريبية متخصصة وتوفير فرص للتعليم المستمر، تهدف المبادرة إلى تمكين المرأة من اكتساب المهارات التي تحتاجها لسوق العمل، مما يسهم في تحسين فرصها الاقتصادية والاجتماعية.
تدرك المبادرة أهمية الصحة الجسدية والنفسية للمرأة وتأثيرها المباشر على قدرتها في المشاركة الفعالة في المجتمع. لذلك، تقدم برامج توعية صحية تشمل نصائح حول التغذية، الصحة الإنجابية، والدعم النفسي. كما تعزز المبادرة الوعي الاجتماعي من خلال عقد ورش عمل وحلقات نقاش حول حقوق المرأة وقضايا العنف الأسري وأهمية التعليم.
لمبادرة بداية تأثير كبير على التنمية المجتمعية في مصر، حيث ساهمت في إحداث تغييرات إيجابية ملموسة في المجتمع المصري من خلال تحسين أوضاع المرأة وزيادة مشاركتها في التنمية. يتمثل هذا التأثير في: تسهم المبادرة في تمكين المرأة اقتصاديًا، مما يؤدي إلى زيادة مشاركتها في سوق العمل. في ظل ارتفاع نسبة النساء اللاتي يحصلن على فرص العمل، تقلّ معدلات البطالة بين النساء، وتتحسن الظروف المعيشية للعديد من الأسر المصرية، ما يسهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد الوطني.
من خلال دعم المشروعات الصغيرة وتقديم القروض متناهية الصغر، تمكنت الكثير من النساء من بدء مشروعاتهن الخاصة، مما يمنحهن الاستقلالية المالية. يساعد ذلك النساء على توفير دخل ثابت لهن ولأسرهن، ويدعمهن في مواجهة تحديات الحياة اليومية.
تؤدي المبادرة إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع، حيث تشارك النساء في بناء مجتمع أكثر عدالة وتوازنًا، وتكون شريكة في اتخاذ القرارات المهمة. من خلال برامج التوعية التي تقدمها المبادرة، يتم تعزيز قيم التسامح، والتضامن، واحترام حقوق الإنسان، ما ينعكس على النسيج الاجتماعي، رغم النجاحات التي حققتها مبادرة بداية، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي تواجهها في تحقيق أهدافها، ومنها:
تشكل بعض العادات والتقاليد الاجتماعية عائقًا أمام انخراط المرأة في الحياة العامة، خاصة في المجتمعات الريفية. لذا، تواجه المبادرة تحديًا في تغيير النظرة التقليدية نحو دور المرأة وحقوقها في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية.
على الرغم من الدعم الحكومي، إلا أن هناك تحديات تتعلق بنقص الموارد المالية اللازمة لتوسيع نطاق برامج المبادرة. تعتمد المبادرة على دعم الجهات المانحة والشركاء الدوليين، إلا أن الاستدامة المالية تشكل تحديًا رئيسيًا لضمان استمرارية الأنشطة وتحقيق الأهداف، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة، حيث تعاني هذه المناطق من نقص في المرافق التعليمية والصحية، مما يجعل الوصول إلى البرامج والخدمات المقدمة للمرأة أمرًا صعبًا، ويقلل من فعالية المبادرة في تلك المناطق.
في المستقبل، من المتوقع أن تستمر مبادرة بداية في تحقيق نتائج ملموسة وإحداث تأثير إيجابي على المجتمع المصري، خصوصًا مع ازدياد وعي المجتمع بأهمية تمكين المرأة. لتحقيق هذا النجاح، يمكن للمبادرة أن تتبنى عدة استراتيجيات، منها: تعزيز الشراكات الدولية: من خلال التعاون مع المنظمات الدولية، يمكن توفير مزيد من الدعم المالي والفني.
توسيع نطاق البرامج: بالوصول إلى المناطق الأكثر احتياجًا والتركيز على تدريب الشباب إلى جانب المرأة، حيث يمكن تقديم برامج متكاملة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، ترسيخ ثقافة المساواة: بتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية المساواة بين الجنسين ودور المرأة كشريك في التنمية.
هذا وتُعد مبادرة بداية نموذجًا ملهمًا لتمكين المرأة المصرية وتعزيز دورها في المجتمع. من خلال دعمها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، تسهم المبادرة في بناء جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل والمشاركة الفعالة في التنمية. ومن خلال تجاوز التحديات واستثمار الإمكانيات، ستواصل هذه المبادرة لعب دور محوري في تحقيق التغيير الإيجابي وتعزيز مكانة المرأة في مصر، بما يحقق مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة.