recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

سوق الذهب على صفيح ساخن: الفائدة تهبط والأسعار تترقب

الحجم

 

سوق الذهب على صفيح ساخن: الفائدة تهبط والأسعار تترقب


سوق الذهب على صفيح ساخن: الفائدة تهبط والأسعار تترقب


كتبت: هدى العيسوي


هبطت أسعار الفائدة في مصر لأول مرة منذ شهور طويلة من التشديد النقدي، ليبدأ المشهد الاقتصادي في رسم ملامح جديدة تحمل بين طياتها تغييرات مرتقبة، خاصة في سوق الذهب الذي لطالما كان مرآة لتحركات السياسة النقدية ومؤشرًا حساسًا لنبض الاقتصاد.


البنك المركزي المصري أعلن خفضًا كبيرًا بمقدار 225 نقطة أساس، مستندًا إلى مؤشرات ربع أول واعدة من عام 2025، حيث أظهرت الأرقام تباطؤًا ملحوظًا في معدلات التضخم، التي تراجعت إلى 13.6% على المستوى العام، و9.4% للتضخم الأساسي في مارس. ومع تراجع أسعار السلع الغذائية وتعافي النشاط الاقتصادي للربع الرابع على التوالي، بدا أن الوقت قد حان لفتح باب التيسير النقدي.


القطاعات غير البترولية والتجارة والسياحة كانت محركات النمو، ومع تسجيل الاقتصاد لمعدل نمو تجاوز 4.3%، بدأت السياسة النقدية في التكيف مع المستجدات. ورغم استمرار المخاطر المرتبطة بالإصلاحات المالية العامة والتوترات الإقليمية، إلا أن البنك المركزي وجد فرصة سانحة لإطلاق شرارة التغيير.


وفي قلب هذه التغييرات، يقف الذهب متأهبًا. ذلك المعدن الأصفر الذي لا يفقد بريقه في أوقات التحول، يترقب كيف ستعيد السوق ترتيب أولوياتها.


الذهب يربح مع تراجع الفائدة


بحسب تحليل حديث صادر عن مؤسسة جولد بيليون، فإن الانعكاسات على سوق الذهب المحلي بدأت تتشكل وإن ببطء، مع توقعات بأن تصبح أكثر وضوحًا خلال المرحلة المقبلة.


أولى تلك التأثيرات تتمثل في تراجع جاذبية الادخار البنكي. فعندما تنخفض الفائدة، يتراجع العائد على الودائع والشهادات، ما يدفع المدخرين للبحث عن ملاذات أكثر أمنًا لحفظ القيمة، ويأتي الذهب في مقدمتها. هذه الخطوة من شأنها أن تعزز الطلب المحلي على الذهب، وتدعم بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة.


الجنيه والذهب.. علاقة مشروطة


التحليل يشير أيضًا إلى أن تراجع الجنيه المحتمل نتيجة انخفاض الفائدة قد يكون عاملًا إضافيًا في رفع أسعار الذهب، إذ أن الذهب يُسعر بالدولار، وأي ضعف في الجنيه ينعكس تلقائيًا على السوق المحلي، حتى وإن بقيت الأسعار العالمية مستقرة. هذا السيناريو يفتح الباب أمام ارتفاع تدريجي في الأسعار، ليس بسبب تحركات البورصات العالمية، وإنما بفعل الداخل الاقتصادي المصري.


السوق تنتظر.. والذهب يتماسك


رغم تلك العوامل، إلا أن السوق لم تشهد قفزات كبيرة حتى الآن. سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا – تحرك بشكل طفيف ليسجل 4770 جنيهًا مقارنة بـ4765 جنيهًا صباح اليوم، بعد أن سجل أمس أعلى سعر له عند 4790 جنيهًا. هذه التحركات المحدودة تعكس حالة من الترقب، وربما أيضًا انتظار المستثمرين لمزيد من المؤشرات، سواء من البنك المركزي أو من سوق الصرف.


الذهب يحتفظ بجاذبيته في الأزمات


ومع استمرار التوترات الإقليمية، وتوقعات بمزيد من التيسير النقدي خلال الأشهر المقبلة، يظل الذهب الخيار الأبرز للمستثمرين. باعتباره ملاذًا آمنًا وأداة تحوط ضد المخاطر، يحافظ على مكانته في قائمة الأولويات المالية، سواءً لدى الأفراد أو المؤسسات.


تحليل جولد بيليون خلص إلى أن التأثير الحقيقي لخفض الفائدة لم يظهر بعد، لكنه قادم. وكل المعطيات الحالية توحي بأن سوق الذهب المحلي يستعد لجولة جديدة من الصعود، خاصة إذا ما استمرت السياسات التوسعية أو تعرض الجنيه لمزيد من الضغوط.


في هذا المشهد المتغير، لا يبدو الذهب في مصر مجرد معدن ثمين، بل أشبه ببوصلة مالية ترشد المستثمرين وسط تداخل السياسات والقرارات الكبرى. وبينما تهبط الفائدة وتتحرك المؤشرات، يظل الذهب في موقع المراقب المستعد للانطلاق.

google-playkhamsatmostaqltradent