آن أوان عودة الفن الراقي
بقلم: بيتر ناجي
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع وزميل جمعية الضرائب
في خطوة تؤكد حرص الدولة على بناء الوعي العام وتشكيل الذوق الثقافي للمجتمع، أصدر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهاته باختيار الأعمال الفنية التي تحمل رسائل هادفة وتعزز من القيم الإيجابية في المجتمع، مؤكدًا على الدور المحوري للفن كقوة ناعمة قادرة على التأثير في عقول وقلوب المواطنين.
لم يعد الفن في نظر الدولة ترفًا أو وسيلة ترفيه فقط، بل بات يُنظر إليه كأداة استراتيجية في معركة الوعي، خاصة في ظل التحديات الفكرية والثقافية التي تواجهها المجتمعات. توجيهات الرئيس تأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل ما نشهده من انتشار لبعض الأعمال التي تفتقر إلى الرسالة أو تغيب عنها القيم، ما يستدعي وقفة جادة لإعادة توجيه البوصلة الفنية نحو المحتوى الهادف.
التجارب التاريخية تؤكد أن الأعمال الفنية التي تحمل مضمونًا راقيًا وهادفًا كان لها دور كبير في تشكيل الشخصية الوطنية، سواء من خلال الدراما، أو السينما، أو المسرح، أو الأغنية. تلك الأعمال لم تكتف بتقديم المتعة، بل رسخت مفاهيم الانتماء، والعدل، والمواطنة، واحترام الآخر.
توجيه الرئيس لا يقع فقط على عاتق الجهات المنتجة، بل هو دعوة مفتوحة للفنانين، والكتّاب، والمبدعين، ولكل من يشارك في صناعة المحتوى، أن يرتقوا بما يُقدَّم للجمهور، وأن يضعوا نصب أعينهم أهمية الرسالة التي يحملها الفن، خاصة في ظل ما يشهده العالم من صراع ثقافي وإعلامي.
الفن الهادف لا يعني بالضرورة أن يكون تقليديًا أو مباشرًا، بل هو ذلك الفن الذي يمزج بين الإبداع والرسالة، ويجعل من القضايا المجتمعية مادة إنسانية تجذب المشاهد وتمنحه قيمة مضافة. التحدي الحقيقي أمام صناع الفن اليوم هو كيف يقدمون محتوى ممتعًا وعميقًا في آنٍ واحد.
ختامًا
في زمن باتت فيه المنصات الرقمية مصدرًا رئيسيًا لتشكيل وعي الأجيال الجديدة، تصبح الحاجة إلى الفن الهادف أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. توجيه السيد الرئيس هو بمثابة دعوة لإعادة الاعتبار للفن كمنبر توعوي وتنويري، يحمل رسالة بناء لا هدم، يرتقي بالذوق العام، ويصنع أجيالاً تعرف قيمة الكلمة والصورة والموقف.