recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

أمريكا تعلن الحرب الاقتصادية على العالم.. أزمة عالمية وفرصة استراتيجية للاقتصاد المصري

الحجم

 

أمريكا تعلن الحرب الاقتصادية على العالم.. أزمة عالمية وفرصة استراتيجية للاقتصاد المصري

أمريكا تعلن الحرب الاقتصادية على العالم.. أزمة عالمية وفرصة استراتيجية للاقتصاد المصري


بقلم: د. بيتر ناجي 

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع وزميل جمعية الضرائب

بينما يتصاعد الجدل عالميًا حول قرارات الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية شاملة على معظم الواردات، تنفتح أمام الاقتصاد المصري فرصة ذهبية لإعادة التمركز على خارطة التجارة العالمية.

ففي الوقت الذي يرى فيه خبراء أن هذه الإجراءات تمثل تصعيدًا خطيرًا في مسار الحمائية الاقتصادية، يمكن لمصر أن تستفيد من هذه التحولات إذا تحركت بخطة واضحة واستراتيجية مدروسة.

تحوّل في موازين التجارة الدولية

القرارات التي اتخذتها واشنطن مؤخرًا، بفرض رسوم جمركية على الواردات من الصين، والاتحاد الأوروبي، وعدة دول أخرى، أعادت إلى الأذهان أجواء الحروب التجارية التي تُربك الأسواق، وتدفع كثيرًا من المستثمرين والمصنعين حول العالم لإعادة النظر في سلاسل التوريد والشركاء التجاريين.

هذه القرارات لا تمثل فقط ضغوطًا على الاقتصاد العالمي، بل قد تُعيد تشكيل خريطة التجارة الدولية، وهو ما يمكن لمصر أن تستفيد منه إذا نجحت في التموضع كمركز صناعي ولوجستي بديل.

فرص لمصر في الأسواق العالمية

مع تراجع القدرة التنافسية لبعض الدول المصدّرة إلى السوق الأمريكي نتيجة الرسوم المفروضة، يمكن للمنتجات المصرية أن تجد فرصًا جديدة لدخول أسواق كانت مغلقة أو صعبة النفاذ.

وتبرز هنا قطاعات محددة مثل:

الملابس الجاهزة والمنسوجات

الصناعات الغذائية

البلاستيك والكيماويات

الأسمدة والمنتجات الزراعية المصنعة

هذه القطاعات تمتلك بالفعل قاعدة إنتاجية في مصر، ويمكن تطويرها لتلبية المعايير العالمية، بما يسمح لها بالتوسع في التصدير إلى الولايات المتحدة وغيرها من الأسواق التي تبحث عن بدائل أقل تكلفة.

مصر كوجهة استثمارية بديلة

في ظل تزايد التوترات التجارية، قد تلجأ شركات كبرى إلى نقل خطوط إنتاجها من دول تواجه رسومًا مرتفعة، مثل الصين أو المكسيك، إلى أسواق جديدة.

وهنا، تتمتع مصر بعدة عوامل جذب:

موقع جغرافي استراتيجي يربط بين ثلاث قارات

اتفاقيات تجارة حرة مع أسواق ضخمة مثل الاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية

بيئة استثمارية في تحسن تدريجي

تكلفة إنتاج تنافسية نسبيًا

وتُعد المناطق الصناعية الجديدة، ومحور قناة السويس، وجهات واعدة لجذب هذه النوعية من الاستثمارات التي تستهدف التصدير للأسواق العالمية.

محور قناة السويس في قلب التحوّلات

مع تغير مسارات التجارة الدولية، تُتاح فرصة لتعزيز مكانة قناة السويس ليس فقط كممر ملاحي، بل كمركز لوجستي متكامل.

يمكن لمصر أن تُعيد الترويج لمحور قناة السويس كمركز توزيع إقليمي يوفر خدمات النقل والتخزين والتصنيع الخفيف، خاصة في ظل رغبة كثير من الشركات في تقليص المسافات الزمنية والكُلف اللوجستية بين المنتج والمستهلك.

تنويع الشراكات التجارية... وتوسيع النفوذ

تفتح الحرب التجارية الباب أمام مصر لتعزيز شراكاتها مع دول تبحث عن بدائل للتعاملات الأمريكية، سواء في أوروبا أو آسيا أو أفريقيا.

فمع تعطل سلاسل الإمداد التقليدية، تُتاح الفرصة لبناء روابط تجارية جديدة، وتحقيق قدر أكبر من التنويع في الأسواق، وهو ما يُسهم في تقليل الاعتماد على أسواق محددة.

ختامًا: الاستعداد الذكي هو مفتاح المكسب

رغم أن القرارات الأمريكية تفرض تحديات على الاقتصاد العالمي، إلا أنها تخلق كذلك فرصًا للدول التي تمتلك رؤية وقدرة على التحرك.

ومصر، بما تملكه من موقع وقدرات وإمكانيات تصنيعية، يمكن أن تكون أحد المستفيدين من هذا التحوّل، إذا وُضعت خطة وطنية مرنة، تُراهن على التصدير، وجذب الاستثمار، وتكامل المنظومة اللوجستية.

ففي عالم لا يعترف بالثبات، تبقى الدول التي تتحرك سريعًا وتستثمر في التغيير، هي الأكثر قدرة على اقتناص الفرص وسط الأزمات.



google-playkhamsatmostaqltradent